أثار مقترح برلماني في مصر لتغيير نمط الحياة وأسلوب المعيشة ليبدأ اليوم مع حلول الفجر يومياً، موجة من الجدل والنقاشات على منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما ما يتعلق بتحريك مواعيد العمل، حيث وجد المقترح صدى لدى البعض الذي أطلق عليه «دوام الفجر»، فيما واجه رفضاً على الجانب الآخر.
وكانت وسائل إعلام محلية أشارت إلى ما تقدمت به النائبة في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، آمال عبد الحميد، من مقترح لتعديل مواعيد العمل الرسمية، بحيث تبدأ من الساعة الخامسة صباحاً وحتى الثانية عشرة ظهرا، بما تنعكس آثار ذلك على إنتاجية العامل في مصر.
ومع تداول المقترح إعلامياً و«سوشيالياً» على نطاق واسع، وما أحدثه من ردود فعل متباينة، عادت النائبة لتوضح، في بيان، الثلاثاء، أنها تقترح أن يبدأ يوم المصريين مع حلول الخامسة فجراً، وأنه التبس على البعض مطالبتها فقط أن يبدأ الدوام في المصالح الحكومية الساعة 5 صباحاً.
وبرّرت النائبة مطلبها بأن دول العالم المتقدمة لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا بتقديس العمل، مضيفة: «لنا في تجارب دول النمور الآسيوية خير شاهد». وتابعت: «عندما يبدأ يومنا في مصر بحلول الساعة الخامسة فجراً وينتهي في الثانية عشرة ظهراً… سيكون أمام المواطن المصري متسع من الوقت في يومه لقضاء باقي مصالحه وحوائجه».
وبرّرت النائبة مطلبها بالإشارة إلى أن «نمط الحياة الحالي تضررت منه الحالة الصحية والنفسية للمصريين، وأثر بالسلب على العلاقات المجتمعية والأسرية».
المقترح البرلماني، الذي لم يُطرح للنقاش الرسمي داخل البرلمان، نجح في إثارة نقاش عام حول مواعيد العمل في مصر، حيث سارع رواد «السوشيال ميديا» للتعبير عن رأيهم في المقترح، إذ انقسمت آراؤهم بين مؤيد ومعارض.
وعبّر فريق من الرواد عن انحيازهم للمقترح، عادّين أنه تجربة تستحق الدراسة.
بدأ العمل من ٥ الفجر كله مزايا منها:-* صلاة الفجر حاضر* توفير كهرباء المراوح والتكييفات بالمصالح الحكوميه* العودة للمنزل قبل حر الظهيرة* النوم بعد صلاة العشاء (إلزامي) و توفير الكهرباء و النت* إمكانية استغلال الأبنية الحكومية في العمل فترتين وتوفير تكلفة التوسعات و المباني pic.twitter.com/JltFMBHCKE
— م / محمد (@mohamudmoussa) August 19, 2025
وتداول المنحازون للمقترح فيما بينهم المزايا التي يحملها الذهاب مبكراً إلى العمل.
وتمثلت أكثر المزايا، بحسب الرواد، في تقليل استهلاك الطاقة، ومنح الموظفين وقتاً أطول لقضائه مع أسرهم، إلى جانب أداء صلاة الفجر في جماعة.
كما تداول قسم آخر من المؤيدين كلمات للمفكر وعالم الاجتماع المصري الراحل، عبد الوهاب المسيري، يقول فيها: «حتى ساعات العمل نفسها استوردناها من الغرب، وهي ساعات تصلح تماماً لبلادهم، أما بالنسبة لبلادنا فيوم العمل المناسب يمكن أن يبدأ بعد صلاة الفجر، وينتهي عند وقت الظهيرة، على أن يستأنف الناس حياتهم الاجتماعية بعد العصر، ويناموا بعد صلاة العشاء».
العملية ليست توافق ام لا.هل هذه العملية قابلة للتطبيق في مصر.انا أعلم ان العمل يبدأ في النمسا من الساعة ٦.٣٠ ص حتي الساعة ١٥.٣٠والكل سعيد. https://t.co/jpRPyinYis
— LeoHeart ♌ (@protonmail1299) August 18, 2025
في المقابل، عارض قطاع من مستخدمي «السوشيال ميديا» المقترح البرلماني، مشككين في القدرة على تغيير نمط حياة المصريين، كما «أيقظ» المقترح أسئلة حول إمكانية تغيير نمط الحياة، وإمكانية تطبيقه على أرض الواقع.
ووصف آخرون المقترح بأنه «غير واقعي»، والفكرة بعيدة عن المنطق تماماً، ويثير تحديات لدى المواطن في قطاعات مثل التعليم والمواصلات. كما رأى البعض أن تطبيق المقترح يتطلب الاستيقاظ منذ الثالثة صباحاً، لافتين إلى أن ذلك «غير عملي» في ظل نمط الحياة السائد في المدن الكبرى، حيث النوم المتأخر أصبح واقعاً يومياً.
إلى ذلك، نالت صاحبة المقترح انتقادات كثيرة، واستدعى بعض الرواد ما وصفوه بـ«مقترحات مثيرة للجدل» طالبت بها النائبة آمال عبد الحميد في فترات سابقة، أبرزها مطالبتها بعودة الضرب بالمدارس، وتقليص عدد الإجازات الرسمية.
من ناحية أخرى، تهكم آخرون من المقترح، مع توجيه نداء إلى صاحبته بعدم الترشح مجدداً للبرلمان.
كما تهكم الرواد من حالهم قبل دقائق من الدوام الذي يكون في الأغلب عند الثامنة صباحاً، وسباقهم اليومي للحاق بالموعد.
بينما رأى البعض أن المقترح ستكون له تداعيات اجتماعية سلبية، بعودة الزوج إلى المنزل عند الظهيرة.
ماهو حايرجع من الشغل الساعه 12 يبلط في البيت والستات تقولك الندب بالتار ولا قعاد الراجل في الدار ههههههههههه… انتو احرار ههههههههه
— bassem tawfik84 (@BTawfik84) August 19, 2025
أستاذ الإدارة المحلية، الدكتور حمدي عرفة، قال إن تطبيق هذا المقترح ممكن؛ لكنه ليس بالسهولة التي تبدو، فهو يتطلب تعديلات تشريعية، وحلولاً لوجيستية، وتوفير التكنولوجيا اللازمة. موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن أولى الخطوات لتطبيق هذا المقترح تتمثل في تعديل مواد محددة في قانون الخدمة المدنية، الذي ينظم عمل ما يقارب 4.8 مليون موظف حكومي.
وأشار عرفة إلى أن تطبيق هذه الفكرة يواجه تحديات لوجيستية كبيرة، خصوصاً أن أكثر من 90 في المائة من الموظفين لا يملكون سيارات خاصة، وبالتالي وسائل المواصلات الجماعية قد لا تتمكن من استيعاب الأعداد الضخمة في ساعات الصباح المبكرة، كما أن هناك تحدياً يواجه الموظفين من أولياء الأمور الذين يحتاجون إلى توصيل أبنائهم إلى المدارس قبل التوجه إلى العمل.
ويرى عرفة أن المقترح سيحظى بقبول واسع من الموظفين لأنه يتيح لهم الاستفادة من النصف الثاني من اليوم، مقترحاً أن يكون تطبيق هذا النظام على مراحل، تبدأ بالقيادات العليا في الجهاز الإداري للدولة، مثل الوزراء والمحافظين ووكلاء الوزارات، ثم يتم تطبيقه تدريجياً على بقية الموظفين.