قال مراسل الجزيرة إن الطائرات الحربية حلّقت في أجزاء واسعة من وسط الخرطوم والخرطوم بحري، ودوّت انفجارات عنيفة في محيط القصر الرئاسي ووسط الخرطوم وحي الوابورات بالعاصمة.
يأتي ذلك مع انطلاق المحادثات، صباح اليوم السبت، بين وفدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة جدة السعودية وتأكيد متحدث باسم الجيش أن ما يتم بحثه هو آليات تمديد الهدنة.
وقال المراسل إن أصوات أسلحة ثقيلة سُمعت في الساعات الأولى من صباح اليوم الـ22 للمواجهات، وتصاعدت أعمدة الدخان في مواقع مختلفة من وسط الخرطوم وجنوب الخرطوم بحري.
وقال تجمع الصيادلة المهنيين (أحد مكونات تجمع المهنيين) إن “مليشيا الدعم السريع احتلت عددا من المستشفيات بالخرطوم وبحري وأم درمان ونهبت المنازل وروّعت المواطنين”.
وأضاف أن قوات الدعم السريع تستخدم المواطنين كدروع بشرية، وقامت بنهب البنوك وسيارات المواطنين ومقتنياتهم الشخصية وسيطرت على معمل إستاك الطبي والصيدلية المركزية بالخرطوم، بحسب بيان التجمع.
وأعلن التجمع أنه يعمل على جمع توقيعات لإدانة سلوكيات الدعم السريع وتصنيفها جماعة إرهابية، حسب تعبيرهم.
من جهته، قال العميد نبيل عبد الله المتحدث باسم الجيش السوداني للجزيرة إن الوضع العسكري في كافة ولايات السودان مستقر لصالح القوات المسلحة وإن الاشتباك مع قوات الدعم السريع يقتصر على نقاط وجوده.
وأكد المتحدث باسم الجيش السوداني أن مقار قوات الدعم السريع إما أنها مدمرةٌ أو تمت السيطرة عليها، وفق تعبيره.
كما قال الجيش السوداني، في بيان، إن “مليشيا الدعم السريع تطلق النار على سيارة السفير التركي وتحتجزه”.
بدورها، اتهمت قوات الدعم السريع، في بيان، الجيش السوداني بإطلاق نار على سيارة السفير التركي بالخرطوم “بعدما تم التنسيق المسبق بين الطرفين حول الإجلاء”، وأضافت أن مباني السفارة تقع تحت سيطرة الجيش، حسب البيان.
كما نفت قوات الدعم السريع استعانتها بمقاتلين من بعض الدول ووصفت ما يشاع من أخبار بأنها عبارة عن أكاذيب مضللة، ومحاولة لخداع الشعب، من جانب إعلام الفلول المتخفّي خلف الانقلابيين، كما قال بيان لقوات الدعم.
وذكر البيان أن قوات الدعم تسيطر على 95% من ولاية الخرطوم، وستكمل سيطرتها على العاصمة بأكملها.
تفاقم الوضع الإنساني
على الصعيد الإنساني، تواجه العاصمة السودانية، الخرطوم، ومدن أخرى، شحا في الوقود، بسبب استمرار إغلاق محطات التوزيع منذ اندلاع القتال منتصف الشهر الماضي.
وتشهد بعض أحياء أم درمان، والخرطوم بحري، وشرق النيل، والخرطوم، إغلاقا لمحطات الوقود بشكل شبه كلي.
ويتزامن ذلك مع استمرار معاناة السكان في الحصول على الخبز، حيث تشهد المخابز بالعاصمة اكتظاظا كبيرا للأهالي، بسبب شح الدقيق، فضلا عن الانقطاع المستمر للكهرباء التي تعتمد عليها المخابز بشكل كلي في عملية التشغيل.
في الأثناء، أعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، في بيان، ارتفاع عدد القتلى بين المدنيين منذ بداية الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى 479 وإصابة 2518 شخصا.
ولفتت النقابة إلى أن جميع المستشفيات والمرافق الصحية في مدينة الجنينة غربي البلاد لا تعمل. وقالت إنه تم إحصاء نحو 100 حالة وفاة في صفوف المدنيين منذ 24 أبريل/نيسان الماضي.
كما طالبت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، في بيان لها، “بشكل فوري بتمييز الأطباء العاملين بشارات تسهّل مرورهم لمواقع عملهم والتزام الجيش والدعم السريع بعدم الاعتداء عليهم”.
