أعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، اليوم الإثنين، عن قلقه البالغ من “التحول الجذري” في توجّهات الولايات المتحدة منذ عودة دونالد ترمب إلى السلطة، منددًا بـ”السلطة المطلقة” لـ”أوليغارشية التكنولوجيا غير المنتخبين”.
وفي خطاب أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وجّه تورك انتقادات تعد الأقوى التي تصدر عنه حتى اللحظة للتحوّلات التي شهدتها الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة.
الأوليغارشية
وقال تورك “كان لدينا دعم من الحزبين في الولايات المتحدة الأميركية في ما يتعلق بحقوق الإنسان على مدى عقود طويلة”. وأردف “أشعر الآن بقلق بالغ من التحول الجذري في التوجهات محليًا ودوليًا”.
وتحالف الملياردير الجمهوري دونالد ترمب مع مسؤولين تنفيذيين في قطاع التكنولوجيا المتطورة في مقدّمهم إيلون ماسك، أثرى رجل في العالم.
ويشير التعريف العام للأوليغارشية إلى حكومة أو مؤسسة تديرها مجموعة قليلة من الأشخاص أو العائلات.
وأوضح أن “السياسات الهادفة لحماية الناس من التمييز باتت تصنّف الآن على أنها تمييزية”، من دون أن يأتي على ذكر ترمب بالاسم.
وقال “تم إلغاء التقدّم الذي تحقق في ما يتعلق بالمساواة المرتبطة بالنوع الاجتماعي. يحمل التضليل والترهيب والتهديدات، خصوصًا تجاه الصحافيين والموظفين الحكوميين، خطر تقويض عمل الإعلام المستقل وأداء المؤسسات”.
وتابع تورك أن “خطابا مثيرا للانقسامات يُستخدم للتشويه والخداع وإثارة الاستقطاب… وهو ما يولّد الخوف والقلق في أوسط كثيرين” مؤكدًا أن مكتبه سيواصل تاريخه الطويل في “التواصل البنّاء بشأن هذه القضايا وغيرها”.
ولم تشارك الولايات المتحدة في الجلسة، بعدما وقّع دونالد ترمب مرسومًا بسحب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان.
فمنذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، وقّع 79 أمرًا تنفيذيًا بشأن مسائل تتراوح من السياسة الخارجية إلى حقوق المتحولين جنسيًا.
“حفنة من أوليغارشية التكنولوجيا”
وفي ظل امتلاك حزبه الجمهوري غالبية ضئيلة فقط في الكونغرس وسعيه للتحرك سريعًا لإعادة تشكيل الحكومة الأميركية، أصدر ترمب مراسيم تستهدف التجارة والحقوق المدنية والوظائف الفدرالية.
وعيّن مالك “إكس” و”تيسلا” إيلون ماسك رئيس ما أطلق عليها “إدارة الكفاءة الحكومية” “دوج” موكلًا إياه مهمة خفض التكاليف.
وفي هذا الصدد، عبّر تورك عن قلقه حيال تزايد نفوذ “حفنة من أوليغارشية التكنولوجيا غير المنتخبين” قادرة على الوصول إلى البيانات الشخصية للناس، من دون أن يذكر اسم ماسك.
وفي تصريحات لا تقتصر على الوضع في الولايات المتحدة فحسب، حذّر مفوض الأمم المتحدة من أن أوليغارشية التكنولوجيا “يعرفون أين نعيش وماذا نفعل وجيناتنا وظروفنا الصحية وأفكارنا وعاداتنا ورغباتنا ومخاوفنا. يعرفوننا بشكل أفضل مما نعرف أنفسنا. ويعرفون طريقة التلاعب بنا”.
وحذّر من أن “أي شكل من أشكال السلطة غير المنظّمة يمكن أن يؤدي إلى الاضطهاد والإخضاع وحتى الطغيان: قواعد اللعبة التي يستند إليها المستبدون”.
ودعا دول العالم إلى “التأقلم سريعًا” لمواجهة هذه التطورات.
وراح يقول “على الدول تأدية واجبها المتمثل في حماية الناس من السلطة المطلقة والعمل معا لتحقيق ذلك”.
“الحد من حرية التعبير”
من جهته، قدّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن التراجع في عمليات التحقق من المنشورات وإدارة المحتوى على بعض الشبكات الاجتماعية يهدّد بـ”الحد من حرية التعبير”، متخذًا وجهة نظر معاكسة لإيلون ماسك ومارك زاكربيرغ، بعد إعلان رئيس “ميتا”، وهي الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام وواتساب، التخلي عن برنامج تقصي الحقائق في الولايات المتحدة.
كذلك، انضم جيف بيزوس، مؤسس أمازون ومالك صحيفة “واشنطن بوست” وشركة “بلو أوريجين” للفضاء، علنًا إلى مواقف ترمب.
وكان الرئيس الأميركي السابق جو بايدن حذّر في خطاب وداعي ألقاه قبل أيام من انتهاء ولايته من خطورة “أوليغارشية تتشكّل في أميركا”، معتبرًا كذلك أنّ “الأميركيين غارقون في سيل من الأخبار المضلّلة” ممّا يهدّد بـ”إساءة استخدام السلطة”.
وفي آخر خطاب له إلى الأمة قبل مغادرته البيت الأبيض قال بايدن، إن الولايات المتحدة تواجه “تركّزًا خطرًا للسلطة في أيدي حفنة من الأشخاص الفاحشي الثراء”.