انتخب البرلمان اللبناني العماد جوزاف عون رئيسًا جديدًا للبلاد بعد شغور المنصب الرئاسي لأكثر من عامين.
وتعهد الرئيس المنتخب في خطابه الأول بعد أدائه القسم الدستوري، ببدء مرحلة جديدة من تاريخ لبنان، مؤكدًا أن العدل هو الحصانة الوحيدة للبلاد.
ورسم عون مسارات السياسة العامة مفتوحة الأبواب على الجميع، داعيًا إلى علاقات جيدة مع الجميع، وتعهد بضبط الأمن والسلاح وإزالة الاحتلال الإسرائيلي للأراض اللبنانية.
وقال عون: “عهدي إلى اللبنانيين أينما كانوا، وليسمع العالم كله، اليوم تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ لبنان”، وأضاف: “عهدي أن أمارس دوري كقائد أعلى للقوات المسلحة ورئيس للمجلس الأعلى للدفاع، بحيث أعمل من خلالهما على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح”.
وتابع أنه سيسعى إلى بناء “دولة تستثمر في جيشها ليضبط الحدود، ويساهم في تثبيتها جنوبًا وترسيمها شرقًا وشمالًا وبحرًا، ويمنع التهريب ويحارب الإرهاب، ويطبّق القرارات الدولية ويحترم اتفاق الهدنة (مع إسرائيل) ويمنع الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية”.
احتفالات في بلدة العيشية التي يتحدّر منها الرئيس المنتخب-غيتي
وبعيد فوزه، عمّت الاحتفالات بلدة العيشية التي يتحدّر منها عون في جنوب لبنان ومكان إقامة عائلته في ضاحية بيروت الشمالية.
احتكار الدولة للسلاح
وبشأن الملفات الأبرز التي ستكون على طاولة الرئيس عون، يرى مهند الحاج علي الباحث في مركز كارنيغي، أن أبرز ملف طرحه الرئيس المنتخب في خطابه هو احتكار الدولة للسلاح، الذي كان يطالب به كثيرون في لبنان.
وأوضح الحاج علي للتلفزيون العربي أن معارك سياسية كثيرة في البلاد كان محورها هذا الموضوع، وانتهى الأمر بوصول رئيس جديد يتحدث علنًا عنه ويعتبره هدفًا أساسيًا لعهده.
وقال إن تطبيق القرار الدولي رقم 1701 وإقرار إستراتيجية دفاعية جديدة يتفرعان عن موضوع احتكار الدولة للسلاح، وسحبه من أيدي حزب الله إلى يد الدولة، مشدّدًا على أن ذلك سيتم عبر الحوار مع القوى السياسية.
وأوضح أن ملف الإصلاحات القضائية والاقتصادية والمالية ستستحوذ على اهتمام الرئيس الجديد، ومنها أموال المودعين وضرورة إيجاد حل عادل له.
حكومة مختلفة وليس جديدة فقط
من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي رضوان عقيل إن ثمة إجماعًا على موضوع احتكار السلاح حتى من حزب الله، خاصة إذا تم التوصل إلى إستراتيجية وطنية للدفاع يقوم الجيش بموجبها بتولي المسؤولية كاملة عن حماية جنوبي البلاد والشعب اللبناني كله.
ملفات احتكار الدولة للسلاح والإصلاحات القضائية والاقتصادية تتصدر اهتمام عون-غيتي
وبشأن شكل ومواصفات الحكومة المقبلة، يشدّد عقيل على أن الخطاب الأول للرئيس الجديد يصلح بيانًا وزاريًا للحكومة المقبلة.
ويضيف أن لقاءات عُقدت قبل انتخاب الرئيس بين اللجنة الخماسية لمراقبة اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل مع الرئيس عون والثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) لبحث تشكيل الحكومة.
ويوضح عقيل أن المباحثات تناولت التفاصيل ومنها من يتولى وزارة المالية، وأن رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي نجيب ميقاتي مرشح قوي لترؤس الحكومة المقبلة، مشدّدًا على أن اللبنانيين ينتظرون حكومة مختلفة وليست جديدة فقط، وأنه يتوقع أن تتشكل من التكنوقراط.
معادلات دولية
هذا ما يتفق عليه أيضًا رئيس تحرير صحيفة المدن اللبنانية منير الربيع، الذي يشدد على أن الأمر لم يعد يتعلق بشخص رئيس الحكومة بل بمعادلة دولية يقول إنها فرضت الاتفاق على رئيس الجمهورية، وقد ينطبق الأمر على رئيس الوزراء المقبل.
ويوضح الربيع للتلفزيون العربي أن نجيب ميقاتي مطلب أميركي وفرنسي، وللثنائي الشيعي أيضًا، ويقول إن هناك تمسكًا بالرجل ليقود المرحلة الانتقالية حتى إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة التي ستنبثق عنها حكومة جديدة.
وقال الربيع إن وزارة المالية في الحكومة الجديدة ربما تُسند إلى شخصية لبنانية مقربة من الأميركيين.
ويرى الربيع أن النهج الذي ستسلكه الحكومة اللبنانية الجديدة، بمن فيها وزير المالية، سيكون خاضعًا لمعايير إقليمية ودولية، وهي ستتحكم بمسار المرحلة المقبلة في البلاد.