أدى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو اليمين الدستورية، الجمعة، لولاية ثالثة مدتها 6 سنوات، فيما وصفت المعارضة تنصيبه بأنه “انقلاب”.
وأتى التنصيب غداة يوم من احتجاجات المعارضة ضد فوز الزعيم الاشتراكي البالغ 62 عامًا في الانتخابات التي جرت في 28 يوليو/ تموز، وأعقبتها اضطرابات دامية واعتقال الآلاف.
تنصيب مادورو لولاية ثالثة في فنزويلا
وقال مادورو أمام الجمعية الوطنية: “أقسم بأن هذه الفترة الرئاسية الجديدة ستكون فترة السلام والرخاء والمساواة والديمقراطية الجديدة”، ليعلنه بعدها رئيس الجمعية خورخي رودريغيز “رئيسًا دستوريًا”.
وبعد أن وضع حول عنقه وشاح الرئاسة وقلادة مفتاح تابوت سيمون بوليفار، أضاف مادورو: “قولوا ما تشاؤون (…) لكن هذا التنصيب الدستوري تم رغم كل شيء وهو انتصار كبير للديمقراطية الفنزويلية”.
وتم تقديم موعد المراسم لمدة ساعة ونصف ساعة دون سابق إنذار. ووصل مادورو إلى قصر الجمعية الوطنية قرابة الساعة 10:30 صباحًا بالتوقيت المحلي (14:30 بتوقيت غرينتش)، ومر بين صف من الجنود في زي رسمي قبل دخول المبنى حيث صافح لفترة طويلة الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل أحد رؤساء الدول القلائل الحاضرين مع الرئيس النيكاراغوي دانيال أورتيغا.
نيكولاس مادورو يلوح لأنصاره بعد أدائه اليمين الدستورية – رويترز
وهنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الفنزويلي بتنصيبه لولاية ثالثة، فيما شارك رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين في حفل التنصيب في كراكاس.
وحضر المراسم أيضًا معظم الشخصيات الحكومية الفنزويلية، بينها وزير الداخلية ديوسدادو كابيلو ووزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيز، الشخصيتان الرئيسيتان في قمع الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات.
المعارضة تندد بـ”انقلاب”
في المقابل، أعلن المعارض الفنزويلي إدموندو غونزاليس أوروتيا الذي يدعي الفوز في الانتخابات الرئاسية في يوليو/ تموز، أن مادورو “توّج نفسه دكتاتورًا” في حفل تنصيبه الجمعة.
وقال غونزاليس أوروتيا في شريط فيديو: “اليوم في كراكاس، انتهك مادورو الدستور والإرادة السيادية للشعب الفنزويلي التي تم التعبير عنها في 28 يوليو. إنه ينفّذ انقلابًا ويتوّج نفسه دكتاتورًا”.
وأكد المعارض الفنزويلي أنه “الرئيس المنتخب”، داعيًا الجيش إلى “عصيان الأوامر غير القانونية” الصادرة عن السلطة الحالية.
المعارض الفنزويلي إدموندو غونزاليس أوروتيا – غيتي
من جهتها، استبعدت زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو الجمعة أي عودة فورية إلى فنزويلا لغونزاليس أوروتيا.
وقالت إن غونزاليس أوروتيا “سيأتي إلى فنزويلا لأداء القسَم رئيسًا دستوريًا لفنزويلا في الوقت المناسب، عندما تكون الظروف مناسبة. ليس هذا الوقت المناسب لعودة إدموندو إلى فنزويلا”.
وأضافت ماتشادو أن “النظام (…) فعّل كامل منظومة الدفاع الجوي”، وأنها طلبت من غونزاليس أوروتيا عدم العودة إلى فنزويلا “لأن سلامته (الجسدية) ضرورية لإلحاق الهزيمة النهائية بالنظام والانتقال إلى الديمقراطية التي باتت قريبة جدًا”، حسب قولها.
