دعا الرئيس اللبناني المُنتخب جوزاف عون اليوم الخميس إلى مناقشة إستراتيجية دفاعية متكاملة تمكن الدولة من إزالة الاحتلال الإسرائيلي ورد عدوانه، مؤكدا وجود فرصة لبدء حوار “جاد وندي” مع الدولة السورية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها أمام مجلس النواب عقب أدائه القسم إثر انتخابه رئيسًا جديدًا للبلاد، ما أنهى شغورًا رئاسيًا استمر أكثر من عامين وساهم في تعميق أزمات البلاد.
وقال عون: “عهدي إلى اللبنانيين أينما كانوا، وليسمع العالم كله، أن اليوم بدأت مرحلة جديدة من تاريخ لبنان”، وتابع: “سأكون الخادم الأول للحفاظ على الميثاق ووثيقة الوفاق الوطني، وأن أمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة كحكم عادل بين المؤسسات”، و”عهدي هو الدفع نحو تطوير قوانين الانتخاب، والعمل على إقرار مشروع قانون اللامركزية الإدارية الموسّعة، بما يخفف من معاناة المواطنين”، كما أردف.
وشدد الرئيس المنتخب على أنه “يجب تغيير الأداء السياسي في لبنان”، واستطرد: “عهدي أن أمارس دوري كقائد أعلى للقوات المسلحة وكرئيس للمجلس الأعلى للدفاع، بحيث أعمل من خلالهما على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح”.
ضبط الحدود ومحاربة الإرهاب
عون قال أيضًا: “سنستثمر في الجيش لضبط الحدود وتثبيتها جنوبًا وترسيمها شرقًا وشمالًا ومحاربة الإرهاب، بما يطبق القرارات الدولية، ويمنع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان”.
وتابع: “سأسهر على تفعيل عمل القوى الأمنية كأداة أساسية لحفظ الأمن وتطبيق القوانين، كما سنناقش إستراتيجية دفاعية كاملة على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، بما يمكن الدولة اللبنانية من إزالة الاحتلال الإسرائيلي وردع عدوانه”.
إعادة إعمار الجنوب وضبط الحدود من أولويات الرئيس اللبناني الجديد-غيتي
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في لبنان وفلسطين وسوريا، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.
إعادة الإعمار
وخلال حرب مدمرة واسعة شنتها على لبنان بين 23 سبتمبر/ أيلول و27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، احتلت إسرائيل مزيدًا من الأراضي اللبنانية ولم تكمل انسحابها منها بعد، ضمن التزامات وقف لإطلاق النار.
وقال عون: “عهدي أن نعيد ما دمره العدو الإسرائيلي في الجنوب والضاحية والبقاع وفي كل أنحاء لبنان، وشهداؤنا هم روح عزيمتنا وأسرانا أمانة في أعناقنا”.
واعتبر أنه “الأوان آن لنراهن على استثمار لبنان في علاقاتنا الخارجية، لا أن نراهن على الخارج للاستقواء على بعضنا”، كما تعهد بإقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، وبناء شراكات إستراتيجية مع دول المشرق والخليج العربي.
حوار جدي وندّي مع سوريا
وأكد الرئيس اللبناني المنتخب “رفض توطين الفلسطينيين” في بلاده، وقال: “نؤكد عزمنا لتولي أمن المخيمات (للاجئين الفلسطينيين)، وسنمارس سياسة الحياد الإيجابي، ولن نصدر للدول إلا أفضل المنتجات والصناعات ونستقطب السياح”.
وبخصوص العلاقات مع دمشق قال عون: “لدينا فرصة تاريخية لبدء حوار جدي وندّي مع الدولة السورية، لمعالجة كافة المسائل العالقة بيننا، لا سيما مسألة احترام سيادة واستقلال كل من البلدين، وضبط الحدود بالاتجاهين، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي منهما، وملف المفقودين”.
احتفالات شعبية بفوز قائد الجيش بانتخابات الرئاسة اللبنانية-غيتي
وكذلك “حل مسألة النازحين السوريين لما لها من تداعيات وجودية على الكيان اللبناني، والتعاون مع الإخوة السوريين والمجتمع الدولي لمعالجة هذه الأزمة”، وفق عون، الذي شدد على ضرورة معالجة هذه الأزمة “بعيدًا عن الطروحات العنصرية أو المقاربات السلبية، والسعي مع الحكومة (اللبنانية) المقبلة والمجلس النيابي إلى وضع آلية واضحة قابلة للتنفيذ الفوري تعيدهم (اللاجئين) إلى وطنهم”.
الرئيس الـ14 للبنان
وأنهى انتخاب جوزاف عون الخميس فراغًا رئاسيًا عاشه لبنان منذ انتهاء ولاية سلفه ميشال عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، إذ فشلت 12 جلسة سابقة في انتخاب رئيس جراء خلافات بين القوى السياسية.
وأصبح عون خامس قائد جيش في تاريخ لبنان يصل إلى رئاسة الجمهورية والرابع تواليًا، والرئيس الـ14 للبلاد على العموم.
وتستمر ولاية رئيس الجمهورية 6 أعوام، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور 6 سنوات على انتهاء ولايته.
ويُعتبر رئيس الجمهورية رمز وحدة الوطن وحامي الدستور، وله دور في توقيع القوانين وتعيين رئيس الوزراء بالتشاور مع مجلس النواب.
وحسب العرف السياسي السائد في البلاد، يجب أن يكون رئيس الجمهورية مسيحيًا من الطائفة المارونية، بينما يعود منصب رئيس الحكومة للطائفة السنية، ومنصب رئيس مجلس النواب للطائفة الشيعية.