تشكّل الكستناء المحلاّة (بالفرنسية “مارون غلاسّيه” marron glacé) تَرَفًا على طاولات عيد الميلاد، إذ إنها مكلفة وتستلزم ظروف حفظ دقيقة نظرًا لحساسيتها، ومع أن طريقة تصنيعها لم تتغير منذ القرن التاسع عشر، ثمة محاولات لتطويرها وجعلها فاخرة أكثر.
في قبو متجر “ميزون بواسييه” في دائرة باريس السادسة عشرة، تحتل الرفوف قطع كبيرة من الكستناء المحلاّة مغلفة بورق ذهبي أو فضي، تحمل اسم مناطق مشهورة بنتاجها من الكستناء: “بيدمونت”، و”أرديش”، و”كامباني”.
وتُحفظ القطع في هذا القبو عند حرارة خمس درجات و”تحافظ الرطوبة على طعم الكستناء”، مما يحول دون أن يصبح السكّر “جامدًا” ويؤدي إلى جفاف الفاكهة، على ما أوضحت سيلفي دوس التي أعادت إطلاق “ميزون بواسييه” الذي تأسس عام 1827 وتراجعت أعماله لاحقًا، ولكن باتت له اليوم فروع في مختلف أنحاء العالم.
وكان زوجها فرنسوا جانتيه وراء فكرة التخزين في القبو سعيًا إلى الابتكار والتجديد في الكستناء المحلاّة، المعروفة منذ قرون في المطبخ الفرنسي. وتصل مبيعات “بواسييه” أكثر من طن كل سنة، بسعر يتراوح بين أربعة وستة يورو للقطعة.
ومن أبرز الأنواع الموجودة في الوقت الراهن “كستناء عيد الميلاد”، وهي أقل حلاوة، ذات لون ذهبي ولامع، تتميز بأن طعم الكستناء فيها بارز جدًا.
يسافران بحثًا عن الكستناء النيئة
ويسافر الزوجان في كل أنحاء أوروبا بحثًا عن أنواع جديدة من الكستناء “النيئة” ليتولى تحويلها إلى محلاّة حرفيّ من جزيرة كورسيكا الفرنسية، باستخدام تقنية ابتكرها مؤسس العلامة التجارية بيليزير بواسييه في القرن التاسع عشر.
ومع أن الإيطاليين أيضًا يؤكدون أنهم مبتكرو الـ”مارون غلاسّيه”، توجد الوصفة الأولى في فرنسا في كتاب لطبّاخ الملك لويس الرابع عشر بيار فرنسوا لا فارين بعنوان “لو بارفيه كونفيتورييه” Le Parfaict Confiturier الصادر عام 1667.
الإيطاليون أيضًا يؤكدون أنهم مبتكرو الكستناء المحلاة-غيتي
وفي شركة أخرى شهيرة لصناعة هذه الحلوى وكريما الكستناء هي “كليمان فوجييه”، ينتج العمال لعيد الميلاد يوميًا ما بين ألف وألفَي كيلوغرام من كستناء أرديش (منطقة في جنوب شرق فرنسا) المحلاّة، وهم يطبقون وسط هدوء تام طريقة الإعداد نفسها المعتمدة منذ عام 1882.
تقشير الكستناء بعناية فائقة
وشرح جان دافيد بوارون الذي يرأس منذ عام 2003 الشركة العائلية ذات الموظفين السبعين أن الكستناء تُقشر بعناية باليد لكي تبقى كاملة، ومن هنا يأتي سعرها.
وأوضح أن سعر الكيلوغرام الواحد من قطع الكستناء بعد تقشيرها يتراوح “بين 10 و20 يورو”، لكنّه يصل إلى ما بين 80 و120 يورو بعد المعالجة الكاملة.
رغم ارتفاع أسعارها إلا ان الاقبال كبير على الكستناء المحلاة-غيتي
وبعد الانتهاء من تقشير القطع، تغلّف بدقة في التول القطني ثم تُطهى في الماء جيدًا حتى ينضج داخلها، وأكد بوارون أن “هذه العملية هي الأهمّ، لأن الطهو السيئ يؤدي إلى حلويات رديئة”.
وخلال هذه التحلية التي تستغرق ما بين أربعة وخمسة أيام، ينسحب الماء ببطء مفسحًا المجال للسكر. ثم تُغلّف الكستناء بأقل قدر ممكن من السكر للحفاظ على المنتج.
وشدّد بوارون بحماسة على أن “كل قطعة كستناء فريدة من نوعها، وهي أشبه بمنحوتة”.
ورغم سعر الـ”مارون غلاسيه” المرتفع أصلًا معطوفًا على التضخم، لا تزال مبيعات “فوجييه” ممتازة سنة 2024 بعدما كان عام 2021 “استثنائيًا”، وكذلك 2022، التي احتفلت فيها الشركة بعيدها المئة والأربعين، أما متجرا “ميزون بواسييه”، فحققا مبيعات بقيمة عشرة آلاف يورو يوميًا في بداية الأسبوع.
ورأت رئيسة الشركة سيلفي دوس أن الكستناء المحلاّة “ترف في المتناول”. ولاحظت أن هذه الحلويات تجتذب أيضًا زبائن شبابا مطلعين جدًا، وأضافت “يشتريها الناس كنوع من المتعة، غالبًا بالقطعة”.