أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب عملية إعادة تنظيم واسعة للبنتاغون، فأقال ضباطًا كبارًا وعمل على تسريح آلاف الموظفين المدنيين، سعيًا لجعل الجيش يتماشى مع أولوياته.
وسلّطت إقالة الضباط الضوء سياسيًا على البنتاغون فيما اتهم الديمقراطيون ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث بالسعي لتسييس الجيش، وضمان تولي شخصيات موالية شخصيًا للرئيس قيادته.
ويعد الترّفع عن الانقسامات السياسية مبدأ جوهريًا في القوات المسلحة الأميركية، حتى إنه يُحظر على أعضائها الانخراط في أنواع من النشاط السياسي بهدف المحافظة على الحياد العسكري.
وشدد هيغسيث على أن الرئيس يختار بكل بساطة القادة الذين يريدهم، قائلًا: “هناك سيطرة مدنية على الجيش. لا يوجد ما هو غير مسبوق في ذلك”.
وأكد لشبكة “فوكس نيوز” أنه “يحق (لترمب) اختيار فريقه الأساسي للأمن القومي وللاستشارات العسكرية”.
وزير الدفاع الاميركي يدافع عن قرارات ترمب اقالة ضباط كبار-غيتي
لكن كبير الديمقراطيين في لجنة الأجهزة المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ جاك ريد قال إن “ما يحاول ترمب وهيغسيث القيام به هو تسييس وزارة الدفاع”، وقال ريد لشبكة “أيه بي سي” “إنها بداية تدهور خطير جدًا للجيش”.
وأعلن ترمب في وقت متأخر الجمعة أنه سيقيل رئيس هيئة أركان الجيوش المشتركة تشارلز براون قبل أقل من عامين على توليه المنصب لولاية مدتها أربع سنوات.
إقالة قادة كبار بالجيش
وأفاد هيغسيث لاحقًا بأنه يسعى أيضًا لاستبدال الأدميرال ليزا فرانكيتي التي تتولى قيادة البحرية الأميركية، إضافة إلى نائب رئيس أركان القوات الجوية وثلاثة من كبار المحامين العسكريين.
وجاءت التعديلات في صفوف كوادر الصف الأول بعدما أعلن البنتاغون أنه يهدف لخفض خمسة في المئة على الأقل من القوة المدنية العاملة لديه والبالغ عددهم 900 ألف شخص، مشيرًا إلى أن القرار اتُّخذ “لإنتاج الكفاءات وإعادة تركيز الوزارة على أولويات الرئيس”.
وقال النائب آدم سميث العضو في لجنة الأجهزة المسلحة في مجلس النواب، إن ترمب أقال براون وآلاف الموظفين الفدراليين “ليس لأنهم لم يتمتعوا بالكفاءة أو لم يؤدوا عملهم بشكل جيد، بل لأن ترمب يريد متملّقين” حوله.
وقال سميث في تسجيل مصور نشر على منصة “إكس”: “أي شخص لا يتعهّد بالولاء عليه أن يرحل”، مضيفًا أن ذلك “يقوّض حقًا كفاءات وإمكانيات الأشخاص الذين يخدمون بلدنا”.
جدل يتصاعد
ودافع مسؤولون في إدارة ترمب عن الإقالات، إذ أشارت نائبة المتحدث باسم البنتاغون كينغسلي ويلسون إلى أن إقالة ضباط كبار ليست غريبة عن الرؤساء الأميركيين، وكتبت على “إكس” إن “ترومان أقال الجنرال ماكارثر، لينكولن أقال الجنرال ماكليلان، أوباما أقال الجنرال كاكريستال. مع ذلك، ما زالت الأخبار الزائفة تزعم بأن ما نقوم به غير مسبوق”.
لكن أقيل هؤلاء الجنرالات بسبب مشاكل محددة – دوغلاس ماكارثر بسبب تجاوزه صلاحياته وتحديه الأوامر وجورج ماكليلان بسبب ضعفه في ميدان المعركة وستانلي ماكريستال لأنه انتقد، بحسب تقارير، إلى جانب مساعديه، مسؤولين أميركيين.
في المقابل، لم ترد أي اتهامات بسوء السلوك ضد الضباط الذين أقيلوا مؤخرًا، إذ اكتفى هيغسيث بالقول إن براون “رجل شريف” ولكنه “ليس الرجل المناسب في هذه اللحظة”.
وأفاد رئيس قسم الدفاع والأمن لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية سيث جونز بأنه رغم وجود العديد من الأمثلة على إنهاء خدمات ضباط كبار، إلا أن “الأمر كان يتم عموما لمسائل تتعلق بالكفاءة”.
وتابع: “لا يبدو أن الأمر كان يتعلق، على الأقل إلى درجة كبيرة، بكفاءة الجنرال براون، على سبيل المثال”. وطالما أن الإقالات لا علاقة لها بالأداء، فإن الوضع “غير عادي”.
لكن جونز لفت إلى أنه لا يعتقد بأنه “في هذه المرحلة.. الأغلبية الكبيرة من ضباط الجيش مسيّسون”. وأضاف: عندما يختلف القادة المدنيون والعسكريون “تسأل نفسك إن كان الجيش مسيّسًا؟. هل يقدّمون أفضل قراراتهم العسكرية بشأن مسألة ما؟، وهو الأمر الذي تم تنصيبهم للقيام به؟ لذا، سيتعيّن علينا تحديد ذلك”.