لم يعتد الشعب الأميركي على رؤية تلاوة الصلاة في الجلسات الحكومية، لأن النظام الدستوري في البلاد قائم على المبادئ العلمانية التي تفصل الدين عن السياسة.
يضاف إلى ذلك أن شكر الرئيس الأميركي والإطراء عليه أمر غير مألوف، لكن ترمب وكعادته أثار جدلًا واسعًا بتلاوته الصلاة في الجلسة الحكومية الأولى.
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي الأميركية تداولًا واسعًا لمقطع فيديو، يظهر أحد الحاضرين، يفتتح الجلسة الحكومية الأولى بالصلاة والدعاء بأن يحفظ الله الرئيس الأميركي، ويعينه على إرشاد الوزراء، ما اعتبره كثير من الأميركيين أمرًا صادمًا وغير اعتيادي.
ودفع مقطع الفيديو هذا كثيرين من الأميركيين إلى الاعتقاد بأن ترمب قام بتلاوة الصلاة في الجلسة الحكومية الأولى لتوظيف الدين لتحقيق مصالحه السياسية، فقد عرف عنه استمالته للمسيحيين الإنجيليين، بينما يرى البعض الآخر أن هذا الأمر مخالف للدستور الذي يؤكد عدم الخلط بين السياسة والدين.
ويحظى ترمب بدعم قوي من الإنجيليين المحافظين، فقد صوّت 81% من الناخبين الإنجيليين له في ولايته الأولى وفقًا لمؤسسة بيو للأبحاث.
وبحسب تقديرات “موقع أكسيوس” الأميركي، يشكل الإنجيليون نحو 25% من الناخبين الأميركيين، ويقدر عددهم بنحو 64 مليون نسمة. لكن لماذا يدعم الإنجيليون الرئيس ترمب؟
“لفّ نفسه بصور دينية”
يرى العديد من الإنجيليين أن معارضة ترمب للإجهاض، ودفاعه عن الحرية الدينية للمسيحيين، دلالة على أنه يعزز القيم الإنجيلية.
كما يؤمن الإنجيلبون بـ”عودة اليهود إلى فلسطين” وإقامتهم “دولة هناك”، ويضعون نصب أعينهم دعم إسرائيل.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي ولايته الرئاسية السابقة، وعد ترمب الانجيليين في حملاته الانتخابية بأنه سيعترف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل وسينقل سفارة بلاده اليها، وأوفى بوعده فعلًا ونقل السفارة الأميركية إلى القدس في ذلك الوقت.
جدير بالذكر بأن ترمب عيّن سابقًا مستشارة روحية له، وأصبحت أول امرأة في تاريخ الولايات المتحدة تتلو الصلاة خلال مراسم تنصيب رئيس أميركي عند أداء ترمب اليمين الدستورية عام 2017.
وقد شهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلًا واسعًا مع هذا الحدث.
“أمر محرج للغاية”
وقال المدون السياسي ريتشارد أنجوين تعليقًا على الصلاة في اجتماع الحكومة الأميركية: “إنه أمر محرج للغاية. ترمب يحوّل اجتماع مجلس الوزراء إلى حلقة صلاة، ويركز على نفسه أكثر من تركيزه على الحكم. إنه أمر مثير للشفقة”.
أمّا مارغاريت سيجيين، فقد قالت: “كانت اجتماعات مجلس الوزراء والمناسبات العامة مليئة بالصلوات التمثيلية، ليس بوصفها أفعالًا روحية حقيقية، ولكن بوصفها حيلة محسوبة لضمان ولاء الإنجيليين. وعلى الرغم من تاريخه المفلس أخلاقيًا، فقد لفّ ترمب نفسه بصور دينية، وتلاعب بالإيمان من أجل السلطة.
وكتبت كريسي: “إن مثل هذه الأعمال المثيرة لا تؤدي إلا إلى تعكير المياه وتسهم في شعور الناس بأن الدين يجب أن يكون جزءًا من الحكومة، بينما يحظر دستورنا ذلك في الواقع”.
من جهته، قال رومي: “مجموعة من غير المسيحيين يستعرضون المسيحية من أجل النفوذ”.