بدوره، قال تحالف المعارضة الرئيسي “بلاتافورما يونيتاريا” في بيان: “لقد تم تنفيذ انقلاب”، منددًا بـ”اغتصاب السلطة من جانب نيكولاس مادورو المدعوم بالقوة الغاشمة، متجاهلًا السيادة الشعبية التي تم التعبير عنها بقوة في 28 يوليو”.
وأضاف أن غونزاليس أوروتيا “هو الذي يجب أن يُنصَّب اليوم أو غدًا”.
بدورها، أغلقت قوات الأمن المنطقة المحيطة بمقر الجمعية الوطنية في وسط كاراكاس، فيما بث التلفزيون الرسمي صورًا لمئات من أنصار مادورو وهم يتظاهرون في الشوارع.
كما أغلقت الحكومة الحدود مع كولومبيا فجر الجمعة، مشيرة إلى “مؤامرة دولية تهدف إلى زعزعة سلام الفنزويليين”.
“مهزلة”
وعلى صعيد المواقف، ندّدت الولايات المتحدة بـ”مهزلة” تنصيب مادورو، وفرضت عقوبات جديدة على كراكاس رافعة إلى 25 مليون دولار المكافأة مقابل الإدلاء بأي معلومات تؤدي إلى محاكمة الرئيس الفنزويلي.
ووصفت لندن نيكولاس مادورو بأنه “غير شرعي” وفرضت عقوبات على 15 شخصية بارزة في إدارته.
بدورها، اعتبرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن مادورو “لا يتمتع بأي شرعية ديمقراطية”.
وأضافت كالاس في بيان باسم دول الاتحاد الـ27 أن “الاتحاد الأوروبي يقف إلى جانب من يدافعون عن القيم الديمقراطية في فنزويلا”.
أنصار المعارضة الفنزويلية يتجمعون للاحتجاج ضد نيكولاس مادورو – رويترز
من جهتهما حضّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، مادورو على “استئناف الحوار مع المعارضة”.
وجاء في بيان لقصر الإليزيه بشأن محادثة هاتفية جرت بين الرئيسين الفرنسي والبرازيلي أن “فرنسا والبرازيل على استعداد لتسهيل استئناف التواصل لإتاحة عودة الديمقراطية والاستقرار إلى فنزويلا”.
الجيش دعامة للسلطة
والخميس، دعت الحكومة الفنزويلية إلى مسيرة لدعم مادورو في العاصمة، فيما نظمت المعارضة احتجاجًا ظهرت فيه زعيمتها ماريا كورينا ماتشادو للمرة الأولى في العلن منذ أغسطس/ آب.
وهتف آلاف المتظاهرين الذين تجمعوا بدعوة من المعارضة “لسنا خائفين”.
وساد بعض الارتباك نهاية اليوم، بعدما أعلنت المعارضة أن زعيمتها ماريا كورينا ماتشادو اعتُقِلت “بشكل عنيف” ثم أُطلِق سراحها.
لكن الحكومة نفت هذه الرواية للأحداث، وأدان المدعي العام طارق وليام صعب “عملية نفسية تهدف إلى إثارة العنف في فنزويلا”.
وأعلن المجلس الوطني للانتخابات فوز مادورو بحصوله على 52% من الأصوات، لكن من دون نشر محاضر الانتخابات، قائلًا إنه تعرض لقرصنة إلكترونية، وهي فرضية اعتبرها كثير من المراقبين غير معقولة، حسب وكالة فرانس برس.
وأثار إعلان المجلس الوطني للانتخابات موجة احتجاجات في أنحاء فنزويلا تم قمعها بشدة، ما خلّف 28 قتيلاً وأكثر من 200 جريح و2400 موقوف بتهمة “الإرهاب”.
وكما حدث خلال احتجاجات أعوام 2014 و2017 و2019 التي خلفت أكثر من 200 قتيل، حظي مادورو بدعم الجيش، أحد أعمدة سلطته، فضًلا عن النظام القضائي، حسب وكالة فرانس برس.
في هذا الصدد، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فنزويلا إلى الإفراج عن جميع الأشخاص “المعتقلين تعسفًا”، مؤكدًا أنه يتابع الوضع في فنزويلا “بقلق كبير”.