بدأت الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الزراعة، العمل على اعتماد عدة «مناشئ جديدة» لاستيراد السلع الاستراتيجية، ضمن إجراءات استباقية يجري تنفيذها لتعزيز الأمن الغذائي، في ظل التوترات الإقليمية المتنامية، وتداعيات الحرب «الإيرانية – الإسرائيلية».

وقالت «الزراعة» المصرية، الاثنين، إنها تعمل على وضع قائمة لمناشئ جديدة لاستيراد السلع الزراعية الاستراتيجية، فضلاً عن مدخلات الإنتاج الهامة بهدف تنويع مصادر استيراد السلع الغذائية الأساسية لضمان عدم التأثر بأي اضطرابات في بلد معين.

ودفعت الضربات الإسرائيلية – الإيرانية نحو زيادة المخاوف المصرية من نقص إمدادات السلع الاستراتيجية والوقود، في ظل ارتباك الأسواق العالمية وأزمات الشحن. وإزاء ذلك شكل رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الأسبوع الماضي، «لجنة أزمات» برئاسته، لمتابعة تداعيات العمليات العسكرية الإيرانية – الإسرائيلية، بما يُسهم في «الاستعداد لأي مُستجدات بمختلف القطاعات».

ورغم تأكيده أن المخزون من السلع المختلفة آمن ومطمئن، توقع مدبولي، في تصريح سابق، استمرار الصراع الدائر حالياً «فترة أطول»، وهو ما «ستكون له تداعيات خطيرة على المنطقة بأسرها»، على حد قوله.

يعد القمح من أهم السلع الاستراتيجية التي تعمل الحكومة المصرية على تأمينها (وزارة الزراعة)

وضمن تحركاتها «لضمان تحقيق الأمن الغذائي وتلبية احتياجات المواطنين»، تدرس وزارة الزراعة المصرية، تداعيات الحرب على كل الصادرات والواردات من السلع الاستراتيجية؛ تفادياً لأي ظروف إقليمية أو دولية، مع التأكيد على أن الخطوات التي اتخذت لزيادة الرقعة الزراعية في السنوات الماضية وإجراءات استخدام جميع الموارد لزيادة الإنتاجية والحد من الفقد ستلعب دوراً في تحقيق «الأمن الغذائي».

وقال مستشار وزير الزراعة لمشروعات التوسع الأفقي نعيم مصيلحي لـ«الشرق الأوسط» إن الإجراءات المتخذة تتضمن متابعة عملية توريد القمح والتوسع في إنتاج السلع الزراعية، بالإضافة إلى متابعة الأنشطة الزراعية على مستوى البلاد، لافتاً إلى التنسيق بين «الزراعة» ووزارة «التموين» لضمان التأكد من وجود احتياطات آمنة لأطول فترة ممكنة.

وأضاف: «مشروعات التوسع في الأراضي الزراعية أضافت خلال الفترة الماضية 2.1 مليون فدان للرقعة الزراعية، مع استهداف الوصول إلى 4 ملايين فدان بحلول 2030، وهي أراضٍ تنتج محاصيل استراتيجية على غرار القمح والذرة، بالإضافة إلى إجراءات أخرى اتخذت من أجل فتح فرصة استثمارية بالتصنيع الزراعي، بما يعزز من القيمة المضافة للزراعات المصرية».

وبلغت واردات السلع الاستراتيجية إلى مصر، اعتباراً من بداية يناير (كانون الثاني) الماضي وحتى الآن، نحو 4.9 مليون طن من الأقماح، و4.2 مليون طن من الذرة الصفراء، بالإضافة إلى 2.2 مليون طن من فول الصويا؛ وفق الدكتور محمد المنسي رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي.

تعمل الحكومة المصرية على زيادة مخزونها من السلع الغذائية (وزارة الزراعة)

واعتبر أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة جمال صيام لـ«الشرق الأوسط» أن تأثير الحرب الإسرائيلية – الإيرانية سيكون أقل مقارنة بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، مع اعتماد مصر على البلدين في استيراد القمح، مشيراً إلى أن خطوة البحث عن أسواق جديدة للاستيراد والتصدير أمر يجب العمل عليه بشكل مستمر.

وأضاف: «العمل على زيادة المخزون الاستراتيجي من السلع الغذائية والزراعات أمر حتمي في مثل هذه الظروف، رغم التكلفة المرتفعة التي تترتب على ذلك، لكن في ظل ضبابية الوضع الإقليمي تكون هناك حاجة ملحة لاتخاذ خطوات سريعة من أجل تأمين توافر الزراعات لأطول فترة ممكنة».

وتثير زيادة تكلفة الشحن البحري بسبب الاضطرابات في المنطقة مخاوف من زيادة الأسعار بشكل كبير في الأسواق المصرية، مع إبلاغ عدد كبير من شركات الشحنات المصدرين بزيادة تكلفة الشحن خلال الأيام الماضية.

لكن جمال صيام يرى أن مثل هذه الزيادات تكون طبيعية ومفهومة، باعتبارها من الآثار الجانبية لحالة عدم الاستقرار الإقليمي، لكن تأثيرها سيظل محدوداً بشكل كبير حال عودة الاستقرار سريعاً للأسواق العالمية، وعدم تأثر حركة الملاحة البحرية بتداعيات الحرب.

شاركها.
Exit mobile version