ترمب يلجأ إلى المحكمة العليا لإنقاذ رسومه الجمركية

طلبت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من المحكمة العليا الأميركية يوم الأربعاء النظر في قضية تهدف إلى الحفاظ على تعريفاته الجمركية الواسعة، والتي فُرضت بموجب قانون يعود لعام 1977 مصمم خصيصاً لحالات الطوارئ.

يأتي هذا الطلب بعد أن أبطلت محكمة أدنى معظم الرسوم الجمركية التي تُعد محوراً أساسياً في الأجندة الاقتصادية والتجارية للرئيس الجمهوري.

واستأنفت وزارة العدل الحكم الصادر في 29 أغسطس (آب) عن محكمة استئناف فيدرالية، الذي قضى بأن الرئيس تجاوز سلطاته عند تفعيل القانون المعروف باسم «قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية» (IEEPA)، مما يقوض أولوية رئيسية لإدارة ترمب في ولايته الثانية.

وتظل التعريفات الجمركية سارية المفعول حالياً، حيث أوقفت محكمة الاستئناف قرارها لإتاحة الوقت للإدارة لتقديم طلب المراجعة للمحكمة العليا.

حاويات مخزنة في هامبورغ بألمانيا (رويترز)

الجدول الزمني وموقف الخصوم

طلبت وزارة العدل من المحكمة العليا البت في قبول القضية بحلول 10 سبتمبر (أيلول)، واقترحت جدولاً زمنياً سريعاً لحل النزاع، مع تحديد المرافعات الشفوية في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أي بعد شهر واحد فقط من بداية الدورة القضائية 2025-2026.

من جانبهم، لم يعارض محامو الشركات الصغيرة التي تتحدى التعريفات طلب الحكومة للمحكمة العليا بالنظر في القضية. وفي بيان، أعرب جيفري شواب، أحد المحامين من مركز «ليبرتي» للعدالة، عن ثقته بتحقيق النصر، قائلاً: «نأمل في حل سريع لهذه القضية من أجل موكلينا».

خلفية النزاع القانوني

تُعد هذه الرسوم جزءاً من «حرب تجارية» أثارها ترمب منذ عودته إلى الرئاسة في يناير (كانون الثاني)، وقد أدت إلى توتر العلاقات مع الشركاء التجاريين، وزادت من تقلبات الأسواق المالية، وأشعلت حالة من عدم اليقين الاقتصادي العالمي.

لقد جعل ترمب من التعريفات ركيزة أساسية في سياسته الخارجية الأميركية، مستخدماً إياها لممارسة ضغوط سياسية، وإعادة التفاوض على الاتفاقيات التجارية، وانتزاع تنازلات من الدول التي تصدّر سلعاً إلى الولايات المتحدة.

أساس الدعوى ومبرراتها

يتعلق النزاع القانوني باستخدام ترمب قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية لفرض ما يسميه «تعريفات متبادلة» لمعالجة العجز التجاري في أبريل (نيسان)، بالإضافة إلى تعريفات منفصلة أُعلن عنها في فبراير (شباط) كوسيلة ضغط اقتصادي على الصين وكندا والمكسيك بهدف الحد من تهريب مادة الفنتانيل والمخدرات غير المشروعة إلى الولايات المتحدة.

يمنح قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية الرئيس صلاحية التعامل مع «تهديد غير عادي واستثنائي» في حالات الطوارئ الوطنية، وقد استُخدم تاريخياً لفرض عقوبات على الأعداء أو تجميد أصولهم. قبل ترمب، لم يُستخدم القانون قط لفرض تعريفات جمركية.

وقد جادلت وزارة العدل التابعة لترمب بأن القانون يسمح بفرض التعريفات بموجب أحكام الطوارئ التي تمنح الرئيس صلاحية «تنظيم» الواردات أو حظرها بشكل كامل.

سفينة حاويات بعد مغادرتها ميناء لوهافر الفرنسي تصل إلى محطة حاويات بورت نيوارك في نيوجيرسي (رويترز)

قرارات المحاكم السابقة

جاء حكم محكمة الاستئناف نتاجاً لتحديين قانونيين؛ الأول رفعته 5 شركات صغيرة تستورد سلعاً، بما في ذلك مستورد خمور ومشروبات كحولية في نيويورك، وبائع تجزئة لمعدات الصيد في ولاية بنسلفانيا. أما التحدي الثاني، فقد قدمته 12 ولاية أميركية، معظمها يحكمها ديمقراطيون.

وتنص الدساتير على أن الكونغرس، وليس الرئيس، هو من يمتلك سلطة فرض الضرائب والرسوم الجمركية، وأن أي تفويض لتلك السلطة يجب أن يكون صريحاً ومحدوداً. وقد اتفقت محكمة الاستئناف الأميركية للدائرة الفيدرالية في واشنطن مع هذا المبدأ، حيث قضت بأن سلطة الرئيس في «تنظيم» الواردات بموجب القانون لا تشمل سلطة فرض التعريفات.

وقالت محكمة الاستئناف في قرارها الذي صدر بأغلبية 7 أصوات مقابل 4: «يبدو من غير المرجح أن الكونغرس، عند سن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، كان ينوي أن يحيد عن ممارساته السابقة ويمنح الرئيس سلطة غير محدودة لفرض تعريفات».

وأضافت محكمة الاستئناف أن نظرة الإدارة الموسعة للقانون تنتهك مبدأ «الأسئلة الكبرى» الذي وضعته المحكمة العليا، والذي يتطلب أن تكون الإجراءات التنفيذية ذات الأهمية الاقتصادية والسياسية الكبيرة مفوضة بوضوح من قبل الكونغرس.

وقد أصدرت محكمة التجارة الدولية الأميركية في نيويورك حكماً سابقاً ضد سياسات ترمب التعريفية في 28 مايو (أيار). كما قضت محكمة أخرى في واشنطن بأن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية لا يخول ترمب فرض التعريفات، واستأنفت الحكومة ذلك القرار أيضاً. ويوجد ما لا يقل عن 8 دعاوى قضائية أخرى تتحدى سياسات ترمب التعريفية، بما في ذلك دعوى رفعتها ولاية كاليفورنيا.

يأتي استئناف الإدارة في وقت يبدو فيه أن معركة قانونية أخرى حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي ستصل أيضاً إلى المحكمة العليا، ما يمهّد لمواجهة قانونية محتملة حول سياسة ترمب الاقتصادية بأكملها في الأشهر المقبلة.

شاركها.
Exit mobile version