ارتفع عدد الموقوفين في حادثة الظهور المسلح خلال مسيرة عاشورائية في منطقة زقاق البلاط – وسط بيروت، إلى خمسة، بعد أن أعلنت قيادة الجيش اللبناني توقيف أربعة مواطنين جدد، كانوا قد شاركوا في العراضة المسلّحة التي جابت شوارع العاصمة مساء الجمعة الماضي، في مشهد أثار استياءً واسعاً لدى الرأي العام، ودفع السلطات إلى التحرك السريع تحت ضغط سياسي وشعبي.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني في بيان أصدرته الأربعاء، أنه بعد «توقيف أحد المسلحين الذين ظهروا في أثناء إحدى المناسبات في منطقة زقاق البلاط – بيروت، وبعد عمليات الرصد وملاحقة المتورطين، أوقفت دوريات من مديرية المخابرات في مدينة بيروت وبلدة عين قانا (قضاء النبطية في الجنوب) أربعة مواطنين». ولفتت قيادة الجيش إلى أن التحقيقات مع الموقوفين تجري بإشراف القضاء المختص.

كان مقطع فيديو انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، قد ظهرت فيه مجموعة من الأشخاص يستعرضون بنادق من طراز كلاشينكوف خلال إقامة مسيرة عاشورائية في العاصمة اللبنانية بيروت. ووقعت الحادثة في منطقة حساسة لا تبعد كثيراً عن السرايا الحكومية ومقرّات أمنية وسياسية، مما أثار قلقاً لدى السكان وتحذيرات من الانزلاق نحو فوضى أمنية.

في أعقاب الحادثة، حرّكت السلطات الرسمية أجهزتها الأمنية والقضائية لملاحقة المشاركين، وبدأ الجيش تنفيذ عمليات دهم، أُعلن في 7 تموز (يوليو) أول توقيف في إطارها، لتُستكمل لاحقاً بتوقيف أربعة متورطين إضافيين.

تهديد لصورة الدولة

في سياق مواكبة المعالجة السياسية والقانونية للحادثة، قال النائب في البرلمان اللبناني إبراهيم منيمنة لـ«الشرق الأوسط»: «إن الظهور المسلح الذي شهده حيّ زقاق البلاط في بيروت خلال مسيرة عاشورائية شكّل مفاجأة صادمة»، لافتاً إلى أن التوقيت والمكان والسياق السياسي جعلا منه «رسالة سلبية تُهدد ما تبقى من صورة الدولة وسلطتها في العاصمة».

ورأى منيمنة أن «الاستعراض المسلح حصل في مناسبة دينية حساسة وفي وضح النهار، في وقت يفترض أن البلاد تتجه نحو تثبيت مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة، وتسليم سلاح (حزب الله) للدولة اللبنانية». وأكد أن «ما جرى قد يُفهم على أنه رسالة مباشرة من الحزب اعتراضاً على أي مسار لنزع السلاح، أو نتيجة تعبئة داخلية تُظهر تمنّع الحزب عن أي تسوية بهذا الخصوص».

وشدد على أن موقفه «ثابت وواضح منذ البداية، وهو رفض قاطع لأي سلاح خارج الدولة، وتحت أي ذريعة أو عنوان». وأضاف: «هذا السلاح لا وظيفة له إلا فرض الهيمنة الداخلية واستقواء فئة على أخرى، وهذا أمر نرفضه كل يوم».

وفيما يخص توقيفات الجيش اللبناني التي طالت بعض المشاركين في هذا الظهور المسلح، دعا منيمنة إلى التعامل معها بجدّية وعدم الاكتفاء بـ«معالجات شكلية». وقال: «الناس يراقبون ما إذا كانت هذه التوقيفات ستقود إلى محاسبة فعلية أم سيُطلق سراحهم كما جرت العادة. ونحن بدورنا سنتابع هذا الملف مع الجهات المعنية ومع الناس، لأن ما حصل يهدد أمن العاصمة ويقوّض هيبة الدولة».

تحركات رسمية حازمة

وتعيد الحادثة إلى الواجهة ظاهرة السلاح المنفلت التي تتكرّر في لبنان، لا سيما خلال مواكب التشييع أو الاحتفالات، حيث غالباً ما تتحوّل هذه المناسبات إلى ساحات لإطلاق النار العشوائي أو التلويح بالسلاح، في ظل ضعف الدولة وتراخي السلطات في فترات سابقة عن كبح هذه الممارسات.

وبُعيد انتشار مقطع الفيديو الأسبوع الماضي، علّق رئيس الحكومة نواف سلام، على الحادثة قائلاً: «الاستعراضات المسلحة التي شهدتها بيروت غير مقبولة بأي شكل من الأشكال، وتحت أي مبرر كان»، موضحاً أنه اتصل بوزيري الداخلية والعدل، وطلب منهما اتخاذ كل الإجراءات اللازمة «إنفاذاً للقوانين المرعية الإجراء، ولتوقيف الفاعلين، وإحالتهم على التحقيق».

كذلك تحرك وزير الداخلية أحمد الحجار، وطلب من قوى الأمن الداخلي والأمن العام تحديد هوية الأشخاص الذين ظهروا في الفيديو المسلح في بيروت واتخاذ الإجراءات اللازمة.

وأشار وزير العدل عادل نصار إلى أنه تواصل مع المدعي العام التمييزي طالباً منه اتخاذ الإجراءات القانونية الفورية بحق كل من شارك في الاستعراض المسلح الذي شهدته شوارع العاصمة بيروت. وفي أعقاب ذلك، تلقى نصار اتصالاً من القاضي جمال حجار أبلغه فيه ببدء الاستدعاءات في هذا الملف.

شاركها.
Exit mobile version