ممداني يتقدّم لرئاسة بلدية نيويورك رغم «مرارة» المناظرة

تنطلق السبت الانتخابات المبكرة لمنصب رئيس بلدية نيويورك بعد مناظرة أخيرة، أجريت ليل الأربعاء ووصفت بأنها «مريرة»، حاول خلالها المرشح الديمقراطي زهران ممداني المحافظة على تقدمه الكبير ضد أقرب منافسيه الحاكم السابق للولاية أندرو كومو، الذي ترشح مستقلاً وسعى إلى تقليص الفارق مع ممداني، بما في ذلك عبر الضغط لإبعاد المرشح الجمهوري كورتيس سليوا.

وفيما بدا أنه إقرار بواقع الحال في نيويورك، أبلغ الرئيس دونالد ترمب حلفاءه أنه يعتقد أن ممداني، البالغ 36 عاماً من العمر، لن يُهزم في السباق أمام سليوا وكومو في الانتخابات التي ستجرى في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وعدّ مسؤولو البيت الأبيض أن الأوان فات للتغلب على التقدم الكبير الذي أحرزه ممداني.

وتعكس هذه التسريبات قلق ترمب من انتخاب ممداني رئيساً لبلدية المدينة، التي وُلد فيها ترمب وأقام فيها إمبراطوريته العقارية، علماً أن ممداني خاض حملته، وأعلن تكراراً أنه سيقف في وجه ترمب، واعداً برفع الضرائب على أغنى أثرياء المدينة لتمويل أجندته الخاصة بتكاليف المعيشة. وهدد الرئيس ترمب، في سبتمبر (أيلول) الماضي، بقطع التمويل الفيدرالي عن نيويورك إذا انتخب ممداني.

هجمات شخصية

المرشح المستقل حاكم نيويورك السابق أندرو كومو خلال المناظرة (أ.ف.ب)

وشهدت مناظرة الأربعاء سيلاً من الهجمات الشخصية بين المرشحين الثلاثة. وركز كومو على توجيه ضربات متكررة لممداني، أملاً في تقليص الفارق الكبير الذي حققه الأخير. وظهر تقدّم ممداني جلياً عندما تفوق على كومو (67 عاماً) خلال الانتخابات التمهيدية الديمقراطية في يونيو (حزيران) الماضي، في مفاجأة صدمت المؤسسة السياسية، بمن في ذلك معظم الديمقراطيين، لأن ممداني يعد اشتراكياً ديمقراطياً يناهض الصهيونية، ويترشح في نيويورك – العاصمة المالية للولايات المتحدة والعالم – التي تضم أكبر عدد من اليهود خارج إسرائيل.

ولكن كومو، الذي غادر منصب الحاكم وسط ادّعاءات التحرش الجنسي، ترشح مستقلاً. وسعى مراراً إلى دفع سليوا، وهو شخصية بارزة في المشهد السياسي لمدينة نيويورك، إلى الانسحاب من السباق للحصول على فرصة أفضل ضد ممداني. ولكن سليوا رفض هذه الدعوات. وكذلك انسحب الحاكم الحالي أريك آدامز خلال السباق بسبب تضاؤل حظوظه.

ورغم أدائه القوي في المناظرة، بدا أن كومو أخفق في تغيير قواعد اللعبة وأن فرصه آخذة في النفاد. وقد اضطر إلى صد الهجمات المستمرة حول فضائح التحرش التي طاردته في نهاية فترة ولايته وما بعدها.

القضية الفلسطينية

المرشح الديمقراطي لرئاسة بلدية نيويورك زهران ممداني يصافح الحضور خلال مباراة لكرة القدم في نيويورك يوم 19 أكتوبر (أ.ف.ب)

ورغم أن كومو حضّ سليوا مراراً على سحب ترشيحه لتجنب تشتيت أصوات المعارضين لممداني، فإنه لم يطلب ذلك خلال المناظرة. واستعاض عن ذلك بتصوير ممداني بوصفه خطراً، مسلطاً الضوء على دفاعه عن القضية الفلسطينية وتهديدات الرئيس ترمب بالاستيلاء على المدينة في حال فوز ممداني.

