يعكس مشروع ماروتا السكني الواقع في منطقة المزة بدمشق، واقع الفساد الذي استشرى في زمن نظام الأسد، فالمشروع قام على أملاك وبساتين سكان المنطقة التي سلبت منهم.
أُنشئ المشروع على مساحة أكثر من مليونين ومئة وستين ألف متر مربع، وكان يفترض أن يحصل سكان المنطقة على مساكن وأراض بديلة لتلك التي كانت ملكهم وخُصصت للمشروع.
إلا أن نظام الأسد كيّف قوانين البلاد لصالحه، بحيث لم يبقَ للسكن البديل إلا 17% من المساحة، سُلبت لاحقًا على يد محافظة دمشق السابقة.
وفي جوار مشروع ماروتا، ما تبقى من منطقة كانت هي في الأصل بسكانها وبساتينها في المزة منذ عقود لأصحابها حتى عام 2012، عندما تغيّرت الصورة بالقتل والتهجير والاستيلاء والفساد.
لم يسلم شيء في هذه المنطقة، لا الحجر ولا البشر، وأم سمير واحدة من عشرات الآلاف الذين خسروا أولادهم وبيوتهم، وهي تزور برفقة ابنها محمد موقع أسرتها الذي سُلب منهم.
مصادرة أراضي السوريين
حدث ذلك بعد قرابة عام على انطلاق الثورة السورية عام 2011، حين صدر المرسوم رقم 66، ومعه سقطت حقوق سكان كفرسوسة والمزة التي بدأت منها محاولات التغيير الديمغرافي، لا سيما وأنها منطقة ملاصقة للسفارة الإيرانية.
ولاحق النظام من ثار عليه باستصدار الأحكام الجائرة للاستيلاء والحجز على أملاك البعض، وحرمان كثيرين من استصدار سندات التمليك أو الحصول على سكن بديل.
وتبلغ مساحة المنطقة التي حدثت فيها مصادرة أراضي المواطنين نحو 2 مليون و160 ألف متر مربع، بمخطط تبناه النظام السوري السابق لتشييد نحو 280 برجًا وبناء إداريًا.
وكان يجب أن تفرز هذه المساحة الضخمة وفق القانون رقم 9 لعام 1974 لتطوير الضواحي السكنية، بحيث تستملك الدولة ما نسبته 40% فقط للمرافق والبنى التحتية.
لكن ما حدث كان مختلفًا، فقد مُنح السكان ما يقارب 17% فقط لإقامة سكن بديل.
مشروع ماروتا وفساد الأسد
وحتى هذا المكان سُلب منهم لاحقًا عبر محافظة دمشق السابقة، بوضع اليد لصالح عدد من الشخصيات المتنفذة، ومنها أسماء الأسد زوجة الرئيس السابق، ورامي مخلوف ابن خال الأسد، إضافة إلى مجموعة القاطرجي وعصام القطان وغيرهم ممن فُرضت عليهم عقوبات أميركية على خلفية مشروع ماروتا.
وشُكلت لجنة عقب سقوط النظام السوري٫ لمتابعة ملف هذه المنطقة أملًا بتحصيل حقوق أهلها، من بين أعضائها المهندس إبراهيم شيخ الشباب.
وتعكف هذه اللجنة على تقديم مقترحات والتواصل مع محافظة دمشق، في ما يصفه المهندس إبراهيم شيخ الشباب بالمحاولة التشاركية لتحصيل الحقوق.
وبعض المقترحات المقدّمة لاستعادة حقوق سكان المنطقة تبدو عصية على التطبيق، بسبب قيام النظام ببيع الأبراج التي استولى عليها لمواطنين عاديين، منهم من دفع كل مدخراته في بيت سُلب من شخص آخر.
مشروع ماروتا مثال على مظالم أصحاب العقارات على مدى خمسين عامًا من حكم النظام السابق.
وفي العاصمة دمشق إضافة إلى أحياء مثل المزة وجوبر وداريا والقابون وغيرها من المناطق في سائر المدن السورية، تتجدد مساعي أصحاب الحقوق التي سُلبت منهم لاستعادتها بعد سقوط النظام.