توعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن ما سماه “المشاهد الصادمة” لإطلاق ثلاثة محتجزين إسرائيليين من قطاع غزة لن تمر مرور الكرام، في إشارة لحالة الهزال والإعياء التي بدوا عليها.
وقد نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر قولها، إن الجانب الإسرائيلي سيطلب من حماس خلال المراحل المقبلة من تبادل الأسرى ضماناتٍ بشأن الأوضاع الصحية للمحتجزين.
في المقابل، شنّ زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد هجومًا على نتنياهو وحمّله مسؤولية التأخير في الإفراج عن المحتجزين.
كما طالبت عائلات المحتجزين في غزة نتنياهو بسرعة الإفراج عمّن تبقى منهم، عبر استكمال مراحل الاتفاق كافة في ضوء ما وصفوه بالحالة السيئة للمحتجزين المفرج عنهم.
حماس تحذّر من استمرار التنكيل بالأسرى
وعلى الطرف الآخر، حذرت حركة حماس من استمرار الاحتلال في عمليات التعذيب والقمع والتنكيل والإهمال الطبي بحق الأسرى الفلسطينيين.
كما أشارت الحركة في بيان، إلى أن تحويل سبعة أسرى فور الإفراج عنهم إلى المستشفيات يدل على منهجية إدارة سجون الاحتلال في اعتداءاتها وتنكيلِها بالأسرى، وهو ما يأتي ضمن سياستِه المتطرفة التي تنتهج القتلَ البطيءَ لهم.
وذلك أيضًا ما أكّده نادي الأسير الفلسطيني، الذي قال في بيان إن أغلبية الأسرى الذين تحرروا ضمن الصفقة، وكذلك أغلبية من أفرج عنهم بعد حرب الإبادة يعانون من مشاكل صحية، ما استدعى نقل العديد منهم إلى المستشفيات.
ولا تعد ملاحظات نتنياهو على تنفيذ الدفعة الخامسة من صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، الأولى، فقد احتج خلال الإفراج عن الدفعات الأربع السابقة على طريقة إطلاق سراح المحتجزين وما يشكله ذلك من خطر على حياتهم، وفق قوله.
ويريد نتنياهو بذلك وفق اتهامات وجهت له، توجيه رسائل قد يستغلها سياسيًا وتفاوضيًا، أو لغايات استخدامها للتحريض ضد المقاومة التي حذّرت هي الأخرى من مغبة استمرار الاحتلال في الإخلال باتفاق التهدئة، لا سيما البروتوكول الإنساني، وما قد يشكله ذلك من آثار محتملة على سير الصفقة.
الأسرى المحررون صورة عن المعاناة
محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين خالد محاجنة يعتبر أن مشاهد الأسرى المحررين هذا اليوم تمسّ مشاعر جميع عائلات الأسرى في السجون الإسرائيلية، لافتًا إلى أن سلطات الاحتلال تشنّ حربًا على الأسرى في السجون بالتوازي مع حربها على قطاع غزة، وهي مستمرة رغم وقف إطلاق النار.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من أم الفحم، يشير محاجنة إلى أن الأسرى المحررين نقلوا معاناة الأسرى في السجون مع التنكيل والإجرام والإعدام.
ويقول محاجنة: “اليوم نقل الأسرى بأنفسهم ما يعانونه منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023”.
ويؤكد محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، أن الأسرى الفلسطينين يُحرمون من أبسط حقوقهم كالطعام والشراب والملابس، داعيًا العالم للتحرك والتصدي لممارسات الاحتلال بحقهم.
صدمة في إسرائيل
وفي قراءة لردة الفعل الإسرائيلية على مشهد استعادة المحتجزين الإسرائيليين، يشير الباحث في مركز مدى الكرمل الدكتور إمطانس شحادة إلى أن المجتمع الإسرائيلي كان يتوقع المشهد الذي رأيناه اليوم، وغالبًا ما تم الحديث عن الأوضاع الصعبة التي يعيشها المحتجزون في قطاع غزة، في ظل الحرب وشح الغذاء والدواء.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من حيفا، يعتبر شحادة مع ذلك أن مشاهدة الأسرى بأم العين أحدثت صدمة للإسرائيليين. وقال: “هناك فرق بين أن يتخيل المرء وضعًا ما وبين أن يشاهده فعلًا”.
ويضيف شحادة: “إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعرف أن هذه المشاهد ستؤدي إلى زيادة الضغط داخل المجتمع الإسرائيلي للاستمرار في المرحلة الثانية من صفقة التبادل لاستعادة كل الأسرى، ويعرف أن عائلات الأسرى ستزيد من الاحتجاجات والتظاهر والضغط السياسي”.
وبحسب شحادة، يحاول نتنياهو استباق كل ذلك من خلال تحميل حركة حماس مسؤولية ما جرى.
انتهاك مستمر لاتفاقية جنيف
من جانبه، يوضح أستاذ القانون الدولي الإنساني في جامعة نورثهامبتون الدكتور إياد نصر، أن إسرائيل لم تدعِ أنها تتعامل مع الأسرى الفلسطينيين بشكل إنساني، مشيرًا إلى أن الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير صوّر المشاهد وهو يهين الأسرى بشكل متعمد، وقد حاول مرارًا أن يقطر لهم المياه والشراب وحرمهم من حقهم في الحصول على الدواء.
ويلفت في حديث إلى التلفزيون العربي من لندن، إلى أن “إسرائيل تنادي بأنها الديمقراطية الأفضل في المنطقة، رغم أنها تحرم الأسرى من الحقوق الأساسية”.
يذكر أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر عبّرت، لدى إطلاق دفعات سابقة من الأسرى الفلسطينيين، عن امتعاضها من الأوضاع الصعبة التي يعيشها الأسرى في سجون الاحتلال.
ويشدد أستاذ القانون الدولي الإنساني في جامعة نورثهامبتون، على حق أي محتجز في أن يحظى بمعاملة إنسانية كريمة وأن تُقدم له سبل العيش والعلاج بما يضمن له حياته وصحته وكرامته.
ويؤكد أن إسرائيل تمعن في انتهاك حقوق الأسرى وتنتهك المادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة والخاصة بكرامة الإنسان، كما تنتهك كل بنود اتفاقية جنيف القاضية باحترام وحماية حقوق المعتقلين.