أثار بيان وزارة الصحة المصرية الصادر، مساء الخميس، مزيداً من القلق حول مرض «الالتهاب السحائي» بعدما تضمن الإعلان عن زيادة عدد الوفيات بين أشقاء من أسرة واحدة بشكل غامض، السبت الماضي، بمحافظة المنيا (جنوب القاهرة)، وتضمن البيان الجديد الحديث عن 5 وفيات للأشقاء وليس 4 فقط وفق ما ذكرته الوزارة، مطلع الأسبوع الحالي.

وتوفي الأشقاء الخمسة بشكل غامض بعد وقت قصير من نقلهم إلى مستشفى ديرمواس المركزي بالمنيا عقب إصابتهم بأعراض متشابهة، من أبرزها حمى شديدة، وصداع، وتيبس الرقبة، وقيء، وحساسية.

وبحسب بيان «الصحة»، فإن الوفاة نتجت عن «أسباب غير مَرضية»، مع التأكيد على انتظار نتائج التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في الحادث عقب التأكد من خلو الحالات من أي عدوى أو وجود أي زيادة في معدلات الأمراض المعدية مع عدم تسجيل أي إصابات بأمراض معدية بين الأب أو الأم أو الزوجة الثانية أو ابنتها أو أي من الأقارب أو الأسر المحيطة.

وقالت «الصحة» إن نتائج التحاليل المعملية لعينات الدم والبول والسائل النخاعي التي أُجريت بالمعامل المركزية أثبتت خلو الحالات من أي أمراض معدية، بما فى ذلك التهاب السحايا الفيروسي أو البكتيري، كما أظهرت تحاليل عينات المياه من منزل الحالات مطابقتها للمواصفات.

لكن عم الأطفال المتوفين، قال في تصريحات متلفزة، إن شقيقه محجوز في مستشفى أسيوط الجامعي لتلقي العلاج مع معاناته من الأعراض الغريبة التي ظهرت على أبنائه قبل وفاتهم والتي بدأت باحتباس البول، مع استمرار خضوعه لفحوص طبية.

وبحسب تأكيدات رئيس أقسام الباطنة والمناعة بطب عين شمس سابقاً، أشرف عقبة لـ«الشرق الأوسط» فإن «حالات الإصابة بـالالتهاب السحائي أصبحت محدودة للغاية في مصر»، مشيراً إلى أن الفحوص والتحاليل التي تُجرى عند اكتشاف أي حالة يتم التعامل معها بشكل سريع.

و«الالتهاب السحائي» هو مرض ينتج عن التهاب الأغشية المحيطة بالمخ والحبل الشوكي (السحايا)، وقد يكون ناتجاً عن ميكروبات (بكتيريا، وفيروسات، وفطريات، أو طفيليات)، أو لأسباب غير ميكروبية مثل (الأورام، والأدوية، والعمليات الجراحية، أو الحوادث).

ونجحت مصر في السيطرة على النوع البكتيري المعدي منذ عام 1989، حيث انخفض معدل الإصابة إلى 0.02 حالة لكل 100 ألف نسمة، نتيجة جهود الترصد والتطعيمات الوقائية، مع عدم رصد أي حالات وبائية من النمطين البكتيريين (إيه وسي) بين طلاب المدارس منذ عام 2016، كثمار استراتيجية التطعيمات الفعالة، وفق بيان «الصحة»، مطلع الأسبوع الحالي.

وتوفر مصر 6.5 مليون جرعة سنوياً من التطعيم الثنائي (إيه وسي) لتلاميذ الصف الأول في جميع المراحل التعليمية، كما توفر الوزارة 600 ألف جرعة سنوياً من التطعيم الرباعي للمسافرين إلى الدول الموبوءة، أو لأداء الحج والعمرة، إلى جانب إدراج تطعيم «الهيموفيلس إنفلونزا» ضمن جدول التطعيمات عند عمر (2، 4، 6 أشهر) منذ فبراير (شباط) 2014، بجانب تطعيم «بي سي جي» للوقاية من الالتهاب السحائي الدرني.

وأكد عقبة أن «هناك إجراءات متبعة عند اكتشاف أي حالة إصابة بالالتهاب السحائي ليتم التعامل معها وفق بروتوكول وزارة الصحة المتبع»، مشيراً إلى أن «الإجراءات المتبعة تلعب دوراً كبيراً في منع انتشار المرض حال ظهور أعراضه على أي حالة».

وتنفذ «الصحة المصرية» نظام «الترصد الصحي المتكامل» الذي يعتمد على شقين؛ أولهما الترصد الروتيني الذي يتم من خلال متابعة البلاغات اليومية من جميع المنشآت الصحية، وتقديم الرعاية الفورية (تشخيص وعلاج) مع تسجيل النتائج إلكترونياً، وتقديم الوقاية الكيميائية (مثل عقار الريفامبسين) للمخالطين لمدة 10 أيام، بينما يعتمد الشق الثاني وهو «الترصد في المواقع المختارة»، الذي يتم من خلال فحص عينات السائل النخاعي في 12 مستشفى حميات باستخدام تقنية «بي سي آر» في المعامل المركزية المعتمَدة من منظمة الصحة العالمية.

ويشيد عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة مجدي بدران بمنظومة الإجراءات المطبَّقة وتوافر اللقاحات والاستمرار في توزيعها بما يضمن تجنب انتشار «الالتهاب السحائي» بوصفه من الأمراض الخطيرة التي يجب عدم التهاون بها، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «توافر التطعيمات لعب دوراً في الحد من انتشاره بشكل كبير».

واتفق عقبة وبدران على ضرورة عدم التسرع واستباق نتائج التحقيقات الجارية خصوصاً مع عدم وجود ما يدعو إلى التشكيك في نتائج التحقيقات الطبية التي أعلنتها الجهات الرسمية.

شاركها.
Exit mobile version