من جهته دعا الناطق الرسمي باسم حكومة ولاية شمال دارفور، زكريا الرشيد، المنظمات الوطنية والدولية والمتطوعين العاملين بالمجال الإنساني بضرورة تكثيف جهودهم تجاه تقديم المساعدات الإنسانية وإغاثة المتضررين جراء المعارك التي جرت الأسبوع قبل الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
كما وجّهت منظمة التعاون الإسلامي، السبت، نداء إنسانيا عاجلا لتقديم مساعدات للسودان، وجاء ذلك في بيان للمنظمة التي يقع مقرها في مدينة جدة غربي السعودية.
ووفق البيان ذاته “وجّه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين طه نداء عاجلا إلى الدول الأعضاء في المنظمة والمؤسسات المالية والإنسانية والجهات المانحة الدولية بتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى السودان”.
وأكد “وجود تدهور بالوضع الإنساني في السودان”، داعيا إلى “التركيز على توفير الإمدادات الطبية والخدمات الصحية للسودان”، وحث على “دعم جهود البلدان المجاورة للسودان في استضافة العديد من اللاجئين السودانيين والأجانب”.
محادثات جدة
على الصعيد السياسي، وصل ممثلون عن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية لبدء محادثات هي الأولى بين الطرفين منذ اندلاع الأزمة قبل 3 أسابيع.
وبهذا الصدد، أكد المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله للجزيرة أن محادثات جدة ستقتصر على مسألة تمديد الهدنة لأسباب إنسانية ولا علاقة لها بأي اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار أو إنهاء الأزمة في البلاد.
وكان مصدر بالجيش السوداني قد صرح للجزيرة بأن الجيش أرسل اللواء أبو بكر فقيري، وضابطين، وسفيرا، إلى جدة للتفاوض مع وفد من الدعم السريع، مشيرا إلى أن قبول التفاوض يأتي استجابة للمبادرة الأميركية السعودية.
من ناحيته، رحب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود بوجود ممثلين عن القوات المسلحة السودانية والدعم السريع في جدة، للنقاش بشأن الأوضاع في بلدهم.
وأعرب بن فرحان عن أمله أن يقود حوار جدة إلى إنهاء الصراع بين الطرفين وانطلاق العملية السياسية، وعودة الأمن والاستقرار إلى السودان.
وأضاف الوزير السعودي أن استضافة المباحثات السودانية هي نتاج تكاتفٍ دولي، وجهود حثيثة مع الولايات المتحدة، بالشراكة مع دول المجموعة الرباعية والآلية الثلاثية.
وفي الإطار ذاته، أكدت السعودية والأمم المتحدة، السبت، ضرورة “إنهاء الصراع” في السودان، وذلك خلال لقاء الوزير بن فرحان، في مقر الوزارة بالرياض، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ77 تشابا كوروشي، وفق بيان للخارجية السعودية.
وجرى خلال اللقاء “بحث الأوضاع الراهنة في السودان، والتأكيد على إنهاء الصراع وتجنيب الشعب السوداني التعرض للمزيد من المعاناة وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة”.
وفي وقت سابق السبت، أعلن بيان سعودي أميركي مشترك “بدء المحادثات الأولية بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وممثلي قوات الدعم السريع في مدينة جدة”.
من جهتها، قالت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري في السودان إنها تأمل أن تقود مباحثات ممثلي القوات المسلحة والدعم السريع، الذين وصلوا إلى مدينة جدة السعودية ضمن المبادرة الأميركية السعودية، إلى وقف القتال ومعالجة الأوضاع الإنسانية، بما يمهد لحل سلمي سياسي مستدام.
ودعا بيان القوى المدنية كلا من القوات المسلحة والدعم السريع إلى اتخاذ قرارات شجاعة، تنتصر لصوت الحكمة، لوقف القتال والمعاناة التي يعيشها الشعب السوداني، بحسب البيان.
كما رحب تحالف قوى الحرية والتغيير مجموعة الكتلة الديمقراطية ببدء المحادثات بين وفدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بجدة، فيما جدد التحالف رفضه للاتفاق الإطاري بين المكونين المدني والعسكري حول الفترة الانتقالية، باعتباره كان سببا في اندلاع الاشتباكات، حسب قوله.
ورحّبت كذلك حركة العدل والمساواة، إحدى الحركات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، بالمبادرة السعودية الأميركية وبدء المحادثات بين وفدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمدينة جدة، وأكدت دعمها المطلق لكل جهد أو مبادرة جادة من أجل إيقاف القتال، طبقا للتصريح.
من جانبه، رحب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تغريدة على تويتر، بالبيان السعودي الأميركي المشترك الذي صدر بشأن بدء هذه المحادثات.
وشدد حميدتي على موقفه الثابت بضرورة الوصول إلى حكومة انتقالية مدنية، تؤسس لتحول ديمقراطي؛ وأشاد بالجهود الإقليمية والدولية المبذولة للوصول إلى وقف إطلاق نار يسهّل فتح ممرات إنسانية.