القدس المحتلة- تزامنا مع الذكرى الأولى لاستشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة، وسعيا لتسليط الضوء على اغتيالها برصاص الاحتلال الإسرائيلي والإبقاء على قضيتها حية، أعلن مركز “إعلام” بمدينة الناصرة عن فتح باب الترشح لجائزة حملت شعار “على درب شيرين أبو عاقلة”.
وستُمنح الجائزة -التي تهدف لتخليد ذكرى شيرين وتعزيز الصحافة الاستقصائية- لأفضل 3 تقارير إعلامية تعالج التحديات التي يعاني منها الشعب الفلسطيني عامة والمجتمع الفلسطيني في الداخل (فلسطينيو الداخل) خاصة، ويركز على التحديات القانونية والحقوقية التي ترافق العمل الصحفي في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
“على درب شيرين أبو عاقلة”، مبادرة أطلقها المركز العربي للحريات الإعلامية والتنمية والبحوث “إعلام”، ومقرّه بمدينة الناصرة في الداخل. ويُطلب من الصحفيين المتقدمين للجائزة طرح مقترح لتحقيق استقصائي مرتبط بقضايا الشعب الفلسطيني، في الداخل خاصة.
ويقوم “إعلام” برصد ومتابعة الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحفيين الفلسطينيين، وفي حالات معينة استغلال الأدوات المتاحة في محاولة للتأثير، رغم تعامل إسرائيل مع الإعلام غير المتماهي مع روايتها والمروج لها بعدائية كبيرة.
سياسات “التوحش”
ويؤكد المشرف على مبادرة “على درب شيرين أبو عاقلة”، الكاتب والباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أهمية الإبقاء على ملف استشهاد شيرين مفتوحا. وقال إن “هذا الملف يجب ألا يطوى، ويجب الإبقاء عليه متفاعلا بالذات في إسرائيل، والأهم استخلاص العبر منه”.
وأوضح شلحت للجزيرة نت أن المبادرة لتخليد ذكرى شيرين أبو عاقلة من خلال العمل الصحافي الاستقصائي، تشكل رافعة لمواجهة الرواية والسياسات الإسرائيلية التي تنظر للفلسطيني عامة والصحفي خاصة على أنه عدو يجب قمعه أو قتله، دون وجود خيار ثالث.
وأشار شلحت إلى أن اغتيال شيرين عكس “سياسة التوحش” الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين بكل أماكن تواجدهم، سواء في المناطق المحتلة عام 1967 أو حتى في الداخل، إذ تُمعن إسرائيل في القمع والقتل دون رادع، “حيث يعيش الفلسطيني ودمه على كفيه”.
وتسعى المبادرة -وفق شلحت- لتعيد الاعتبار للصحافة الميدانية وتعزيز دور الصحافة الاستقصائية، وتسليط الضوء على الحقيقة وفضح “سياسة التوحش” الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
خلق أدوات كافية للتحقيق
ويعتقد القائمون على المبادرة أن إحياء ذكرى اغتيال أبو عاقلة والإبقاء على قضيتها متفاعلة بالذات في إسرائيل، يسهم في إظهار الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، والتأكيد على أن هذا الظلم لن يزول إلا بتحقيق العدالة والمساواة والحرية للفلسطينيين.
ويقول شلحت إن الهدف من المبادرة والجائزة هو خلق برنامج يتضمن تطبيق أساسيات وقواعد العمل الصحفي المهني الممنهج، لتوفير آليات وأدوات تكون كافية للتحقيق بالعمق في ملابسات اغتيال شيرين أبو عاقلة، وإحباط المحاولات الإسرائيلية لطي ملف التحقيق والتكتم على الحقيقة، وفضح زيف رواية الاحتلال.
وعزا شلحت نجاح إسرائيل في إغلاق ملفات التحقيق المتعلقة بالجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، إلى غياب الضغوط الدولية والإقليمية وغياب حركة الاحتجاجات الداخلية على مثل هذه الجرائم.
ويقول إن “إسرائيل وإن طوت ملف التحقيق وتكتمت على كواليس اغتيال أبو عاقلة، إلا أن أية محاولة من أي طرف للإبقاء على ملف الاغتيال مفتوحا تقلقها وتؤرقها وتقض مضجعها”. مؤكدا أن تل أبيب تخشى تجدد الضغوطات عليها بملف اغتيال شيرين، “الأمر الذي يعني وجوب الإبقاء على الملف مفتوحا نحو تدفيعها ثمن جريمتها النكراء التي ما تزال تنكرها وكأنها لم تقترفها”.
الذاكرة الجماعية
من ناحيتها، تقول مديرة مركز “إعلام” خلود مصالحة، للجزيرة نت، إن المبادرة والجائزة تسلّط الضوء على جانب يكاد يكون غائبا عن الإعلام المحلي الفلسطيني في الداخل، وهو التقارير والتحقيقات الاستقصائية.
وتضيف أنه “تم اختيار درب الشهيدة شيرين لأنها امتازت بتقارير استقصائية نجحت في كشف خبايا وقرارات أثّرت وما تزال تؤثر على حياة ومكانة وواقع المجتمع الفلسطيني، وحرياته الفردية والجمعية”.
ووفق مصالحة، ستكون الجائزة التي تحمل اسم شيرين سنوية، وهو ما “يرسخ في ذهن الأجيال القادمة من الصحافيين قضية اغتيالها والتعامل معها، كما أن النشر الإعلامي سيمكّن قضية الشهيدة شيرين في الذاكرة الجماعية الفلسطينية، ولا سيما ذاكرة الجيل الشاب”.
قضايا مترابطة
وأوضحت مصالحة أن المبادرة ستساهم في التعمق بتوثيق انتهاكات الاحتلال بشكل عام، وانتهاكاته للحريات الإعلامية خاصة في ملف الشهيدة أبو عاقلة بشكل خاص، حيث يشترط بالمقدم أن يتناول موضوع تحقيق يرتبط بقضايا المجتمع والشعب الفلسطيني والانتهاكات الإسرائيلية.
وعليه، حتى لو كان اختيار الصحافي على سبيل المثال قضايا الأرض والمسكن والبناء، وهو تحد مدني، فإنه -بحكم الواقع- “لا يمكن عزل هذا التحدي عن سياسات الاحتلال”، بحسب مصالحة، حيث يرتبط بشكل عضوي بقراراته في مصادرة الأراضي وتهويد النقب والجليل والاستيطان بالضفة الغربية والقدس.
وتقول إن أي تحقيق استقصائي جدّي ومهني وموضوعي سيخلص إلى النتيجة بضرورة إنهاء الاحتلال ومحاكمة قتلة أبو عاقلة، لتأمين الحياة والحريات كافة.