رئيس وزراء السودان يتعهد بـ«القضاء على التمرد»
تعهد رئيس الوزراء الجديد في السودان، كامل إدريس، في أول خطاب له، بـ«القضاء التام على التمرد وكل أشكال الميليشيات المتمردة، وحفظ الأمن القومي السوداني». كما حث إدريس الدول الداعمة لـ«قوات الدعم السريع» على التوقف، وتبني حملة ما أسماه «استشفاء وطني شامل»، قائلاً إنه سيتبنى حواراً سودانياً – سودانياً، لا يستثني أحداً، وينبذ الجهوية والعنصرية «بعد القضاء على التمرد».
وقال إدريس في أول خطاب للشعب السوداني، بعد أدائه اليمين الدستورية، يوم السبت، إن أولياته تبدأ بالأمن القومي، وحفظ هيبة الدولة، والقضاء تماماً على التمرد الحالي، وإنهاء ظاهرة الميليشيات المتمردة. ووعد إدريس الشعب بإقامة دولة القانون بما في ذلك النيابة والقضاء والمحكمة الدستورية وحفظ الأمن، وإدارة الفترة الانتقالية والجهاز التنفيذي بكل كفاءة ونجاح من أجل استتباب الأمن والاستقرار في البلاد.
وأضاف أنه سيعمل على إعادة بناء علاقات السودان الخارجية، لا سيما مع دول الجوار والمحيطين العربي والأفريقي، ومع كل دول العالم، مشيراً إلى أنه وافق على تولي منصب رئيس الوزراء في هذه المرحلة التي عدها «مفصلية في تاريخ الأمة»، وأنه يدرك تماماً المسؤولية الملقاة على عاتقه، متعهداً بالعمل لخدمة الوطن والمواطن.
«الاستشفاء الوطني»
وأعلن إدريس تبنيه لما أسماه «الاستشفاء الوطني»، الذي يشمل إنفاذ مبادئ العدالة والسلام، وسيادة حكم القانون، وتحقيق التنمية المستدامة، وتقديم الخدمات بما في ذلك الكهرباء والمياه، والصحة والتعليم، ومكافحة الفساد بكل أشكاله وألوانه.
وتعهد بإيلاء اهتمامه بمعاش الناس، واستنفار كل الإمكانات الداخلية، بما في ذلك زيادة الصادرات، وتفعيل الصناعات، والزراعة، وتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة، والعمل على إعادة الإعمار وجبر الضرر، وإعادة هيكلة الدولة السودانية، الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود، واستنفار الإمكانات المحلية كافة. وناشد إدريس المجتمعين الدولي والإقليمي، لدعم السودان من أجل تحقيق سلام مستدام في البلاد، قائلاً: «أنتم مدعوون للإسهام في تحقيق السلام، وخلق شراكات فعالة مع السودان، والمساعدة على إعادة إعماره».
وكان إدريس قد استهل خطابه بتحية الجيش والقوات المساندة له، بما في ذلك حركات الكفاح المسلح والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية والمستنفرين، و«كل مَن شارك في معركة الكرامة» التي وصفها بـ«المعركة الوجودية»، بالمال أو الفكر أو القلم. وقال إنه سيقف على مسافة واحدة من كل الفعاليات والقوى السودانية، «لكنني سألغي هذه المسافة مع المواطن والشعب السوداني»، مجدداً شكره للجيش والقوات المشتركة المساندة له. وأضاف إدريس: «الشكر لكل الدول الشقيقة والصديقة، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، ومنظمة (الإيغاد)، وكل المنظمات الإقليمية والدولية التي ساندت السودان، في وحدته، وسيادته، وكرامته، وقيمه».
قرار التعيين
وكان رئيس مجلس السيادة قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان، قد أصدر يوم 19 مايو (أيار) مرسوماً قضى بتعيين إدريس رئيساً لمجلس الوزراء، بعد أن ظل المنصب شاغراً منذ استقالة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، على خلفية انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، الذي نفذه البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المشهور بـ«حميدتي»، ضد الحكومة المدنية التي تشكلت بعد إطاحة نظام الرئيس السابق عمر البشير بثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019، مما جعل الكثيرين يطلقون عليها اسم «حكومة الثورة».
وشغل رئيس الوزراء الذي أدى اليمين الدستورية، يوم السبت، منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (وايبو)، وعمل أميناً عاماً للاتحاد الدولي لحماية المصنفات النباتية الجديدة، كما كان قد ترشح لرئاسة الجمهورية، منافساً للرئيس السابق عمر البشير، في انتخابات عام 2010، وحصل على نحو 77 ألف صوت من جملة الناخبين الذين شاركوا في التصويت، ويزيد عددهم على 10 ملايين.
قصف المسيّرات
في غضون ذلك، قصفت ثلاث طائرات مسيَّرة مواقع تابعة لـ«قوات الدعم السريع» في غرب السودان، حسبما أورد شهود، يوم الأحد.
وقال السكان إن الغارات وقعت في وسط مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، واستهدفت فندقاً ووحدة طبية تابعة لـ«الدعم السريع»، ومواقع للقوات في الأطراف الشرقية للمدينة.
وقال أحد الشهود لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في رسالة نصية: «شاهدنا سيارات إسعاف تنقل مصابين إلى عدد من المستشفيات». وتكثفت الغارات الجوية على مواقع «قوات الدعم السريع»، مستهدفةً مطار نيالا، وهو قاعدة رئيسية لـ«قوات الدعم السريع»، وأهدافاً أخرى.
وفي مايو، قصف الجيش مواقع تابعة لـ«قوات الدعم السريع» في مدينتي نيالا والجنينة في إقليم دارفور، حيث دمّرت مخازن أسلحة ومعدات عسكرية، حسب مصدر عسكري. وأضاف أن المسيّرات الصينية الصنع بدت «قادرة على مراقبة بعيدة المدى وتنفيذ ضربات».
وتعرضت طائرة شحن لإطلاق نار أثناء هبوطها في مطار نيالا، إلا أن المصدر لم يحدد الجهة المسؤولة. وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية التي نشرها مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل، الشهر الماضي، تقدم 6 طائرات في مطار المدينة الذي تسيطر عليه «قوات الدعم السريع».
ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل 2023 بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في القوات المسلحة في أثناء عملية سياسية للانتقال إلى حكم مدني. وتسببت الحرب في إحدى كبرى الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ نزح أكثر من 12 مليون سوداني داخل البلاد وخارجها، كما أصبح ما يقرب من نصف عدد السكان على شفا المجاعة.