بعد انتهاء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في تركيا وعدم حصول أي من المرشحين الرئيسيين على أغلبية مطلقة وبعد أن تقرر الذهاب إلى شوط ثان في 28 مايو/أيار الحالي، ما الذي يعنيه فوز هذا المرشح أو ذاك للعالم وبالذات لروسيا؟
سؤال طرحه موقع “نيوز ري” الروسي على خبراء روس وأعدّ تقريرا لخص فيه ما ذهبوا إليه بخصوص مواقف كل من الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان أو منافسه في حال فوز أي منهما في الانتخابات الرئاسية الحالية.
ماذا يعني فوز أحدهما للعالم؟
بالنسبة للعالم، ينقل موقع “نيو زي” عن الخبير الروسي ورئيس معهد الشرق الأوسط بموسكو يفغيني ساتانوفسكي قوله “في حال فوز كليجدار أوغلو سيقطع مع المسار التركي الحالي الذي انتهجه أردوغان، وسيتبع سياسة أكثر ولاء للولايات المتحدة”.
ويضيف أليكسي فاسيليف وهو باحث في شؤون الشرقين الأوسط والأدنى، ومدير معهد الدراسات الأفريقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أن حكومة أردوغان سعت إلى بسط نفوذها في مناطق الصراع القريبة من الحدود التركية، مشيرا إلى أن المعارضة، في حال فوزها، ستكون في المراحل المبكرة أكثر حذرًا وتوازنًا.
أما المحلل السياسي الروسي إيغور تشوبانيان من مركز “بي آي آر” للأبحاث فإنه يوضح أن كليجدار وعد باستعادة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، بالإضافة إلى منح المواطنين الأتراك فرصة الدخول من دون تأشيرة إلى دول شنغن لمدة تصل إلى 3 أشهر.
ويبرز في هذا الصدد أن الأميركيين ظلوا يعملون مع المعارضة التركية على عكس روسيا التي أقامت علاقات مع أردوغان.
لكن تشوبانيان يستدرك قائلًا إن من سيصل إلى السلطة في تركيا حاليا سيضطر إلى حكم البلاد حسب سياق الاتجاهات المحلية والعالمية الحالية.
ويستطرد تشوبانيان قائلا إن الولايات المتحدة تفقد مكانتها القيادية تدريجيًّا في العالم؛ إذ يتبع العديد من حلفائها سياسة مستقلة دون اعتبار لواشنطن على خلفية الدور المتنامي للصين والهند والبرازيل. ويبرز في هذا الصدد أن تركيا بطموحاتها وإمكاناتها المتزايدة في المنطقة لم تعد ذلك الشريك الأصغر للغرب الذي حاول بكل الوسائل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وإرضاء الولايات المتحدة، بل إن أنقرة أصبحت تبحث عن تبوّء مكان لها في العالم الجديد الناشئ، حسب قوله.
ماذا يعني انتصار أردوغان لروسيا؟
يرى ساتانوفسكي أن فوز أردوغان يحافظ على الشكل الحالي للعلاقات التركية الروسية، مضيفًا أن أردوغان وبوتين “تجمعهما علاقة مثالية تمليها المصالح السياسية والاقتصادية”.
وحسب أناتولي نسميان، الخبير الروسي في شؤون الشرق الأوسط، فإن لأردوغان مصالحه الخاصة، وما دامت هذه المصالح تخدم علاقاته مع روسيا فسيحافظ على مستواها الحالي.
وفي هذا الصدد، يرى يشار نيازباييف، الخبير في الشؤون التركية وصاحب قناة الأجندة التركية، أن فوز أردوغان يضمن عدم حدوث تغييرات جوهرية لأن هناك علاقات راسخة بين موسكو وأنقرة ويدرك الطرفان ما ينبغي القيام به.
ماذا يعني انتصار كليجدار أوغلو لروسيا؟
يعتقد ساتانوفسكي أن فوز كليجدار ينذر بتغير العلاقات بين روسيا وتركيا؛ ويبرز في هذا الصدد إعلان كليجدار أوغلو أنه سيوجه العلاقات نحو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، متهمًا روسيا بالتدخل في الانتخابات التركية.
ويشير ساتانوفسكي إلى أن برنامج المعارضين ينص على عودة تركيا إلى النظام البرلماني والتحول نحو الغرب، ويرى أن ذلك سيؤثر على العلاقات مع موسكو.
وهو ما يتفق معه نسيميان إذ يرى أن كليجدار أوغلو، كجميع المعارضة العلمانية في تركيا، سيتجه نحو الغرب وسيتعامل مع روسيا من منظور السياسة الأوروبية، وذلك يعني أن تركيا تحت قيادته ستلتزم بهذه السياسة في هذه المرحلة على الأقل، فضلا عن تعهده بمراجعة العلاقات مع دمشق، عازمًا على إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.
وحسب نسميان، فإن عودة اللاجئين ستغير الوضع في سوريا، بخاصة أن أغلب المهاجرين من صفوف المعارضة السورية.
ويرى نسميان أن ذلك من شأنه تعزيز المعارضة السورية، ومن ثم زيادة خطر اندلاع جولة ثانية من “الحرب الأهلية”، تهدد مصالح روسيا وإيران في سوريا.