في المقابل، بدأ ممداني المناظرة باتهام منافسيه بالانغماس في السياسة، معلناً أنه سيحاول التركيز بدلاً من ذلك على رؤيته لسكان نيويورك. وحاول خلق لحظات انتشار واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك عبر دعوة إحدى متهمات كومو للظهور بين الجمهور. وقال إن كومو وسليوا «يتحدثان فقط عن الماضي لأن هذا كل ما يعرفانه»، عادّاً أن كومو «رجل يائس، ينتقد بشدة لأنه يعلم أن الشيء الوحيد الذي يهتم به، السلطة، يفلت من بين يديه».

ولكن كومو رد بالترويج لتجربته، فخاطب ممداني: «لم تشغل وظيفة قط. لم تُنجز شيئاً قط»، مصراً على أن ممداني يفتقر إلى الكفاءة والمؤهلات اللازمة لإدارة أكبر مدينة في البلاد أو التعامل مع حالات الطوارئ.

وعلق سيلوا باتهام الرجلين بـ«التشاجر كأطفال في ساحة مدرسة». وانتقدهما بشدة. وقال مازحاً: «زهران، سيرتك الذاتية تتسع على منديل ورقي. وأندرو، إخفاقاتك تملأ مكتبة مدرسة عامة في مدينة نيويورك». كما أشار مراراً إلى قرار كومو الاستقالة من منصبه حاكماً وسط وابل من مزاعم التحرش، التي ينفيها كومو.

الجريمة والمترو… وترمب

المرشح الجمهوري كورتيس سليوا خلال المناظرة (أ.ف.ب)

ورغم أن السباق الانتخابي في نيويورك غالباً ما سيطر عليه أسئلة حول الحرب بين إسرائيل و«حماس»، وترمب، ومواضيع وطنية أخرى، تعرض المرشحون خلال المناظرة لوابل من الأسئلة حول الجريمة، ومترو الأنفاق، ومجمع سجن جزيرة رايكرز السيئ السمعة.

وتعرض ممداني خصوصاً لانتقادات لاذعة بعد رفضه اتخاذ موقف من مجموعة من المبادرات التي ستُطرح في الانتخابات بعد أسبوعين. وقال إنه إذا انتخب، فسيطلب من مفوضة الشرطة في نيويورك جيسيكا تيش البقاء في منصبها، علماً أنه كان ينتقد شرطة المدينة بشدة في الماضي.

كما انتقد المرشحون حملة إنفاذ قوانين الهجرة هذا الأسبوع التي استهدفت بائعين في أحد شوارع مانهاتن، وأدّت إلى اعتقال 14 شخصاً. وقال كومو إن المدينة لا تحتاج إلى وكلاء إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك للتعامل مع الجرائم المتعلقة بجودة الحياة، مثل الاتجار بالحقائب المزيفة.

كما تعهّد ممداني بمعارضة التدخل الفيدرالي في المدينة، قائلاً إن «إدارة الهجرة والجمارك كيان متهور لا يكترث للقانون، ولا يكترث للأشخاص الذين يُفترض أن يخدمهم».

وعدّ كل من المرشّحين أنه سيكون الأمهر في التعامل مع الرئيس ترمب. وأشار كومو مراراً إلى كيفية إبعاده ترمب خلال الأيام الأولى لجائحة «كوفيد – 19»، محذراً من أن فوز ممداني سيكون بمثابة «حلم» للرئيس الأميركي.

في المقابل، حاول ممداني تصوير كومو على أنه «دمية» لترمب ومتحالف معه. وقال إنه «يريد أن يكون أندرو كومو رئيس بلدية المدينة، ليس لأن ذلك سيكون مفيداً لسكان نيويورك، بل لأنه سيكون مفيداً له». وحذّر سليوا من أن كليهما يتبع نهجاً خاطئاً باستعداء الرئيس. وقال: «لا يمكنكما هزيمة ترمب».

شاركها.
Exit mobile version