أمرت المحكمة الجنائية الدولية المدعي العام الرئيسي كريم خان بالتنحي عن التحقيق في الجرائم المزعومة ضد الإنسانية في فنزويلا، بسبب تضارب المصالح في القضية.

وقاد خان -منذ عام 2021- تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في فنزويلا، حيث يُتهم الرئيس نيكولاس مادورو باحتجاز خصومه السياسيين بشكل تعسفي وتعذيبهم وإعدامهم.

وحكم قضاة الاستئناف في المحكمة الجنائية بأنهم وجدوا “مبررا للاعتقاد بوجود سبب للاستبعاد” في ضوء العلاقة الأسرية الوثيقة بين خان وعضو في الفريق القانوني الذي يدافع عن الحكومة الفنزويلية أمام المحكمة.

وكانت صحيفة واشنطن بوست قد نشرت تقريرا عن مزاعم تضارب المصالح في سبتمبر/أيلول، حيث حث المدافعون الفنزويليون عن حقوق الإنسان، المحكمة الجنائية الدولية على تسريع تحقيقها في قضية مادورو. وأعرب بعض النقاد عن قلقهم من انضمام شقيقة زوجة خان، المحامية فينكاتيسواري ألاجيندرا، إلى فريق الدفاع عن الحكومة الفنزويلية أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وبعد ذلك، قدمت مؤسسة أركاديا -وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن تُركز على تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية- طلبا رسميا إلى المحكمة الجنائية الدولية تطالب فيه خان بالتنحي عن التحقيق. وأشارت المؤسسة إلى وجود “تضارب واضح في المصالح”.

ورفضت دائرة الاستئناف بالمحكمة الشكوى في البداية، لكنها أعادت النظر فيها في فبراير/شباط.

ونفى خان -في مستندات المحكمة- مزاعم تضارب المصالح مع شقيقة زوجته. وقال إنه لم يناقش أي معلومات سرية مع ألاجيندرا، ولا يتذكر أي محادثة معها حول حقائق عامة في القضية، كما أكد أنه لم يشارك في أي اجتماعات حضرتها ألاجيندرا في فنزويلا.

ويوم الجمعة الماضي، كتب قضاة الاستئناف إنه “نظرا للعلاقة الأسرية الوثيقة بين المدعي العام والسيدة ألاجيندرا، بالإضافة إلى علاقتهما المهنية والهرمية السابقة، فإن أي مراقب منصف سيتوقع بشكل معقول وجود تحيز”. وأمر القضاة خان بتقديم طلب إعفاء من قضية فنزويلا في غضون 3 أسابيع.

الجنائية الدولية تحقق في اتهامات موجهة لرئيس فنزويلا نيكولاس مادورو باحتجاز خصومه السياسيين وتعذيبهم وإعدامهم (رويترز)

تنحٍ آخر

وخان -الذي يشغل منصبا في لاهاي منذ عام 2021- تنحّى فجأة في مايو/أيار وسط مزاعم بسوء السلوك الجنسي، وأبلغ المحكمة الجنائية الدولية أنه سيأخذ إجازة من مهامه ريثما ينتهي التحقيق في سلوكه الشخصي، وجاء هذا الإعلان في الوقت الذي كان المدعي العام الرئيسي يُتابع قضايا جرائم حرب ضد قادة إسرائيل وروسيا.

يذكر أن الجنائية الدولية هي المحكمة الدولية الدائمة الوحيدة المخولة بمقاضاة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

وفتحت المحكمة تحقيقا ضد فنزويلا عام 2021، بناءً على طلب قُدم عام 2018 من الأرجنتين وكندا وكولومبيا وتشيلي وباراغواي وبيرو، وتُعدّ قضية فنزويلا حاليا التحقيق المفتوح الوحيد للمحكمة الجنائية الدولية في أميركا اللاتينية.

ويُوجّه قانون قواعد السلوك لمكتب المدعي العام، الأعضاء إلى الامتناع عن أي صراعات قد تنشأ عن “مصلحة شخصية في القضية، بما في ذلك العلاقة الزوجية أو الأبوية أو العائلية الوثيقة الأخرى أو الشخصية أو المهنية مع أي من الأطراف”.

وقالت مؤسسة أركاديا في طلبها الأولي للتنحي إن العلاقة الأسرية بين المدعي العام وعضو رئيسي في فريق الدفاع عن مادورو “تخلق مظهرا لا يمكن إنكاره من عدم اللياقة وخوفا معقولا من التحيز”.

وكتبت المؤسسة “لقد تم المساس بسلامة ونزاهة المدعي العام، وهو إحدى الركائز الأساسية للعدالة داخل المحكمة الجنائية الدولية، مما يستدعي اتخاذ إجراءات تصحيحية فورية”.

وعقب صدور قرار المحكمة، وصفت مؤسسة أركاديا حكم غرفة الاستئناف بأنه “انتصار تاريخي” في السعي لتحقيق الشفافية والنزاهة في المحكمة الجنائية الدولية”.

وكتبت المؤسسة أن “هذا القرار لا يشكل علامة فارقة بالنسبة لفنزويلا فحسب، بل يشكل أيضا سابقة حاسمة تعزز العدالة الدولية”.

شاركها.
Exit mobile version