بعد سيطرة مقاتلي “حركة 23 مارس” (إم 23) على غوما، أكبر مدينة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، هذا الأسبوع، برز اسم كورنيل نانغا قائدًا عسكريًا للمجموعة.
وقال نانغا للصحافيين في غوما: “لن نُغادر غوما، وسنُواصل مسيرة التحرير وصولًا إلى كينشاسا والاستيلاء على السلطة وقيادة البلاد”.
ورغم أنّ حركة “إم 23” هي الجناح المُسلّح لإثنية التوتسي بالكونغو الديمقراطية، إلا أنّ نانغا لا ينتمي إلى التوتسي، وهو ما اعتبره محلّلون تغييرًا وتنويعًا في الحركة الكونغولية.
ونقلت وكالة أسوشييتد برس عن مراقبين قولهم: إنّ بروز نانغا كقائد للتحرّك، مؤشر على تطوّر حركة “إم 23” من جماعة تُهيمن عليها عرقية التوتسي قبل أكثر من عقد من الزمن، إلى جماعة تسعى الآن بنشاط إلى أن يُنظر إليها على أنّها جماعة قومية كونغولية.
من هو كورنيل نانغا؟
نانغا هو الرئيس السابق للهيئة الانتخابية في الكونغو، الذي أشرف على الانتخابات الرئاسية لعام 2018، والتي فاز بها الرئيس فيليكس تشيسيكيدي.
وقد كان شخصية مثيرة للجدل في السياسة الكونغولية لسنوات بصفته رئيسًا للجنة الانتخابات، أشرف على التصويت الذي تعرّض لانتقادات شديدة لانتخاب تشيسيكيدي، وفرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات في عام 2019 بتهمة تقويض الديمقراطية في الكونغو.
وأدت الخلافات مع السلطات الكونغولية، بما في ذلك الخلاف بشأن امتياز التعدين، إلى إرسال نانغا إلى المنفى في كينيا.
عام 2023، انضمّ إلى “تحالف نهر الكونغو”، وهو تحالف سياسي عسكري يضمّ 17 حزبًا وجماعة معارضة لحكومة تشيسيكيدي، وأصبح شخصية سياسية بارزة.
وأوضح كريستيان موليكا، الباحث السياسي في مركز الأبحاث الكونغولي “ديبول”، أنّه إلى جانب التعدين يُعتقد أنّ معارضة نانغا تعود إلى رفض تشيسيكيدي الدفاع عن إسقاط نانغا من قائمة العقوبات الأميركية.
وأضاف موليكا أنّ نانغا يعتقد أنّه “تعرّض لسوء المعاملة من قبل السلطات ما دفعه نحو التمرّد”.
اندماج وتحالفات محلية
في العام الماضي، انضمّت حركة “إم 23” إلى “تحالف نهر الكونغو” الذي يقوده نانغا. ومع وجود نانغا على رأس الحركة المتجدّدة، أصبحت حركة “إم 23” أكثر تهديدًا للسلطات الكونغولية.
وفي هذا الإطار، قال أنجيلو إيزاما المُحلّل في مركز “فاناكا كواوتي” للأبحاث ومقره أوغندا: إن حركة “إم 23” تُمثّل تهديدًا أكبر الآن لأنّها تُحاول “فصل مسألة تقرير المصير في شرق الكونغو” عن الأدلة على الدعم الرواندي لها.
وأضاف أنّ “المتمردين يريدون إثارة نقاش وطني بشأن مشاعر الإهمال واسعة النطاق في شرق الكونغو، بينما يسيطرون على أكبر قدر ممكن من الأراضي بحيث يمكنهم إجبار الدولة الكونغولية على التعامل مع مسائل الحكم الذاتي الحقيقي وفرض نوع من التفاوض”.
وأوضح أنّ فرض المفاوضات السياسية “خطوة ذكية” من المتمردين، وهو “المسار الوحيد للخروج من هذه الأزمة”.
من جهتها، أوضحت مجموعة الأزمات الدولية أنّه على عكس ما حدث في عام 2012، عندما استولت حركة “إم 23” على غوما في حملة قادها مقاتلون يتحدثون اللغة الكينيرواندية مطالبين بشكل أساسي بالاندماج الكامل في الجيش الكونغولي، فإنّ الحركة هذه المرة لديها أجندة وطنية.
وبما أنّ “تحالف نهر الكونغو” بزعامة نانغا هو “المظلة السياسية” الحالية لحركة “إم 23″، قال المركز البحثي: إنّ المتمردين جمعوا الموارد والحلفاء ما جعلهم “شركاء جذابين ليس فقط للجماعات المسلحة في شرق (الكونغو) ولكن أيضًا للجماعات الأخرى التي تهدف إلى تقويض تشيسيكيدي”.
وأضاف أنّ “هذا يتماشى مع إستراتيجية رواندا المحتملة المتمثلة في إنشاء جبهة كونغولية قوية لتحقيق أقصى قدر من النفوذ على كينشاسا، وتأكيد هيمنتها على إقليم شمال كيفو على الأقل”.
وأكد خبراء الأمم المتحدة أنّ نحو 4000 جندي رواندي يدعمون متمردي حركة “إم 23” في شمال كيفو.
ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، تضمّ حركة “إم 23” نحو 6500 مقاتل.
وجه جديد بدوافع سياسية
وقال موليكا من مركز “ديبول” الكونغولي للأبحاث: “خلافًا لما حدث في عام 2012، فإن نقطة الترويج لنانغا كوجه لحركة إم 23، هي أنّه من مقاطعة أويلي العليا وليس من التوتسي، وهو ما يسمح للحركة بمنح نفسها وجهًا كونغوليًا جديدًا وأكثر تنوعًا، حيث كان يُنظر إليها على أنّها جماعة مسلحة تدعمها رواندا وتدافع عن أقليات التوتسي”.
كما أشار المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية، ومقره واشنطن، في تحليل نشر يوم الأربعاء، إلى “حسابات سياسية متغيّرة” من قبل رعاة حركة إم 23.
وقال المحلّل الأوغندي في المركز بول نانتوليا: إنّ الجهود المبذولة لإنشاء إدارة مدنية موازية وتوسيع الاستغلال غير المشروع للمعادن، “تُشير إلى أنّ الجماعة المتمردة وداعميها الإقليميين لديهم أهداف طويلة المدى في الحفاظ على سيطرتهم الإقليمية وربما توسيعها”.
وفي مؤتمر صحفي عقدته حركة “إم 23” في غوما الخميس الماضي، قال نانغا: إنّ مقاتليه يهدفون إلى إنشاء إدارة جديدة في المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة، والتي أصبحت الآن موطنًا لمئات الآلاف من النازحين الكونغوليين.
كما تحدّث عن خططه لإعادة النازحين إلى منازلهم، ما يُمثّل تحديًا كبيرًا لتشيسيكيدي.