وسّعت القوات الروسية نطاق هجماتها بعشرات المسيرات على العاصمة الأوكرانية ومقاطعات أوديسا وميكولايف وخيرسون وزاباروجيا في الجنوب، في حين طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من لاهاي بإنشاء محكمة دولية خاصة ومحاسبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أفعاله.
وأفاد مراسل الجزيرة بسماع صفارات الإنذار تدوي في كييف وحدوث انفجارات، في حين ذكرت الإدارة العسكرية بالعاصمة أن قوات الدفاع الجوي تتصدى لأهداف في سماء المدينة، ودعت السكان للبقاء في أماكن آمنة.
وأعلنت الرئاسة الأوكرانية أن الدفاعات الجوية أسقطت “مسيرة معادية” في سماء كييف، وقالت الإدارة العسكرية إن انفجارات وحرائق اندلعت في حي سولوميانسكي بالعاصمة بسبب سقوط حطام طائرات مسيرة، وأكد رئيس بلدية كييف أن فرق الدفاع المدني توجهت إلى الحي لفحص حطام هذه المسيرات.
كما قال رئيس بلدية كييف إن فرق الإنقاذ تتعامل مع استهداف مبنى مكون من 4 طوابق في العاصمة، ولا معلومات عن ضحايا.
على صعيد آخر، كشف سلاح الجو الأوكراني أنه أسقط مسيرة من نوع بيرقدار في سماء كييف بعد أن فقد السيطرة عليها بسبب عطل فني.
وفي أنحاء أخرى، أفاد مراسل الجزيرة بوقوع انفجارات ضخمة هزت مقاطعة خيرسون جنوبي أوكرانيا.
وكانت سلطات خيرسون الأوكرانية أعلنت ارتفاع عدد قتلى الهجوم الروسي بالمقاطعة إلى 23 والجرحى إلى 50. وقال حاكم المقاطعة إن القصف الروسي تركز على مركز المدينة، وعلى القرى والبلدات الواقعة على خط التماس.
وقد أعلن الجيش الأوكراني إسقاط 18 مسيرة روسية من أصل 24 أطلقت على جنوب البلاد انطلاقا من بحر آزوف.
وأضاف -في بيان- أنه أفشل الهجوم الروسي الثالث على كييف في غضون 4 أيام، مؤكدا أن الهجوم الجديد كان باستخدام صواريخ وطائرات مسيّرة إيرانية من نوع “شاهد”، وأن دفاعاته الجوية أسقطتها بالكامل.
وفي مقاطعة أوديسا، أكدت الإدارة العسكرية استهداف المدينة بـ15 مسيرة أسقطت الدفاعات الجوية 12 منها، واستهدفت الثلاث الأخريات إحدى المؤسسات التعليمية في المقاطعة.
أما في ميكولايف، فأكدت السلطات المحلية إسقاط عدد من المسيرات الروسية في بعض أراضي المقاطعة، لا سيما في منطقتي أوتشاكوف وكستروب.
من ناحية أخرى، أكد الجيش الأوكراني أنه ما زال متمسكا بمواقعه غرب مدينة باخموت، رغم المحاولات الروسية المتكررة للسيطرة عليها.
وقال ضابط بالجيش الأوكراني إن القوات الروسية تحاول اقتحام مواقع قواته في باخموت بشكل يومي، لكن القوات متمسكة بمواقعها في المعركة التي أصبحت ذات رمزية للجانبين، إذ تحاول روسيا السيطرة على هذه المدينة منذ عدة أشهر.
من جهة أخرى قال حاكم سيفاستوبول في جزيرة القرم إنه تم إسقاط مسيرة أوكرانية حاولت استهداف مطار بيلبيك العسكري قرب المدينة.
محكمة خاصة لبوتين
على صعيد آخر، طالب الرئيس الأوكراني اليوم الخميس بتأسيس محكمة لجرائم الحرب منفصلة عن المحكمة الجنائية الدولية، وأن تتم محاسبة الرئيس الروسي على ما وصفها بأفعاله الإجرامية.
جاء ذلك خلال زيارة زيلينسكي اليوم إلى لاهاي لحضور المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت في مارس/آذار الماضي مذكرة توقيف بحق بوتين بشأن اتهامات لروسيا بترحيل أطفال من أوكرانيا قسريا.
وأضاف زيلينسكي في خطابه “لا بد أن يشعر المعتدي بالقوة الكاملة للعدالة. هذه هي مسؤوليتنا التاريخية”.
وأردف “مؤسسة واحدة فقط قادرة على الرد على الجريمة الأصلية، جريمة العدوان، وهي المحكمة. ليس هناك حل وسط يسمح للسياسيين بزعم أن القضية انتهت، بل محكمة حقيقية، حقيقية بصدق، وكاملة الأهلية”.
وخلال حضوره جلسة المحكمة، اتهم زيلينسكي روسيا بارتكاب 6100 جريمة حرب خلال الشهر الماضي فقط، وقال إن بلاده تريد سلاما حقيقيا، مؤكدا أن السلام المستدام يتم بقوة القيم والقانون وليس بالفرار من العقاب.
وتُعرّف الأمم المتحدة العمل العدواني بأنه “غزو القوات المسلحة دولة ما أو هجومها على أراضي دولة أخرى أو أي احتلال عسكري”، لكن المحكمة الجنائية الدولية لا تملك أي اختصاص في “جرائم العدوان” التي يشير إليها زيلينسكي.
وعبّرت المفوضية الأوروبية، من بين جهات أخرى، عن دعمها إنشاء مركز دولي مستقل للملاحقة القضائية في جرائم الحرب بأوكرانيا من شأنه أن يتخذ من لاهاي مقرا له.
أوكرانيا والناتو
وفي إطار آخر، قال الرئيس الأوكراني إن “واقعية” بلاده تجعلها تقرّ بأنها لن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) “خلال الحرب” مع روسيا، مشددا على ضرورة تحقيق هذا المطلب بعد نهايتها.
وأضاف “نحن واقعيون، نعرف أننا لن نكون في الناتو خلال الحرب”، وذلك في تصريحات أعقبت لقاءه رئيسي الوزراء الهولندي مارك روته والبلجيكي ألكسندر دي كرو خلال زيارة غير معلنة مسبقا لهولندا.
وأكد الرئيس الأوكراني “لكننا نريد رسالة واضحة بأننا سنكون ضمن الناتو بعد الحرب”.
وتدعو كييف منذ أعوام للانضمام إلى حلف الناتو، وكثّفت من مطالبتها بذلك بعد الحرب الروسية عليها مطلع عام 2022 باعتبار أن هذه الخطوة ستكون الضمانة الوحيدة لأمنها في مواجهة موسكو.