يُعتبر محمد الحواري شخصية إنسانية متعددة الجوانب، شكّلته رحلته في الصحافة، والاتصالات الإنسانية، والأدب، والدعوة الرقمية، ليترك إرثًا قويًا في الدفاع عن حقوق اللاجئين وزيادة الوعي بالأزمات. يتجاوز عمله الحدود والقطاعات، مدفوعًا بإحساس عميق بالمسؤولية لإعلاء صوت المهمشين والمشرّدين.
كانت بدايات الحواري المهنية متجذرة في الصحافة الميدانية، حيث عمل مراسلًا لوكالات أنباء عالمية مثل رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية (AFP)، وغطّى بعضًا من أعنف النزاعات في العالم، بما في ذلك الشيشان، غزة، البحرين، واليمن. وقد منحته هذه التجارب مواجهة مباشرة مع واقع النزوح والصراع القاسي، مما شكّل أساسًا عاطفيًا وأخلاقيًا لعمله الإنساني لاحقًا. وخلال هذه الفترة، بدأ في إدراك القوة الهائلة للسرد القصصي في تشكيل الرأي العام والسياسات.
في عام 2014، انتقل الحواري إلى مجال الاتصالات الإنسانية بانضمامه إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) كمتحدث إعلامي ومسؤول إعلام. شكّلت هذه الخطوة نقطة تحول في مسيرته؛ من نقل الأخبار إلى أن يصبح صوتًا لمن لا صوت لهم. استخدم خبراته الإعلامية لرفع قصص اللاجئين إلى المنصات الدولية، محاربًا الصور النمطية ومُنسِناً ظاهرة النزوح العالمي. وقد نال عدة جوائز تقديرية عن جهوده، منها “أفضل استخدام لوسائل التواصل الاجتماعي في العمل الإنساني” و”أفضل متحدث إنساني” من الحكومة الألمانية. كما منحه الجيش الأردني وسام تقدير لجهوده في دعم عمليات اللاجئين.
استمر تأثير الحواري في النمو حين انضم إلى اليونيسف في عام 2021، حيث أدّى دورًا محوريًا في تسليط الضوء على الأثر الإنساني للكوارث مثل زلزال تركيا وسوريا، وفيضانات ليبيا، والصراع في غزة. من خلال تسليط الضوء على الأبعاد الإنسانية لهذه الأزمات، ساهمت جهوده في تعزيز الوعي العالمي وتوجيه المساعدات نحو المجتمعات الأكثر تضررًا.
إلى جانب أدواره المؤسسية، خاض الحواري تجربة أدبية بإصدار رواية “علكة”، وهي مجموعة مؤثرة من ست قصص حقيقية عن لاجئين. لاقت الرواية صدى واسعًا لدى القرّاء لما تحمله من مشاعر صادقة ورؤية واقعية لتجربة اللجوء. بهذا الإنجاز الأدبي، جمع الحواري بين الدعوة الإنسانية والكتابة الإبداعية، مستخدمًا الخيال كوسيلة لإيصال الحقيقة. وهو يعمل حاليًا على روايته الثانية “زيت للفانوس” التي تتناول مواضيع الصمود والبقاء، مما يعزز مكانته ككاتب إنساني مؤثر.
ولم يتوقف عند الأدب، بل استثمر الحواري أيضًا في الإعلام الرقمي لتوسيع نطاق تأثيره الإنساني. وإيمانًا بقوة المنصات الحديثة في التأثير على العقول والسياسات، أطلق أول بودكاست بصري إنساني في المنطقة تحت عنوان “الأريكة” في عام 2013، تبعه سلسلة “كل قصة بتهم” والبودكاست “كاسيت”، وجميعها تروي قصصًا إنسانية بصيغ جذابة وميسّرة. ومن خلال هذه المبادرات، واجه المعلومات المضللة وسلّط الضوء على قضايا مهملة إعلاميًا.
وفي عام 2024، حقق الحواري إنجازًا جديدًا بتأسيس مركز غيث للتدريب بالشراكة مع مؤسسة قلبي اطمأن. يركّز المعهد على التدريب المهني الإنساني، جامعًا بين القيم الخليجية والمعايير الدولية لإعداد جيل جديد من العاملين في المجال الإنساني. يشمل البرنامج وحدات عن السرد الأخلاقي، والاستجابة للأزمات، والانخراط المجتمعي، مما يعكس التزام الحواري بالتأثير المنهجي والمستدام.
عبر الصحافة والأدب والإعلام الرقمي والتدريب، تُجسِّد رحلة محمد الحواري قوة المناصرة متعددة الأبعاد. كل محطة من مسيرته—سواء كانت تقريرًا ميدانيًا أو رواية أو حملة على وسائل التواصل أو جلسة تدريب—تعزز مهمته الدائمة: ألا تضيع القصة الإنسانية وسط العناوين. إن إرثه لا يُقاس فقط بالإنجازات، بل بالهدف الأسمى: المتجذر في التعاطف، والمعبر عنه بالسرد، والمستند إلى إيمان راسخ بأن لكل قصة قيمة حقيقية لا يمكن تجاهلها.