لم يكن نيك كيرجيوس، أحد أكثر لاعبي التنس إثارة للجدل والاهتمام في جيله، يتوقّع أن يشعر بهذا القدر من الانبهار خارج ملاعب الكرة الصفراء.
لكنه وجد نفسه في قلب الرياض، النابض بالحياة، وسط كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025، أمام مشهد لم يعتده؛ مدرجات مكتظة، وأعصاب مشدودة، وعقول تعمل بسرعة البرق خلف شاشات مضيئة.
هناك، لم يكن الجمهور يهتف لضربات الإرسال أو التبادلات الطويلة، بل للمهارة، للتركيز، ولتلك الجرأة الرقمية التي خطفت إعجاب نجم التنس العالمي وجعلته يصرّح بلا تردد: «لا أظن أنني أستطيع مجاراتهم…».
وسط أجواء مليئة بالترقب والحماس، حيث تتعالى أصوات آلاف الجماهير المتأهبة على مقاعدها دعماً للاعبين والفرق، يتجلّى التنافس في الرياضات الإلكترونية كمعركة حقيقية لا تعرف سوى القوة والإصرار، ما يؤكد أن العالم الرقمي يتطلب جرأة وشجاعة لا تقل أبداً عن تلك المطلوبة في أعرق المنافسات الرياضية التقليدية.
وفي إطار هذه الأجواء التنافسية، عبّر كيرجيوس عن إعجابه الكبير بمستوى المهارات الاحترافية التي أظهرها اللاعبون العالميون، مسلطاً الضوء على حجم الضغط النفسي الهائل الذي يواجهونه خلال المنافسات.
قال كيرجيوس: «الأمر أبعد ما يكون عن السهولة، وبصراحة لا أظن أنني قادر على مجاراتهم. يعتقد البعض أن الوصول إلى هذا المستوى مجرد مسألة بسيطة، لكن هؤلاء اللاعبين يتمتعون بمهارات لا تصدق، فهم يجمعون بين التفوق التكتيكي وسرعة البديهة، وأي خطأ بسيط قد يكلّف الكثير، خصوصاً في المواعيد الكبرى، كما أن الضغط النفسي المصاحب لهذه البطولات يفوق الوصف؛ إذ يتنافس اللاعبون على الساحة العالمية حيث تشاهدهم أعين الملايين، ما يخلق مزيجاً من الخوف والإثارة في آنٍ واحد».
ورغم شهرته الواسعة في ملاعب التنس، يخصص كيرجيوس جزءاً من وقته للألعاب الإلكترونية، إذ تمثل جزءاً لا يتجزأ من حياته الاجتماعية والشخصية.
وأوضح: «لطالما كنت عاشقاً للألعاب الإلكترونية، مثل كول أوف ديوتي أو بوكيمون، إذ تشكل هذه الألعاب بالنسبة لي وسيلة للاسترخاء وقضاء وقت ممتع، خصوصاً أثناء تنقلاتي المستمرة التي تمتد لأكثر من 8 أشهر كلاعب تنس محترف. وكانت فرصة اللقاء بالمحترفين والحضور بينهم تجربة فريدة من نوعها، خاصة بصفتي من محبي هذا المجال المتميز. شغفي بعالم الألعاب الإلكترونية عميق وحقيقي، إذ تشكلت معظم صداقاتي وعلاقاتي عبر هذا العالم الرقمي الذي أجد فيه مجتمعاً رائعاً».
وبالنظر إلى المستقبل بعد انتهاء مسيرته في التنس، أعرب كيرجيوس بصراحة عن رغبته في الانخراط في مجال الألعاب الإلكترونية، وتحويل شغفه العميق إلى مسيرة مهنية جديدة تعكس تطلعاته وشغفه المتجدد.
وقال: «أجد نفسي بلا شك مندمجاً في عالم الرياضات الإلكترونية، حيث تربطني علاقات وثيقة مع العديد من المحترفين في هذا المجال، ومن بينهم صديق يمتلك فريقاً في واشنطن. لا أتطلع للمشاركة كمنافس، لكنني أحرص على أن أكون جزءاً فعالاً من هذا المشهد المتنامي بأي طريقة ممكنة. لدي حب كبير لهذا المجال، وأستمتع بمشاهدة اللاعبين وهم يشاركون في المنافسات العالمية، حيث يظهرون شغفهم ويطلقون العنان لإمكاناتهم».
وأشاد كيرجيوس باستضافة الرياض وبالبنية التحتية المتطورة لكأس العالم للرياضات الإلكترونية، واصفاً إياها بأنها من بين الأفضل على مستوى الرياضة والترفيه. وصرّح: «لدي محبة خاصة لمنطقة الشرق الأوسط، فكل زيارة إليها هي سلسلة من اللحظات والتجارب التي لا تُنسى. أغتنم بكل حماس أي فرصة للعودة، لما أجده فيها من أناس يتسمون بصدق الود والترحاب. لكن ما أدهشني حقّاً هو ذلك الصرح الرياضي الفريد في بوليفارد رياض سيتي. إنه حقّاً أحد أبرز المعالم الرياضية التي رأيتها على الإطلاق، وميزته أنه يظل مفتوحاً على مدار العام».
وأثناء استعراضه أوجه التشابه بين مسيرته كلاعب تنس محترف ومسيرة نجوم الرياضات الإلكترونية، أشاد كيرجيوس بتفانيهم والتزامهم في تطوير مهاراتهم، ما يسهم في تحولهم إلى أساطير في مجالاتهم.
وقال: «قابلتُ أحد المحترفين الذي عبّر عن اشتياقه لمتعة اللعب مع أصدقائه، وهو شعور أتفهمه تماماً. عندما يطلب مني أحدهم لعب التنس، لا أجد الرغبة في لمس المضرب، فقد تحول الأمر بالنسبة لي إلى عمل ومسار مهني. هؤلاء اللاعبون يتدربون 8 ساعات يوميّاً؛ فالمنافسة بالنسبة لهم ليست مجرد تسلية، بل مواجهات مصيرية تتطلب أقصى درجات التركيز. أكنّ لهم كل الاحترام والتقدير».