وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، الهجوم الذي شنته روسيا على بلاده خلال الليل بأنه واحد من أوسع الهجمات الجوية الروسية نطاقاً التي تعرضت لها بلاده حتى الآن منذ بداية الحرب في فبرايرا (شباط) 2022، وذلك بعد انتهاء المكالمة الهاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وشدد زيلينسكي على أن موسكو لن توقف هجماتها ما لم تتعرض لضغوط مكثفة. ووصف في منشور على منصة إكس الهجوم بأنه «هائل ومتعمد بشكل لا إنساني». وتابع: «روسيا تظهر مجدداً أنها لا تنوي إنهاء الحرب والإرهاب».
و
قالت القوات الجوية الأوكرانية، الجمعة، إن روسيا أطلقت عدداً غير مسبوق من الطائرات المسيّرة والصواريخ بلغ 539 طائرة مسيّرة و11 صاروخاً باليستياً ومن طراز كروز على أوكرانيا خلال الليل، وأضافت أن وحدات الدفاع الجوي أسقطت 270 طائرة مسيّرة، بينما فُقد أثر 208 أخرى، وأن الدفاع الجوي أسقط أيضاً صاروخي كروز. وقال المتحدث باسمها يوري إيغنيات للتلفزيون الأوكراني «هاجم العدو بعدد كبير جداً من المسيّرات (…) وهو العدد الأكبر الذي يستخدمه العدو في هجوم واحد».
وأوضح زيلينسكي في حسابه على منصة «إكس» أن العاصمة كييف كانت الهدف الرئيسي للهجوم الذي طال أيضاً مناطق دنيبرو وسومي وخاركيف وتشيرنيهيف.
وقالت السلطات في كييف إن روسيا قصفت العاصمة الأوكرانية بطائرات مسيّرة في هجوم استمر طوال الليل، مما أسفر عن إصابة 23 شخصاً على الأقل وإلحاق أضرار بالبنية التحتية للسكك الحديدية وإضرام النيران في مبان وسيارات. وسجلت أضراراً في ستة من أحياء كييف العشرة على جانبي نهر دنيبرو الذي يقسم المدينة، وأدى سقوط حطام طائرة مسيّرة إلى اشتعال النيران في منشأة طبية في حي هولوسيفسكي. واستمرت الإنذارات من الغارات الجوية لأكثر من ثماني ساعات خلال الليل.
وكما الحال في كلّ هجوم روسي كبير، توافد سكان في العاصمة إلى محطات المترو للاحتماء فيها ليلاً، وفق مشاهدات مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية». وتمكّن البعض منهم من النوم، في حين بقي آخرون مسمّرين أمام شاشات هواتفهم. وكان شاب، يعمل على الأرجح في مجال التدريس، يصحّح امتحانات حملها في علبة كرتون. وروت يوليا غولوفنينا (47 عاماً) «نمضي كلّ ليالينا هنا. وبتنا نعرف طاقم العمل والأشخاص الذين يأتون» إلى المحطّة حيث «الوضع أكثر هدوءاً مما هي الحال في الخارج».
وروى تيمور الذي يقطن كييف أنه نزل إلى الطابق السفلي مع بقية سكّان مبناه للاحتماء من القصف. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كان الوضع مخيفاً، مخيفاً جدّاً. وكنت خائفاً على أقاربي»، مشيراً إلى أن «الناس كانوا يبكون، وكذلك الأطفال». وتابع: «لم نر شيئاً من هذا القبيل في السابق. ولم نسمع هذا العدد من الانفجارات من قبل. وكان ذاك الهجوم الأكثر عنفاً الذي شهدته منذ إقامتي هنا».
ولفت الرئيس الأوكراني إلى أن روسيا لن تغير سلوكها من دون ضغط حقيقي واسع النطاق، عادّاً أن الرد المناسب على مثل هذه الهجمات هو فرض عقوبات ملائمة على موسكو وتوجيه «ضربات أخرى لاقتصادها وإيراداتها وبنيتها التحتية».
