واصلت «قوات الدعم السريع» السودانية قصف مدينة الفاشر، أكبر مدن إقليم دارفور، بالمدفعية، بينما حلقت المسيَّرات التابعة لها في سماء المدينة، وسُمعت أصوات انفجارات عديدة لم تُحدد مواقعها.

وقال شاهد لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الدعم السريع» ظلت تقصف الفاشر منذ الصباح الباكر من يوم السبت، واستمر القصف لعدة ساعات قبل أن يتوقف بعد منتصف اليوم، فيما أثارت المسيرات التي تحلق في السماء الذعر بين المدنيين.

ودأبت «قوات الدعم السريع» على شن هجمات مستمرة على مناطق سيطرة الجيش، خصوصاً مقر «الفرقة السادسة مشاة»، بشكل مستمر بهدف كسر دفاعات الجيش ودخول مناطق سيطرته في المدينة، لكن الجيش تصدى لهذه الهجمات.

وحققت «قوات الدعم السريع» تقدماً لافتاً في الآونة الأخيرة، وتوغلت في الأحياء الشرقية والجنوبية للمدينة المحاصرة منذ أكثر من عام، كما توغلت في مخيم «أبو شوك» للاجئين، وأحياء «مربع 17»، «أولاد الريف»، «الوادي»، «تمباسي»، «مكركا».

وفي المقابل يسيطر الجيش على القطاع الغربي من المدينة وأجزاء من حي أبو شوك.

ويرجع تقدم «قوات الدعم السريع» إلى حصولها واستخدامها لمسيرات يُرجح أنها من طراز «إف بي في» (FPV) ذات الدقة العالية، في تنفيذ هجمات منسقة، تمهد لهجمات السيارات المدرعة بغرض شل تحركات الجيش وفتح ثغرات في خطوط دفاعه.

منسقة الشؤون الإنسانية

دينيس براون المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية مع أفراد المجتمع المحلي خلال زيارتها لمنطقة طويلة شمال دارفور (موقع الأمم المتحدة)

وفي سياق متصل، قامت منسقة الشؤون الإنسانية، دينيس براون، بزيارة منطقة «طويلة» في ولاية شمال دارفور التي تبعد عن الفاشر نحو 50 كيلومتراً، وتضم نحو 600 ألف نازح، فرّ معظمهم من الفاشر والمناطق المجاورة لها، ومن الخرطوم منذ بداية الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023.

ووصفت الوصول إلى بلدة «طويلة» بأنه كان معقداً وصعباً، بقولها: «اضطررنا لتغيير مسارنا مرات عديدة لكثرة خطوط الجبهات داخل السودان، والوصول إلى المكان الذاهبون إليه كان صعباً للغاية». وأضافت: «استغرقت الرحلة خمسة أيام، قطعنا خلالها 5 آلاف كيلومتر عبر ثلاث دول، وثلاث طائرات مختلفة، وثلاثة أيام من القيادة».

وقالت إن الهدف من زيارتها لبلدة «طويلة» هو أن المنطقة تعد مركز استجابة إنسانية قريبة من الفاشر، مضيفة أن «منسق الشؤون الإنسانية يحتاج إلى الوجود على الأرض، فضلاً عن قرب هذه المنطقة من الفاشر».

وكشفت عن شح تمويل عمليات الاستجابة الإنسانية في المنطقة، قائلة: «لدينا فريق جيد من الأمم المتحدة على الأرض، لكنه عاجز، وليس بمقدوره تقديم الخدمات التي يجب أن نقدمها، لأننا لا نملك المال للقيام بذلك».

الفرار من المدينة

موجات النزوح من الفاشر لا تتوقف (أرشيفية – أ.ف.ب)

وأوضحت براون أن الفرار من القتال في الفاشر لا يزال مستمراً، وأن النساء وصلن إلى بلدة «طويلة» هرباً من العنف بعد مقتل أزواجهن وأطفالهن. ونقلت للصحافيين قصة نساء فررن من الفاشر، وقالت إن إحداهن مع أطفالها الثلاثة استغرقوا سبعة أيام على ظهر حمار للوصول إلى بلدة «طويلة»، وبينهم طفل رضيع يعاني سوء تغذية حاد. وقالت: «هذه مجرد نتيجة يجب أن نتوقعها لأناس يمرون بهذا الوضع المروع ويضطرون للمجيء إلينا، بدلاً من وصولنا إليهم».

ودعت المنسقة بشدة لوقف الحرب والعنف وفتح المعابر للوصول إلى سكان الفاشر المحاصرين، بقولها: «أوقفوا العنف، أوقفوا الحرب، اسمحوا لنا بالمرور، نريد الوصول إلى حيث يوجد الناس، لا نريد أن ننتظر وصول الناس إلينا، لأنهم سيكونون عندئذ في وضع صعب للغاية».

ونددت المسؤولة الأممية بالعنف الجنسي، واعتبرت محاربته «أولوية مُلحّة»، ووصفته بأنه «قبيح للغاية»، قائلة: «سبق أن أبلغت الأمم المتحدة عن أنماطه المرتبطة بالنزاع التي تُستخدم سلاح حرب، ويشمل الاغتصاب، والاغتصاب الجماعي، والاستعباد الجنسي، والعنف الجنسي الذي يرقى إلى مستوى التعذيب».

حماية المدنيين

دمار لحق بـ«مستشفى الفاشر» إثر معارك سابقة (صفحة حاكم إقليم دارفور على «فيسبوك»)

وشددت على أهمية حماية المدنيين بقولها: «المدنيون في السودان يدفعون ثمناً باهظاً جداً للعنف في ظل التحرش، التخويف، الاغتصاب، القتل، تعطل الخدمات الاجتماعية الأساسية». وأشارت إلى تعطل سلاسل الإمداد بسبب إغلاق الطرق ورداءتها، موضحة أن ذلك يعقد وصول الإمداد، ما يؤدي لرفع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني، في ظل صعوبة الحصول على المياه النظيفة، والمعاناة من الصرف الصحي السيئ، ما أدى لتفشي وباء الكوليرا وحمى الضنك، مضيفة: «هذا وضع قابل للانفجار بالنسبة للأطفال الصغار». وقالت إن خطة الاستجابة الإنسانية في السودان هي الأعلى تمويلاً، وتستهدف نحو 30 مليون شخص، في وقت لا تتعدى فيه نسبة التمويل المتاحة 25 في المائة من جملة المبالغ المطلوبة.

شاركها.
Exit mobile version