رغم أن طبعات البولكا، أو النقشات المنقّطة، شهدت أوج شعبيتها في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، بل حتى قبل ذلك بعدة عقود، فإنها تعود هذا الموسم بزخم غير مسبوق لتتصدّر مشهد الموضة، كإحدى أبرز الصيحات التي تخاطب أذواقاً متعددة. لا يهم إن كانت المرأة جريئة أم كلاسيكية الهوى، فالنتيجة واحدة: فهذه النقشات تمنحها أناقة تناسب انتعاش أجواء الصيف وأناقة موسم الأعراس.
عروض أزياء ربيع وصيف 2025 خير شاهد على هذه العودة اللافتة؛ فقدّمت كارولاينا هيريرا البولكا بأسلوب أنثويّ يميل إلى رومانسية أيام زمن، من خلال فساتين كروشيه وأخرى قصيرة ومنسدلة للنهار وفساتين طويلة وتنورات واسعة ومستديرة للمساء والسهرة. علامة «جاكيموس» أيضاً عبَّرت عن حنينها للماضي بالعودة إلى أجواء الخمسينات، فيما ذهب الثنائي «دولتشي آند غابانا» إلى مقاربة أكثر إثارة وأنوثة، ودار «موسكينو» إلى عنصر الشقاوة الذي تتقنه جيداً. قد يكون الأسلوب الذي استعملته يحنّ إلى مرحلة الطفولة من خلال فيونكات وكشاكش، إلا أن جرعة شقاوته ومرحه تشفع له.
هذا التباين بين الفخامة والمرح هو ما يمنح هذه النقشة ديناميكية تجعلها قادرة على إغواء مُحبّات البساطة من ذوات الأسلوب المتحفظ كما الراغبات في لفت الانتباه.

المهم أن جولة سريعة في الأسواق أو متابعة الفعاليات على وسائل التواصل من شأنها أن تُذوِب أي مخاوف من هذه النقشة. الفضل يعود إلى تنوعها وانفتاحاً على جميع الأساليب والطبقات. فقد مضى الزمن الذي كانت فيه حكراً على الطبقات الأرستقراطية الأوروبية. الآن هي متوفرة في محلات شعبية مثل: «زارا»، و«مانغو»، و«جي كرو»، وغيرها من المحلات التي تراعي ذوات الإمكانات المتوسطة.
ومع ذلك لا بد من التنويه بأنها لا تزال تحمل بين طياتها وثنياتها رائحة ماضٍ راقٍ. فصور الأميرة الراحلة ديانا التي اعتمدت هذه النقشات في عدة مناسبات لا تزال تتصدر المشهد، كذلك ظهور أميرة ويلز كيت ميدلتون، بها في مهرجان «أسكوت» في عام 2023، وحديثاً لدى حضورها قدّاس الذكرى الـ80 ليوم النصر في أوروبا (VE Day) في كنيسة وستمنستر. غنيٌّ عن القول أن لهذه الأخيرة دوراً كبيراً في الترويج لها حالياً بين بنات جيلها والتذكير بعمق حضورها في خزانة الأناقة الملكية.
حنين إلى الثمانينات
ما يلفت في هذه العودة هو توقيتها، المتزامن من جهة مع حنين واضح إلى أسلوب الثمانينات بكل مبالغاته وزخرفاته، ومن جهة أخرى مع بداية خفوت موجة «الفخامة الهادئة» التي سادت في السنوات الأخيرة، خصوصاً لدى الفئات المتوسطة الباحثة عن التغيير والتعبير عن الذات. وهذا ما التقطه كثير من بيوت الأزياء العالمية وقدمته على طبق رومانسي في عروضها لصيف 2025. تطورت الأقمشة لتزيد انسدالاً وترفاً، واكتسبت التصاميم عصرية تغازل الرومانسية من بعيد.
هذه التفاصيل التي انتبه إليها المصممون أخيراً جعلت النقشة قابلة للتكيّف مع مختلف الشخصيات والمناسبات، وجعلتهم يتنفسون الصعداء.
فبعد عدة محاولات سابقة لإغواء المرأة بهذه النقشات، دون نجاح يُذكر، ها هم أخيراً يسجلون أهدافهم. تحوّل فتورها وتحفظها إلى ثقة بعد أن قدّموها ضمن تصاميم معاصرة. إطلالات النجمات على السجادة الحمراء أسهمت بدورها في التأثير على الذوق العام، لأنهن جعلنها مرادفاً للتجديد عوض اجترار للماضي، خصوصاً أن من اعتمدنها حديثاً كنَّ من أعمار وشخصيات مختلفة.
النجمة دوا ليبا، مثلاً، اعتمدتها في جاكيت أسود منقط بالأبيض بقصّة واسعة، نسّقته مع بنطلون جينز وقميص أبيض. إطلالة تجمع بين التمرّد والحداثة. أما النجمة بريانكا شوبرا، فاختارت النقشة على هيئة تايور فاخر من تصميم بالمان، تميّز بجاكيت واسع عند الخصر يستحضر جاكيت «البار» الذي أبدعه الراحلة كريستيان ديور في الخمسينات من القرن الماضي، وتنورة مستقيمة طويلة. نسّقت الإطلالة مع قبعة وقفازات سوداء، لمزيد من الدرامية.
أما الممثلة والمخرجة ماريسكا هارتيغاي، فاختارت مساراً أكثر هدوءاً في مهرجان «كان» السينمائي الأخير، من خلال زي مكون من بنطلون «بالاتزو» واسع وبلوزة مزينة بكشاكش على الأكتاف من كارولاينا هيريرا. انسداله وعمليته عكسا شخصيتها الكلاسيكية. هذه الإطلالات المتنوعة، تؤكد أن هناك مساحة كافية يمكن لأي امرأة، أياً كان أسلوبها، أن تلعب فيها. بينما يمكن استعمالها من الرأس إلى أخمص القدمين، يمكن أيضاً الاكتفاء بقطعة واحدة وتنسيقها مع ملابس أحادية اللون أو بخامات مختلفة مثل الجلد تمنحها لمسة تمرد، أو بإكسسوار صغير: حقيبة، حزام، أو صندل أو إيشارب.
لمناسبات السهرة والمساء، يمكن لمن تفضّل الإطلالات البسيطة اعتماد هذه النقشة بأسلوب ناعم، دون أي مبالغة. يكفي اختيارها بحجم صغير على أرضية سوداء. لكن إذا كان المراد لفت الانتباه والكثير من الإبهار، فإن استعمالها على أرضية بيضاء بنقط سوداء كبيرة تفي بالمطلوب. صحيح أن مثل هذه الإطلالات تحتاج إلى جرعة عالية من الثقة بالنفس، إلا أنها تُخلِّف تأثيراً قوياً يعكس ذوقاً خاصاً. والأهم من هذا تواكب الموضة الراهنة.
طرق ذكية لتجديد البولكا
مزجها بالجلد: إن كنتِ تتخوفين من طابعها «الريترو»، جرّبي تنسيق قميص منقط شفاف مع سترة بايكر جلدية، أو فستان منقط مع بوت جلدي لمظهر يمزج بين النعومة والقوة.
نقاط متقاربة اللون: يمكنكِ اعتماد الطبعة بألوان متقاربة، كالنقاط السوداء على خلفية كحلية أو العكس، ما يمنحك مظهراً أنيقاً بعيداً عن الصخب.
الإكسسوارات أولاً: جرّبي إدخال البولكا في تفاصيل صغيرة مثل حقيبة، أو وشاح، أو حذاء، للحصول على لمسة خفيفة.