وأعلن الجيش الروسي عن استهدافه في الهجوم مطاراً عسكرياً ومصفاة نفط. أفاد منسق حركة العمل السري الموالية لروسيا، سيرجي ليبيديف، الجمعة، بأن الجيش الروسي قصف أنظمة دفاع جوي ومستودعات ذخيرة في مقاطعة كييف. وقال ليبيديف: «في مقاطعة كييف… كانت الضربة الرئيسية موجهة ضد المرافق اللوجيستية والدفاع الجوي والمستودعات ومنشآت الوقود ومواد التشحيم»، وفقاً لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية. بالإضافة إلى ذلك، قصفت المقاتلات الروسية مستودعات في مقاطعة تشيركاسي، وفي منطقة دنيبروبيتروفسك، مستودعات قطارات ومعدات تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية وقواعد إصلاح.
وفي روسيا، قتل شخص ليلاً إثر هجوم بمسيّرات أوكرانية في منطقة روستوف (الجنوب)، وفق الحاكم الإقليمي. وأكّدت أوكرانيا استهدافها مصنعاً للألياف البصرية والمعدّات الميكانيكية يصنع مكوّنات أجهزة للجيش الروسي.
من جانب آخر، قال وزير الدفاع ورئيس المخابرات العسكرية الهولنديان، لـ«رويترز»، إن أجهزة المخابرات الهولندية جمعت أدلة على استخدام روسيا أسلحة كيميائية محظورة في أوكرانيا على نطاق واسع.
وأضافا أن هذا الاستخدام شمل إسقاط مادة خانقة باستخدام طائرات مسيّرة لإجبار جنود على الخروج من الخنادق حتى يتسنى إطلاق النار عليهم. ودعا وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانس إلى فرض عقوبات أكثر صرامة على موسكو. وقال في مقابلة: «الاستنتاج الرئيسي هو أننا نستطيع تأكيد أن روسيا تكثف استخدام الأسلحة الكيميائية». وأضاف: «هذه الزيادة في حدة الاستخدام مثيرة للقلق لأنها جزء من توجه نلاحظه منذ عدة سنوات إذ أصبح استخدام روسيا للأسلحة الكيميائية في هذه الحرب أكثر اعتياداً ونمطية وانتشاراً».
لم تتطرق تقارير سابقة إلى استنتاجات الاستخبارات الهولندية بشأن مزاعم استخدام روسيا للكلوروبكرين وهو مركب كيميائي استخدمته ألمانيا لأول مرة خلال الحرب العالمية الأولى. وقال بيتر ريسينك رئيس جهاز المخابرات العسكرية الهولندي إن هذه الاستنتاجات تستند إلى «معلوماتنا المخابراتية المستقلة، لذا فإننا رصدناها بأنفسنا بناء على تحقيقاتنا الخاصة». وقالت «رويترز» التي أوردت الخبر، إنها لم تتحقق بشكل مستقل من استخدام أي من الطرفين مواد كيميائية محظورة في حرب أوكرانيا.
واتهمت الولايات المتحدة روسيا للمرة الأولى باستخدام مادة الكلوروبكرين، وهي مركب كيميائي أكثر سمية من مواد مكافحة الشغب، في مايو (أيار) من العام الماضي.
وتتحدث أوكرانيا عن وجود آلاف الحالات من استخدام روسيا أسلحة كيميائية. ولم ترد وزارة الدفاع الروسية بعد على طلب للتعليق على ما ورد في هذا التقرير. وتنفي روسيا استخدام ذخائر غير مشروعة وتتهم أوكرانيا بالقيام بذلك. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا يوم الأربعاء إن جهاز الأمن الاتحادي اكتشف مخبأ أوكرانيا للعبوات الناسفة في شرق البلاد يحتوي على مادة الكلوروبكرين.
وتنفي أوكرانيا هذه الاتهامات باستمرار.