شهدت الأسواق العالمية، من طوكيو إلى وول ستريت وفرنكفورت، تراجعاً حاداً ومبيعات كثيفة لأسهم التكنولوجيا يوم الأربعاء، مما دفع بمؤشرات التقلب إلى مستويات قياسية لم تُسجّل منذ أبريل (نيسان) الماضي.
جاء هذا التراجع نتيجة لتصاعد المخاوف بشأن التقييمات «المبالغ فيها» للشركات المرتبطة بقطاع الذكاء الاصطناعي، وهي مخاوف عززها رهان ضخم وغير متوقع من المستثمر الشهير مايكل بوري، الذي اشتهر بتنبئه بفقاعة الرهن العقاري عام 2008.
ويأتي هذا التحول ليطرح تساؤلات جدية حول استدامة الارتفاعات القياسية التي شهدتها السوق؛ خصوصاً بعد تحذيرات من كبار المصرفيين حول مخاطر التصحيح المقبلة.
رهان المليار دولار يثير موجة بيع واسعة
تلقى المستثمرون صدمة إضافية بعد الكشف عن أن المستثمر مايكل بوري، المعروف بلقب «صاحب الرهان الكبير»، قد راهن بمبلغ 1.1 مليار دولار على انخفاض أسعار أسهم شركتي «إنفيديا» و«بالانتير».
وقد بدأ هذا التراجع في البداية كرد فعل سلبي غير متوقع على النتائج المالية القوية لشركة «بالانتير»، التي تُعد «معشوقة السوق» في مجال الذكاء الاصطناعي والبيانات.
أداء الأسواق والشركات
بعد أن أصبحت أول شركة تُقيّم بخمسة تريليونات دولار، انخفض سهم «إنفيديا» بنسبة تقارب 4 في المائة، متراجعاً بنحو 7 في المائة عن ذروته التي سجلها الشهر الماضي.
وتراجعت بورصات سيول وطوكيو بنحو 5 في المائة من ذروتها الأخيرة. وأغلق مؤشر نيكي 225 الياباني منخفضاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثراً بالهبوط الكبير لسهم سوفت بنك (أكبر بنك استثماري في اليابان) بأكثر من 10 في المائة؛ حيث تخشى السوق «الإفراط في إنفاقها على الذكاء الاصطناعي» دون ضمان عائد كافٍ.
كما انخفض مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 0.3 في المائة، وتراجع مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.7 في المائة. وانخفضت عقود مؤشر ناسداك الآجلة بنسبة 0.2 في المائة بعد انخفاض المؤشر بنسبة 2 في المائة يوم الثلاثاء.
شكوك المصرفيين
تعكس حالة البيع هذه «الإرهاق من ضجة الذكاء الاصطناعي»؛ حيث يرى المستثمرون أن التقييمات المرتفعة لم تعد منطقية؛ خصوصاً أن الإنفاق داخل الشركات المرتكزة على الذكاء الاصطناعي لا يتناسب مع إيراداتها.
وأعطى كل من تيد بيك من «مورغان ستانلي» وديفيد سولومون من «غولدمان ساكس» صوتاً لقلق السوق، مشيرين إلى احتمال حدوث تراجع في الأسعار. كما كان جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لـ«جي بي مورغان تشيس»، قد حذر في الشهر الماضي من «خطر متزايد لحدوث تصحيح كبير في سوق الأسهم الأميركية» خلال فترة تتراوح بين ستة أشهر وعامين.
ويرى محللون أن هذه الموجة من البيع هي في الأساس جني أرباح قصير المدى من قبل مديري الصناديق الذين لا يرغبون في التفريط في مكاسب عام 2025 القياسية.
وعلق المحلل مات سيمبسون من «ستون إكس» بالقول: «عند نقطة ما، يجب تسجيل الأرباح… ليس من المرجح أن يبحث أصحاب الأموال الآن عن إجابات، بل يكتفون بالنسخ من بعضهم مثل الأطفال في امتحان، والإجابة هي الهروب».
استقرار متوقع وتحركات في الملاذات الآمنة
على الرغم من التراجع الحاد، لا يزال بعض الوسطاء والمستثمرين يرون أن التراجع الحالي هو مجرد «تذبذب» وليس ذعراً شاملاً، خاصة مع استمرار العوامل الداعمة للأسهم مثل توقعات خفض أسعار الفائدة والنمو الاقتصادي الجيد نسبياً.
وفي المقابل، ارتفع سعر الذهب بنسبة 1 في المائة تقريباً، كما احتفظت سندات الخزانة الأميركية ببعض مكاسبها، مما يعكس تحولاً نحو الأصول الأكثر أماناً.
وانخفضت عملة «بتكوين» تحت حاجز المائة ألف دولار لأول مرة منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي وسط تداول متقلب.
وشهدت الأسهم الصينية ارتفاعاً بنسبة 0.2 في المائة بعد إعلان بكين تعليق تعريفة إضافية بنسبة 24 في المائة على سلع أميركية لمدة عام، مع الإبقاء على ضريبة 10 في المائة، وذلك بعد لقاء الرئيس شي جينبينغ ودونالد ترمب الأسبوع الماضي.


