توافق اليوم الذكرى الـ12 لأبشع مجازر القرن الـ21 مجزرة الكيماوي حين استهدفت قوات نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد المدنيين في الغوطة الشرقية ومعضمية الشام بريف دمشق بالسلاح الكيميائي فجر 21 أغسطس/آب 2013 مرتكبة جريمة ستظل محفورة في الذاكرة السورية.
في تلك الليلة الظلماء قُضي على أكثر من 1100 مدني -بينهم نساء وأطفال- اختنقوا بغاز السارين السام وهم نائمون، كما أصيب نحو 6 آلاف آخرين بأعراض التسمم الكيميائي، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
فاستيقظ العالم حينها على واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبت بحق الإنسانية، في حين ظل المجتمع الدولي عاجزا أمام مأساة لم يحاسب مرتكبوها حتى اليوم.
ويحيى أهالي سوريا للمرة الأولى ذكرى المجزرة بدون حكم آل الأسد، والتي توافق اليوم الخميس، فكتب وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى “نتأمل في أحداث مأساوية تظل عالقة في الذاكرة التاريخية، حيث أُزهقت أرواح أكثر من ألف إنسان بلا ذنب، وامتلأت الأرض بأجساد الضحايا، في حين سُكبت المياه عليهم في محاولات يائسة للتخفيف من الألم”.
وأضاف المصطفى “في ظل هذا الدمار تصدح صرخة طفلة صغيرة “أنا عايشة يا بابا، أنا عايشة”، في وقت بقي فيه المجتمع الدولي غارقا في نقاشاته الباردة، لتظل الجريمة بلا عقاب بعد صفقات مخزية”.
في ذكرى مجزرة الكيماوي، نتأمل في أحداث مأساوية تظل عالقة في الذاكرة التاريخية: حيث أُزهقت أرواح أكثر من ألف إنسان بلا ذنب، وملأت أجسادهم الأرض، بينما كانت المياه تُسكب عليهم في محاولة يائسة لتخفيف الألم.
في ظل هذا المشهد المدمر، تبرز صرخة طفلة صغيرة: “أنا عايشة بابا، أنا عايشة”،…— حمزة المصطفى (@HmzhMo) August 21, 2025
بدوره، أشار الدفاع المدني السوري في تدوينة قائلا “تختنق الأنفاس وتعود الذكريات في كل عام مع الذكرى الـ12 لمجزرة الكيماوي في غوطتي دمشق، أكبر مجزرة بالسلاح الكيميائي في القرن الـ21 ارتكبها نظام الأسد، كانت ليلة مأساويةـ اختنقت الأنفاس بغاز السارين، وفقد أكثر من 1100 شخص أرواحهم دون دماء، وتعرّض الآلاف لإصابات خطيرة”.
وأضاف “تبقى أصوات المطالبين بالعدالة عالية، ونحمل الحقيقة راسخة في وجداننا حتى تتحقق العدالة المنشودة من أجل الضحايا والإنسانية جمعاء”.
لن ننسى لن نسامح #مجزرة_الكيماوي_في_الغوطة pic.twitter.com/xBk3fnxJQv
— MOHAMMAD (@o__lz6) August 21, 2025
وتفاعل سوريون على وسائل التواصل الاجتماعي مع الذكرى الأليمة، وكتب مغردون “مجزرة الكيماوي التي ارتكبها بشار الأسد وعصابته تظل عارا على جبين البشرية، فقد نجا القاتل من العقاب وقتل الأبرياء وهم نائمون بطريقة وحشية، رحمة للشهداء، وما زلنا ننتظر العدالة”.
مات الأطفال وهم يحضنون أمهاتهم، ليس بحثًا عن الدفء، بل بحثًا عن نفس أخير ❤️🩹
لم تحمهم براءتهم من غاز سام، ولا دموعهم من قنبلة همجية، فسقطوا كطيور تحلم بأول تحليق.
شهداء لم يركبوا مركب الحياة بعد، غاصوا في بحر من الألم، تاركين خلفهم قلباً ينزف على طفولة مُغتالة.#مجزره_الكيماوي pic.twitter.com/vP2kogTqwC— ROAA QWIDER (@AlroaaQ) August 21, 2025
وتساءل آخرون “كيف ننسى المجازر ومجزرة الكيماوي محفورة في ذاكرة الأرواح قبل ذاكرة الورق؟ كانت وصمة على جبين الإنسانية وسطرا أسود في كتاب الطغاة كتبته عصابات الأسد بالحقد وتجاهله العالم بصمت مخز”.
