غادر المبعوث الأميركي آموس هوكستين تل أبيب، بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين دون أن يدلي بأي تصريحات عن سير المفاوضات بشأن لبنان.
لكن انتهاء الجولة الجديدة من المفاوضات دون حديث عن مخرجات، أثار كثيرًا من الأسئلة عن تفاؤل شاع قبل يومين بقرب وقف إطلاق النار في لبنان، بعد محادثات أجراها هوكستين في بيروت مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، رافقتها تصريحات إعلامية إسرائيلية بقرب التوصل إلى اتفاق.
وأشارت مصادر إلى عقبات لا تزال تعترض وقف إطلاق النار، أبرزها طلب تل أبيب 60 يومًا لسحب قواتها من جنوب لبنان، مع الإبقاء على حرية العمل ضد أي خرق لتطبيق القرار 1701.
من جانبه، يصرّ لبنان على أن تكون سبعة أيام فقط لانسحاب الجيش الإسرائيلي، وبدء انتشار الجيش اللبناني جنوبي الليطاني.
وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن نتنياهو يرفض رفضًا قاطعًا مشاركة فرنسا في الاتفاق، أو في اللجنة الدولية للإشراف عليه.
أما في الميدان، فيستمر التصعيد الإسرائيلي على كل لبنان، حيث يغير سلاح الجو الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية والبقاع.
أما في جنوب لبنان، فتدور معارك ضارية حيث يحاول الجيش الإسرائيلي التقدم على أكثر من محور، بينما يقصف حزب الله القوات الإسرائيلية وقواعد في الشمال والجولان المحتل ومدن مثل عكا وحيفا ونهاريا.
“تصعيد تدريجي”
وفي هذا السياق، يقول منير الربيع، رئيس تحرير جريدة المدن، “إن الآلية التفاوضية هي لفتح مسار تمهيدي للمرحلة المقبلة”.
ويشير في حديثه للتلفزيون العربي من بيروت، إلى أن “الظروف ليست ناضجة بالنسبة للإسرائيليين لوقف إطلاق النار”، لافتًا إلى “أنهم يعتبرون أنهم لا زالوا قادرين على تنفيذ المزيد من العمليات وتوسيعها لفرض أمر واقع عسكري معين”.
ويردف بأن “الإسرائيليين يعتمدون أسلوبًا من التصعيد التدريجي، بمعنى أنهم يوسعون العمليات ويكثفونها ويعرضون بعضًا من الشروط يرفضها لبنان، فيواصلون التصعيد”.
ويقول: “هذا أكبر مؤشر على أنهم لا يريدون أي وقف لإطلاق النار في هذه المرحلة، وكل ما يجري محاولة لتمرير الوقت والاستثمار بهذه المفاوضات مقابل تعزيز شروطهم العسكرية”.
“اعترافات إسرائيلية بالتورط في جنوب لبنان”
بدوره، يرى أنطوان شلحت، الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن “إسرائيل تحاول من خلال العملية العسكرية البرية، التي تشهد تصعيدًا يومًا بعد يوم، أن ترسم صورة تظهرها وكأنها حققت العديد من الإنجازات الميدانية، بالإضافة إلى ما يوصف بالإنجازات التي ترتبت على استهداف قيادة حزب الله”.
ويضيف شلحت في حديثه للتلفزيون العربي من عكا، أن إسرائيل تريد من أي خطة يتم التوصل إليها وتوافق عليها، أن تحول دون حصول أي عملية اجتياح من جنوب لبنان باتجاه المستوطنات الشمالية كما في عملية طوفان الأقصى، وإبعاد القصف المدفعي والصاروخي عن المناطق الحدودية، وهو ما لا يمكن أن يتم إلا من خلال إبعاد قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني.
ويلفت شلحت، إلى أن إسرائيل تريد القول – على لسان الأبواق المقربة من نتنياهو – “إن ما تقوم به من عدوان واسع على لبنان قد حقق هذين الهدفين، مؤكدًا أن “هذا الأمر غير صحيح”.
ويردف: “حتى الآن هناك الكثير من الاعترافات الإسرائيلية، بأن إسرائيل متورطة في جنوب لبنان وبأنها تدفع ثمنًا باهظًا”.
ويتابع أن إسرائيل تريد الآن ترجمة ما تقول إنها حققته على مستوى الميدان بهدف ثالث؛ هو الحفاظ على ما تصفه بواقع جديد تم إنشاؤه في منطقة الحدود الشمالية.
ويشير إلى أن نقطة الخلاف الرئيسة التي تحاول تل أبيب الترويج لها هي بأن السيناريوهات المطروحة للحفاظ على هذا الواقع الجديد، لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها حتى الآن.
“موقف ترمب سيكون داعمًا لنتنياهو”
ومن ناحيته، يقول ريتشارد غودستين، المخطط الإستراتيجي في الحزب الديمقراطي، إن واشنطن وإدارة بايدن، وربما إدارة ترمب أيضًا، ترى أنه يجب عودة عشرات الآلاف إلى المناطق التي كانوا فيها، في إشارة إلى المستوطنات الشمالية.
ويشير في حديثه للتلفزيون العربي من واشنطن، إلى أن المسألة المتعلقة بوقف إطلاق النار، هي ما يمكن تطبيقه فعليًا للوصول إلى ذلك، بما يسمح بعودتهم.
ويلفت إلى أن “موقف واشنطن عندما يأتي ترمب سيكون داعمًا لنتنياهو، وسيسمح له بالقيام بما يحلو له سواء أراد احتلال الضفة الغربية أو غزة”، على حد تعبيره.