قالت حركتا المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي إن إقرار المجلس الوزاري الأمني المصغر الإسرائيلي (الكابينت) احتلال غزة بالكامل “جريمة حرب جديدة مكتملة الأركان” في حين أعربت الرئاسة الفلسطينية في بيان عن رفضها وإدانتها الشديدين للقرارات الإسرائيلية الجديدة وناشدت الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقفها.
وفجر الجمعة، أقرّ “الكابينت” خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاحتلال قطاع غزة بالكامل، بينما أفاد مكتب نتنياهو بأن الجيش يستعد للسيطرة على مدينة غزة، مع توزيع المساعدات الإنسانية على المدنيين خارج مناطق القتال، على حد وصفه.
وقالت حركة حماس في بيان “إن تلاعب الاحتلال بالألفاظ، واستبداله مصطلح احتلال بسيطرة، ليس سوى التفاف مفضوح للهروب من مسؤوليته القانونية عن تبعات جريمته الوحشية ضد المدنيين، ويمثل في الوقت ذاته اعترافا ضمنيا بأن مخططه يمثل انتهاكا لاتفاقيات جنيف، وتهديدا مباشرا لحياة نحو مليون فلسطيني في المدينة”.
وجددت الحركة تأكيدها أنها “قدمت كل ما يلزم من مرونة إيجابية لإنجاح جهود وقف إطلاق النار، ولن تأل جهدا في اتخاذ كل الخطوات التي تمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق، بما في ذلك الذهاب نحو صفقة شاملة للإفراج عن جميع أسرى الاحتلال دفعة واحدة، بما يحقق وقف الحرب وانسحاب قوات الاحتلال”.
وحذرت “حماس” الاحتلال من أن “هذه المغامرة الإجرامية ستكلفه أثمانا باهظة، ولن تكون نزهة، فشعبنا ومقاومته عصيّان على الانكسار أو الاستسلام، وستبوء خطط نتنياهو وأطماعه وأوهامه بالفشل الذريع”.
وتنص خطة نتنياهو على بدء الجيش الإسرائيلي التحرك نحو مناطق لم يدخلها سابقا، بهدف السيطرة عليها وسط القطاع ومدينة غزة، رغم تحذيرات رئيس هيئة الأركان إيال زامير من هذه الخطوة.
وبحسب الطرح الذي قدمه نتنياهو، فإن الخطة تبدأ بتهجير فلسطينيي مدينة غزة نحو الجنوب، يتبعها تطويق المدينة، ومن ثم تنفيذ عمليات توغل إضافية في مراكز التجمعات السكنية، وفق هيئة البث الإسرائيلية.
وحملت حركة الجهاد الإسلامي جميع الحكومات العربية والغربية على السواء مسؤولية لجم هذا التصعيد الذي ينذر بشلال من الدماء. وقالت في بيان لها إن هذا التصعيد الذي أعلن عنه نتنياهو يأتي بدعم كامل من الإدارة الأميركية، بهدف واضح هو احتلال قطاع غزة وفرض التهجير القسري على أهلها.
وقالت الحركة إن قرار احتلال قطاع غزة “صفعة لكل الذين راهنوا على التوصل إلى تسوية مع هذا الكيان الذي لا يعرف إلا لغة الدم والإرهاب والمجازر والاحتلال”.
التوجه الى مجلس الأمن
وعبرت الرئاسة الفلسطينية في بيان عن رفضها وإدانتها الشديدين للقرارات الخطيرة التي أقرّها الكابينت، بإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، وتهجير ما يقارب مليون فلسطيني، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية وفا.
وقالت الرئاسة إن دولة فلسطين “قررت إجراء اتصالات عاجلة مع الجهات المعنية في العالم، كما قررت التوجه الفوري إلى مجلس الأمن الدولي لطلب تحرك عاجل وملزم لوقف هذه الجرائم”.
كما دعت، وفق البيان، إلى عقد اجتماعات طارئة لكل من منظمة التعاون الإسلامي ومجلس جامعة الدول العربية، لتنسيق “موقف عربي وإسلامي ودولي موحد، يضمن حماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان”.
وناشدت الرئاسة الفلسطينية الرئيس ترامب التدخل ووقف تنفيذ هذه القرارات، والوفاء بوعده بوقف الحرب والذهاب للسلام الدائم، كما طالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتحرك الفوري لإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة والوقود إلى غزة من دون أي قيود أو شروط، وضمان وصولها إلى جميع أبناء شعبنا في قطاع غزة، وخاصة في ظل التهجير القسري والظروف المأساوية التي يعيشها مئات الآلاف من النازحين.
وجددت تأكيدها أن السبيل الوحيد لوقف هذه المأساة وضمان الأمن والاستقرار هو “تمكين دولة فلسطين من تولّي كامل مسؤولياتها في الحكم والأمن في قطاع غزة، كجزء لا يتجزأ من دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
وخلال الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، احتل الجيش الإسرائيلي كامل مدينة غزة باستثناء مناطق صغيرة ومكث فيها بضعة أشهر قبل أن يتراجع في أبريل/نيسان 2024 من معظم مناطقها بعد إعلانه تدمير البنية التحتية لحماس بالمدينة.
ومن كامل القطاع بقيت أجزاء من مدينة دير البلح ومخيمات المحافظة الوسطى (النصيرات والمغازي والبريج) لم تحتلها القوات الإسرائيلية، لكنها دمرت مئات المباني فيها عبر القصف الجوي والمدفعي، وفق مسؤولين فلسطينيين، والمناطق التي لم تحتلها القوات الإسرائيلية بريا تمثل نحو 10-15% من مساحة القطاع فقط.
وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و258 شهيدا و152 ألفا و45 مصابا من الفلسطينيين، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.