في مثل هذا اليوم من عام 2013 قام هذا الأب السوري بتوديع أطفاله الذين قضوا في مجزرة الكيماوي في ريف دمشق على يد الاسد وعصابته pic.twitter.com/yFrvcCHiNm
— عمر مدنيه (@Omar_Madaniah) August 20, 2025
ومع حلول ذكرى مجزرة الكيماوي تداول نشطاء سوريون مقاطع فيديو مؤثرة أظهرت آباء يودعون أبناءهم الذين قضوا في المجزرة.
#مجزرة_الكيماوي
2013/8/21
طفلة ناجية من مجزرة الكيماوي تصرخ عمو أنا عايشة
يستحق النشر@kasimf pic.twitter.com/C1OHEglDoO— Alamal International Charity (@charityAlamal) August 21, 2016
كما وثقت مقاطع أخرى مآذن دمشق وريفها وهي تصدح بالتكبيرات تخليدا للذكرى.
قبل قليل: التكبيرات في جديدة عرطوز في الغوطة الغربية في ذكرى مجزرة الكيماوي التي حدثت في ريف دمشق في مثل هذا اليوم 21 آب 2013. pic.twitter.com/RR6is8QD8j
— أرشيف الثورة السورية Syrian Revolution Archive (@syrevarch) August 20, 2025
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت هذا الهجوم منذ دقائقه الأولى، وأصدرت أول تقرير حقوقي عن هذه الحادثة المروعة.
وأشارت الشبكة في تقريرها إلى أن نحو 80% من مجمل ضحايا الأسلحة الكيميائية في سوريا قضوا في يوم واحد.
وقالت في بيانها إنه في ليلة 21 أغسطس/آب 2013 شنت قوات نظام الأسد 4 هجمات كيميائية متزامنة على مناطق مأهولة في الغوطة الشرقية والغوطة الغربية، بما في ذلك بلدة معضمية الشام، مستخدمة ما لا يقل عن 10 صواريخ محمّلة بغاز السارين بكمية إجمالية تُقدر بنحو 200 لتر.
وأضافت الشبكة أن قوات الأسد أطلقت الصواريخ من منصات مخصصة بعد منتصف الليل، واستغلت الظروف الجوية التي أبقت الغازات السامة قريبة من سطح الأرض، مما أدى إلى سقوط أكبر عدد ممكن من الضحايا أثناء نومهم، في دلالة واضحة على نية مبيتة لاستهداف المدنيين المطالبين بالتغيير السياسي.
وترافق ذلك مع حصار خانق مفروض منذ نهاية عام 2012 منع دخول الوقود والدواء والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاج المصابين، مما فاقم الكارثة الإنسانية.
وسجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في حينها مقتل 1144 شخصا اختناقا، أي ما يعادل قرابة 76 % من إجمالي ضحايا الهجمات الكيميائية التي نفذها النظام منذ ديسمبر/كانون الأول 2012 وحتى مايو/أيار 2019.
وتوزعت حصيلة هذا الهجوم على النحو الآتي: مقتل 1119 مدنيا، بينهم 99 طفلا و194 سيدة (أنثى بالغة)، مما يثبت الاستهداف المباشر للمدنيين، إضافة إلى مقتل 25 من مقاتلي المعارضة المسلحة.
كما أصيب نحو 5935 شخصا -أغلبيتهم من المدنيين- بأعراض تنفسية وحالات اختناق جراء التعرض للغازات السامة.
بيان: الذكرى الثانية عشرة لأضخم هجوم كيميائي في سوريا: العدالة والمساءلة أولوية في المسار الانتقالي
البيان كاملاً: https://t.co/f98yixtiPW#سوريا #العدالة_الانتقالية #هجوم_الغوطتين #مجزرة_الكيماوي #مجزرة_الغوطتين pic.twitter.com/9NwbrKhzdY— الشبكة السورية (@SN4HR) August 21, 2025
وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 222 هجوما كيميائيا في سوريا منذ أول استخدام للأسلحة الكيميائية في 23 ديسمبر/كانون الأول 2012 وحتى 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 نُفذ قرابة 98% منها على يد قوات نظام بشار الأسد، ونحو 2% على يد تنظيم الدولة الإسلامية.