نشر موقع فوربس تقريرا موسعا للخبير المالي أناتولي إيوفي المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة “آيس بريدج” للخدمات المالية تناول فيه التحديات التي تواجه الشركات العائلية عند محاولة نقل القيادة إلى الجيل الثاني.
التقرير -الذي نشر ضمن سلسلة مقالات “مجلس فوربس المالي”- حذر من أن كثيرا من الشركات العائلية لا تنهار بسبب مشكلات مالية، بل بسبب أخطاء في التخطيط والإدارة العائلية.
ويرى إيوفي أن نجاح عملية التوريث لا يتطلب فقط حسن النية أو الثروة، بل يتطلب رؤية واضحة وتخطيطا طويل الأمد وقدرا كبيرا من الشفافية والحوكمة العائلية.
وفيما يلي الأخطاء العشرة الأبرز التي رصدها التقرير:
1. فرض العمل على الأبناء دون مراعاة رغباتهم
أحد أكثر الأخطاء شيوعا -بحسب “فوربس”- هو اعتقاد الوالدين بأن أبناءهما سيرغبون تلقائيا في تسلّم دفة القيادة، متناسين أن لدى الأبناء اهتمامات قد تكون بعيدة عن قطاع العائلة، قد يكون الابن شغوفا بالطب أو الفن أو التكنولوجيا فيما يُدفع إلى العمل في مجال لا يناسبه، مما يولّد حالة من النفور أو اللامبالاة.
والحل المقترح هو فتح حوار مفتوح ومبكر مع الأبناء بشأن تطلعاتهم الحقيقية، ومنحهم فرصا للمشاركة بطرق غير تقليدية، مثل مجالس الإدارة أو المؤسسات غير الربحية التابعة للعائلة.
2. تأجيل الحوارات الصعبة بشأن الخلافة والمسؤوليات
الكثير من رواد الأعمال يتجنبون مناقشة المواضيع الحساسة مثل من سيخلفهم، وما الأدوار التي سيتولاها كل فرد من أفراد العائلة، هذا الصمت يؤدي إلى غموض، والغموض يولّد صراعا.
وينصح التقرير بعقد اجتماعات عائلية منظمة ومصحوبة بمستشارين محايدين لمناقشة الرؤية المستقبلية، وتحديد المهام والمسؤوليات، بما يضمن انتقالا سلسا في المستقبل.
3. حماية الأبناء من التحديات بشكل مفرط
الثروة بدون عمل تُنتج شعورا زائفا بالأحقية يحرم الأبناء من المهارات الحياتية الأساسية، مثل الصبر والعمل تحت الضغط والتعلم من الأخطاء.
وينبغي للأهل أن يتركوا أبناءهم يواجهون الصعوبات، وأن يشجعوهم على اتخاذ قرارات خاطئة أحيانا، لأن القادة العظماء يُصنعون من التجربة لا من الامتيازات، بحسب ما قاله الخبير.
4. الخلط بين الحماس والكفاءة
قد يُظهر أحد الأبناء حماسة كبيرة تجاه الشركة، لكن هذا لا يعني أنه مستعد أو مؤهل فعليا لقيادتها، منح المناصب القيادية بناء على العاطفة لا على الكفاءة قد يؤدي إلى خسارة الموظفين الأكفاء وتدمير العلاقات بين الإخوة.
ويدعو التقرير إلى وضع معايير واضحة للمؤهلات، والاستعانة بخبراء خارجيين لتقييم مدى جاهزية الجيل الجديد.
5. منح القيادة قبل كسب الاحترام
تعيين الابن في منصب إداري رفيع دون أن يمر بمراحل التدريب أو العمل الميداني يضعف مصداقيته أمام الموظفين، الاحترام لا يُمنح، بل يُكتسب من خلال الجهد والعلاقات.
ويوصي التقرير ببدء الأبناء من مواقع منخفضة داخل الشركة، وتعيين مرشدين مهنيين لهم، ليبنوا سجلا حقيقيا من الإنجاز والتجربة.
6. ترك الموظفين في الظل
أحد أسباب التوتر داخل الشركات العائلية هو إشراك الأبناء فجأة في القيادة دون إبلاغ الموظفين، مما يشعرهم بعدم الأهمية أو بالخيانة أحيانا.

وينبغي على الإدارة أن تشرك كبار الموظفين في حوارات الخلافة، وأن توضح أن أبناء العائلة سيخضعون لمعايير مهنية صارمة.
7. تأخير التخطيط للإرث حتى اللحظة الأخيرة
كثير من أصحاب الشركات يؤجلون وضع خطط الخلافة حتى يواجهوا مشكلة صحية أو قرار تقاعد مفاجئ، مما يجعل العملية مرتجلة ومشحونة.
التخطيط للإرث عملية طويلة تتطلب سنوات من التدريب والتخطيط الضريبي وبناء الثقافة العائلية، كلما بدأ الأب في وقت أبكر كانت النتائج أكثر استقرارا.
8. إظهار جانب المعاناة فقط دون تسويق الرؤية
ينشأ الأبناء أحيانا على سماع شكاوى الآباء بشأن ضغوط العمل دون أن يدركوا القيمة الحقيقية لما تقدمه الشركة للمجتمع.
ويشدد التقرير على ضرورة تعريف الأبناء برؤية الشركة وإنجازاتها وتأثيرها الإيجابي حتى يتمكنوا من الارتباط بها وجدانيا.
9. انتقاد الشركة أمام الأبناء
إذا كانت الأحاديث الأسرية مليئة بالانتقادات والشكوى فإن الأبناء سيكوّنون صورة سلبية عن العمل حتى لو كان ناجحا.
ويذكّر التقرير الآباء بأن عليهم ممارسة القيادة الإيجابية، وأن يوازنوا بين الشفافية بشأن التحديات والتعبير عن الفخر بما تم تحقيقه.
10. الإشراف المباشر من الوالد على الابن
خلط التسلسل الهرمي الأسري مع التسلسل الوظيفي يعيق استقلالية الابن، ويضعف قدرة التقييم الموضوعي.
ويوصى بأن يكون الابن تابعا لمسؤول تنفيذي مستقل يقيّمه ويوجهه بعيدا عن التوترات العائلية.
ويرى “فوربس” أن الانتقال السلس في الشركات العائلية لا يتم من خلال الإملاء أو العاطفة، بل من خلال الإلهام والتخطيط الممنهج والاعتماد على مستشارين محايدين، الإرث الحقيقي لا يُفرض، بل يُبنى بتواضع وجهد مشترك.