عندما وقعت مجزرة مستشفى المعمداني، في بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، خلّفت الحادثة حملة تنديد عربية ودولية واسعة، إلى درجة أن الاحتلال نفى مسؤوليته عن قصف المستشفى، متهمًا المقاومة بالقيام بذلك. بعدها جاء الدور على مستشفى الشفاء، وكانت ذرائع إسرائيل بأن حماس تتخذه مقرًا لها.
وعلى الرغم من القوانين الدولية التي تجرم استهداف المستشفيات، وتصنفها جريمة حرب، وأنها منشآت تخضع للحصانة، لكن عدم تطبيق هذه القوانين، دفع إسرائيل إلى تكرار الفعل ذاته.
فبعد أكثر من أربعة عشر شهرًا على بدء العدوان، أصبح استهداف المستشفيات أمرًا روتينيًا أمام أعين العالم، دون الحاجة إلى ذرائع للتبرير، وبدا واضحًا أن تدمير المستشفيات، يأتي ضمن سياسة تدمير البيوت والبنية التحتية في غزة، للقضاء على مظاهر الحياة.
ولم يستهدف الاحتلال مستشفى واحدًا بغزة، بل يقصف مستشفيات عدة في الوقت نفسه، فبينما كان ينسف ويفجر المباني في محيط مستشفى كمال عدوان في مشروع بيت لاهيا، يحاصر المستشفى الإندونيسي ويجبر من بداخله على إخلائه، هذا في حين يقصف مستشفى العودة بقذيفة مدفعية شمال قطاع غزة.
“حصار بالنيران”
وكان مدير مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية، قد أصيب قبل شهر نتيجة القصف الإسرائيلي على المستشفى، ونشر مقطعًا مصورًا لآلية إسرائيلية تضع صندوقًا خشبيًا كبيرًا، قال إنها “روبوتات” تقوم بوضع صناديق لمتفجرات على بوابات المستشفى.
يحصل كل هذا وسط حصار بالنيران، يفرضه جيش الاحتلال منذ أسابيع على المستشفى، بينما تقدمت الآليات العسكرية تجاهه قبل أربعة أيام.
ولا يختلف الحال كثيرًا في المستشفى الإندونيسي شرق جباليا، فقد أجبر الاحتلال من بداخله، من طواقم طبية ومرضى ونازحين، على الإخلاء الفوري والتوجه لمدينة غزة، وسط إطلاق كثيف للنيران صوب بوابته وقصف على محيطه.
استهداف المستشفيات المتبقية
وهذه المستشفيات الثلاثة التي تتعرض للاستهداف والحصار هي الوحيدة المتبقية من مستشفيات محافظة شمال قطاع غزة، فقد تسببت العملية الأخيرة شمال غزة في خروج المنظومة الصحية عن الخدمة، وتوقف عمل جهاز الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، وسط نقص حاد في الدواء.
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلًا واسعًا مع هذه الوقائع.
فقال الصحافي يوسف فارس: “تقدمت آلية وزرعت مكعبًا مفخخًا يتسبب انفجاره بتدمير حي بأكمله، لا أحد يعرف متى سينفذون المذبحة، المسافة ما بين الأرواح المحاصرة وسط الجدران التي تنتظر الانهيار واللحظة الأخيرة”.
وكتب الصحافي أحمد حمدان: “ينتظر العالم بصمت وخذلان، تحول هذه المستشفيات إلى مجمع الشفاء؛ ينتظرون اقتحام المستشفيات واعتقال الجرحى والكوادر الطبية والتنكيل بهم.. ينتظر تهجير شمالنا وإفراغه من أهله”.
هذا في حين قال الإعلامي العماني نصر البوسعيدي: “الظلم عظيم للغاية والإبادة الصهيونية مستمرة بكل بشاعة، أمام أمة تشاهد المجزرة بكل برود”.