من جديد تتصاعد أسئلة وتصريحات بشأن اليوم التالي لغزة، مع اقتراب بدء المفاوضات بشأن ملفات المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار.
ولم تكن رسائل حركة حماس من داخل قطاع غزة خافية على أحد من خلال عروضها العسكرية أثناء تسليم المحتجزين الإسرائيليين.
في حين، لم تتبلور حتى الآن أي خطة فلسطينية موحدة بخصوص اليوم التالي للحرب، على ضوء استمرار الخلاف بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس بشأن ذلك.
وأشار بيان مقتضب من الخارجية المصرية إلى عقد لقاء ثلاثي ضم وزيري الخارجية المصري والأردني وأمين سر منظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، بحث ملفات عدة من ضمنها عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.
في المقابل، واصلت إسرائيل تهديداتها باستئناف الحرب على غزة في أي لحظة، تحت ذريعة خرق حماس للاتفاق.
اجتماع القاهرة يرفض تهجير الفلسطينيين
وبينما يُنظر إلى الولايات المتحدة كعامل حاسم بشأن مسار الصفقة، تتجه الأنظار إلى البيت الأبيض الذي سيشهد هذا الأسبوع اجتماعًا بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسط توقعات بتطرق الاثنين إلى مقترحات متعلقة بمستقبل غزة.
ويأتي اجتماع الثلاثاء في البيت الأبيض بعد دعوات متكررة من الرئيس الأميركي للأردن ومصر لاستقبال سكان من غزة بدعوى أن القطاع بات مدمرًا وغير قابل للحياة.
لكن دعوات ترمب قابلها رد مشترك من وزراء الخارجية العرب الذين تداعوا إلى اجتماع في القاهرة، مؤكدين رفضهم فكرة تهجير الفلسطينيين.
رسالة مشتركة أرادت الدول العربية إبرازها كموقف موحّد في مواجهة توجهات وأفكار تحاول الإدارة الأميركية الجديدة تمريرَها بخصوص غزة والفلسطينيين عمومًا.
وفيما قالت الرئاسة المصرية: إن الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي دونالد ترمب، أجريا “حوارًا إيجابيًا” بشأن غزة خلال اتصال هاتفي بينهما، ذكر موقع “أكسيوس” أن ترمب ناقش مع السيسي إمكانية نقل سكان من غزة إلى مصر خلال إعادة الإعمار.
“انتهاكات إسرائيلية ممكنة”
وفي هذا السياق، يشير أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، الدكتور إبراهيم فريحات، إلى أن مرور المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بسهولة لم يكن مفاجئًا، موضحًا أن هناك مصلحة مشتركة لكل من حركة حماس وإسرائيل والرئيس الأميركي دونالد ترمب في تحقيق ذلك.
وفي حديثه إلى التلفزيون العربي من الدوحة، يشير فريحات إلى وجود صعوبات تعقد العودة إلى الحرب بالشكل الذي كانت عليه سابقًا.
ويرجح الدكتور إبراهيم فريحات أن الحرب لن تعود بشكل الإبادة الذي كانت عليه سابقًا، بل قد تقتصر على ضربات عسكرية محددة في غزة تهدف إلى منع عودة الاستقرار، على غرار ما يحدث حاليًا في لبنان.
ويضيف فريحات أن “الانتهاكات الإسرائيلية واردة، وقد تكون إتمام المرحلة الثانية من الاتفاق أكثر صعوبة مقارنة بالمرحلة الأولى”.
صيغة “هجينة” في غزة
من جهته، يرى الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في واشنطن، الدكتور أسامة أبو رشيد، أن العودة إلى الحرب بشكلها السابق ستكون صعبة على كل من إسرائيل والمقاومة، مشيرًا إلى أن إسرائيل هي الطرف الأكثر رغبة في استئناف الحرب.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يوضح أبو رشيد أن هذا لا يعني أن الحرب ستتوقف تمامًا، إذ إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يخضع لضغوط سياسية داخلية.
ويشير إلى أن الوزير بتسلئيل سموتريتش يهدّد بالاستقالة من الحكومة، مما قد يدفع الإدارة الأميركية إلى تقديم مزيج من الترضيات للتحالف اليميني، تشمل تنازلات أميركية تتعلق بالاستيطان في الضفة الغربية، أو تنازلات تخص الوضع في قطاع غزة. وفي الوقت ذاته، قد تمنح إسرائيل الضوء الأخضر لتنفيذ عمليات عسكرية محددة في القطاع.
ويضيف أبو رشيد: “أعتقد أننا سنشهد صيغة هجينة في قطاع غزة، حيث ستكون العودة إلى الحرب الشاملة صعبة، حتى على المستوى اللوجستي”.
رؤية ترمب للسلام
وبشأن موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الداعم لرؤية تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، يشير عضو الحزب الجمهوري الأميركي إيلي بريمر إلى أن ترمب يسعى لدفع الدول المجاورة لقطاع غزة نحو التوصل إلى حل سلمي في المنطقة، وتحمل مسؤولياتها في تحقيق هذا الهدف، وفق قوله.
وفي حديثه إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يقول إيلي بريمر: “إن ترمب أظهر في ولايته الثانية أنه يتعامل مع المفاوضات من منظور معقد، حيث يسعى إلى جمع الدول وإقناعها بضرورة التوصل إلى حل سلمي”.
ويرى بريمر أن الولايات المتحدة تعتبر تحقيق سلام مستدام في المنطقة أمرًا بالغ الأهمية، وأن قطاع غزة بحاجة إلى تعاون جيرانه لتحقيق هذا الهدف.