من النادر أن تشاهد لاعبا ثريا من الأبطال المتوجين بألقاب في البطولات الأربع الكبرى للتنس وهو ينافس في سلسلة التحدي الأقل شأنا، خاصة مع ضعف إمكانات هذه السلسلة مقارنة ببريق البطولات التي ينظمها اتحاد المحترفين.
ومع ذلك، كان هذا هو العالم الذي نافس فيه الكرواتي مارين شيليتش الذي جمع ثروة تقارب 32 مليون دولار من الجوائز المالية وحدها، في معظم فترات العام الجاري بعد أن تراجع ترتيبه في التصنيف العالمي ليخرج من قائمة أفضل ألف لاعب بعد خضوعه لجراحة في الركبة في 2023.
ومع تراجع تصنيفه إلى المركز 1092 في أغسطس (آب) الماضي والذي لم يعد يسمح له بالمشاركة في بطولات اتحاد المحترفين، فضل اللاعب الكرواتي العودة إلى الجذور بخوض سلسلة بطولات التحدي من أجل الحفاظ على لياقته.
وكانت هذه الاستراتيجية قد نجحت مع أندريه أغاسي في 1998 حين وجد نفسه في مأزق. وفي غضون عام واحد فاز الأميركي بلقبين في البطولات الأربع الكبرى.
لكن بينما كان أغاسي يبلغ من العمر 28 عاما وقتها ولا يزال أمامه عدة سنوات في عالم التنس، قرر شيليتش أن يسلك الطريق الوعر نحو استعادة مكانته وهو في منتصف الثلاثينيات من عمره.
وبعد أن بذل جهدا شاقا لاستعادة لياقته البدنية بعد أن أدى تلف الغضروف المفصلي إلى تضخم حجم ركبته، لم يكن الكرواتي مستعدا للتخلي عن مسيرته.
وأمس الخميس، نال شيليتش ثمرة الجهد والتعب والألم الكبير الذي تحمله للعودة إلى أعلى المستويات حين كلل عودته إلى ويمبلدون بالفوز 6-4 و6-3 و1-6 و6-4 على البريطاني جاك دريبر المصنف الرابع في الدور الثاني.
وقال شيليتش بطل «أميركا المفتوحة» 2014 بعد عودته إلى نادي عموم إنجلترا للمرة الأولى منذ 2021: «بالنظر إلى كل ما حدث في العامين أو الثلاثة أعوام الماضية. حتى لو نظرت إلى الوضع الذي كنت فيه، وكيف كان حال ركبتي في فبراير (شباط) 2023، والكثير من إعادة التأهيل، والكثير من التكهنات بشأن مستقبلي. حتى بعد عودتي، لم تكن الركبة بحالة جيدة. ماذا أفعل حينها؟ طوال الوقت كانت هناك شرارة الرغبة في البقاء في المنافسات والثقة في أن مستواي لا يزال مرتفعا. قلت دعوني أمنح نفسي فرصة أخرى. الآن في الأشهر الثمانية أو التسعة الماضية ألعب دون ألم وأتقدم بشكل جيد، وهو أمر رائع».
وخلال عام 2025، فاز شيليتش بمباراتين متتاليتين في بطولات المحترفين مرة واحدة فقط.
ومع ذلك، شق شيليتش طريقه مرة أخرى في التصنيف العالمي ليعود إلى قائمة أفضل 100 لاعب بفضل فوزه في بطولتين من بطولات التحدي السبع التي شارك فيها.
وحاول التأهل إلى «فرنسا المفتوحة» لكنه خسر في الدور التأهيلي الأخير، ثم حصل على مكان في القرعة الرئيسية كخاسر محظوظ ليخرج من الدور الأول.
وسرعان ما تلاشت خيبة الأمل هذه عندما فاز ببطولة نوتنغهام للتحدي بعد بضعة أسابيع فقط، ما ضمن وصوله إلى لندن مع بعض التدريبات التي كان في أمس الحاجة إليها على الملاعب العشبية، وهي مسيرة ساعدته بلا شك في التغلب على دريبر الخميس.
وقال شيليتش وصيف بطل ويمبلدون 2017: «لعبت بشكل جيد في الأسابيع القليلة الماضية. في نوتنغهام قدمت بعض اللمحات الرائعة في التنس. كما أنني أشعر بشعور رائع في الحصص التدريبية، لذا لدي ثقة كبيرة في نفسي. هذه النوعية من المباريات تتحداك لتقديم أفضل أداء لأن المنافس على الجانب الآخر من الشبكة سيتحداك بطريقته الخاصة. لكنني أدرك أن مستواي مرتفع للغاية. هل يمكنني الذهاب إلى أبعد من ذلك؟ أشعر أنني أستطيع».
ولخص دريبر شعوره في مواجهة شيليتش المتطور.
وقال لاعب التنس الأول في بريطانيا: «لا أواجه الكثير من اللاعبين في بطولات المحترفين الذين أشعر أنهم يشكلون تحديا كبيرا لي ويمكنهم إسقاطي. تقابلنا على الملاعب العشبية ولست متأكدا من إحصاءات شيليتش لكنه قدم مباراة مذهلة فيما يتعلق بعدد نقاط الفوز المباشر والأخطاء السهلة».
ولم يكن دريبر مخطئا، فقد حقق شيليتش 53 نقطة فوز مباشر مقابل 29 لمنافسه البريطاني.