بعد ساعات فقط من دخول وقف إطلاق النار في لبنان حيّز التنفيذ، شدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي على التزام الحكومة بتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701 ببنوده كافة، لا سيما نشر الجيش جنوبي نهر الليطاني، وإلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية، متعهدًا المباشرة بإعادة الإعمار.
من ناحيته، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الوحدة بين اللبنانيين من أجل إنقاذ البلاد والإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية. وهو تعهّد كان قد التزم به الأمين العام لـ”حزب الله” نعيم قاسم في آخر خطاب له.
في هذه الأثناء، أعلن الجيش اللبناني المباشرة في تعزيز انتشار قواته جنوب الليطاني وبسط سلطة الدولة بالتنسيق مع قوات “اليونيفيل” الأممية، مؤكدًا أنّه يجري نقل وحداته العسكرية المعنية من عدة مناطق إلى الجنوب لتتمركز في مواقع محدّدة لها في المنطقة، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
في المقابل، بدأ النازحون من مناطق مختلفة سواء في البلدات والقرى الجنوبية، أو في الضاحية الجنوبية لبيروت، بالعودة إلى منازلهم بعدما تركوها هربًا من الغارات الإسرائيلية.
وقد أصدر جيش الاحتلال تحذيرًا بعدم عودة سكان البلدات الجنوبية إلى منازلهم، أو التحرك خلال فترات المساء جنوب الليطاني.
وفي الوقت الذي أكدت فيه فرنسا أهمية احترام قرارات المحكمة الجنائية الدولية، خرجت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان تقول فيه إنّ بعض القادة قد يتمتعون بـ”الحصانة” في المحكمة الجنائية الدولية، وإنّ نتنياهو مشمول بقواعد الحصانة التي تنطبق على الجهات التي ليست طرفًا في المحكمة، ومنها إسرائيل.
وقال مسؤولون إسرائيليون لصحيفة “يسرائيل هيوم” إنّ مشاركة فرنسا في اتفاق وقف النار في لبنان، جاء مقابل التنازل عن الالتزام بأوامر الاعتقال التي أصدرتها الجنائية الدولية ضد نتنياهو.
وأشاروا إلى أنّ تل أبيب كانت سترفض مشاركة باريس في الترتيبات في الشمال، دون التنازل عن الالتزام بأوامر الاعتقال.
فما هي تداعيات اتفاق وقف إطلاق النار على الوضع الداخلي اللبناني، وهل يمهد لتوافق سياسي أم يزيد الخلافات، وما هي الضمانات لتنفيذ الاتفاق وهل تلتزم به إسرائيل؟
“مرحلة انتقالية تجريبية”
رأى الكاتب الصحفي قاسم قصير، أنّ أهم ما في الاتفاق هو أنّه أوقف الحرب على لبنان، وسمح بعودة النازحين إلى قراهم وبلداتهم.
وقال قصير في حديث إلى التلفزيون العربي من بيروت، إنّ لبنان أمام مرحلة انتقالية تجريبية لمدة 60 يومًا.
وأضاف أنّ جيش الاحتلال بدأ باتخاذ إجراءات مثيرة للريبة عبر منع الوصول إلى بعض قرى الجنوب، أو إطلاق النار على الأهالي العائدين إلى قراهم.
لكنّه في الوقت نفسه، اعتبر أنّ كل المعطيات تُشير إلى أنّ الأمور ستسير في الاتجاه الصحيح، إلا إذا انقلب الاحتلال على الاتفاق.
“العبرة في التطبيق”
بدوره، أوضح الباحث السياسي رضوان عقيل، أنّ التزام إسرائيل بالاتفاق مرهون بالتطبيق، وأضاف: “من الجهة اللبنانية كان الالتزام على المستوى السياسي وعلى مستوى حزب الله، أي تطبيق القرار 1701 ضمن الحيّز الجغرافي في جنوب الليطاني”.
وأشار عقيل في حديث إلى التلفزيون العربي من بيروت، إلى وجود نقطة مفخّخة في الاتفاق تتمثّل في عبارة “حقّ الدفاع للطرفين”، لافتَا إلى أنّ الأمر منوط بكيفية تعاطي إسرائيل معها، خصوصًا في ظل الفارق الكبير بين قدراتها العسكرية وتلك التي يمتلكها حزب الله والدولة اللبنانية.
وأوضح أنّ “هذه العبارة تعطي تل أبيب الحقّ في مهاجمة أي أمر لا يناسبها في أي منطقة لبنانية، لكن الجهة التي تمنعها من ذلك هي لجنة الرقابة التي يرأسها ضابط أميركي”.
ورأى أن الاتفاق محل اختبار وامتحان للولايات المتحدة أولًا، وتحديدًا لإدارة الرئيس المُنتخب دونالد ترمب.
“وقف إطلاق النار أولوية لفرنسا”
من جهته، أوضح كريستوف غرويدلير النائب في البرلمان الفرنسي عن الحركة الديمقراطية، أنّ وقف إطلاق النار في لبنان كان أولوية لفرنسا.
وقال غرويدلير في حديث إلى التلفزيون العربي من ستراسبورغ، إنّه يجب احترام قرار المحكمة الجنائية الدولية التي اتخذت قرارًا بملاحقة نتنياهو، لافتًا إلى أن من حقّ هذا الأخير “الطعن بهذا القرار”.
وأردف: “يجب أن لا نعمل براديكالية والتركيز على تحقيق السلام”.
ونفى أن يكون هناك أي رابط مباشر بين قرار المحكمة الجنائية الدولية واتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.