وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الشعب في العاصمة دمشق على مسودة الإعلان الدستوري الذي يؤطر المرحلة الانتقالية في 5 سنوات قبل تشكيل لجنة لكتابة دستور دائم.
ووفق المسودة، الرئيس هو من يتولى السلطة التنفيذية، كما يمنح الإعلان للرئيس الحق في إعلان حال الطوارئ على أن يكون ذلك بموافقة مجلس الأمن القومي، وتمديدها يكون بموافقة مجلس الشعب.
هو نظام رئاسي جديد، عماده الفصل بين السلطات حيث لا تستطيع سلطة عزل أخرى، فالتشريع يتولاه مجلس الشعب الذي يتم تعيين ثلثه من قبل الرئيس. ولا يملك هذا المجلس أي سلطة على رئيس الجمهورية طيلة الفترة الانتقالية، مع ضمان تشكيل هيئات عدة من بينها الهيئة العليا للانتخابات وهيئة دستورية عليا معنية بدستورية القوانين.
وفي ملف القضاء، ضمن الإعلان الجديد استقلاله التام مع إلغاء المحاكم الاستثنائية وإنشاء محكمة لتطبيق العدالة الانتقالية.
“من يحرّر يقرّر”
وقد أكّدت اللجنة المكلفة بصياغة الإعلان الدستوري في مؤتمر صحافي اليوم عقب تسليم المسودة للرئيس السوري أن الوثيقة الجديدة راعت مكونات الشعب السوري وضمنت الحريات، وأن أساس العمل استند إلى أن الشعب يقوم بدور المراقب بينما كان النص في الدساتير السابقة يخدم الديكتاتور.
وتؤكد اللجنة في بيانها أن الإعلان الجديد سيساعد سوريا على تجاوز تحدياتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
وتعليقًا على الإعلان الدستوري، يعبّر المحامي والناشط الحقوقي غزاون قرنقل عن صدمته لأنه يرى “أنه عملية إكساء صبغة دستورية على مقولة من يحرّر يقرّر” ويعطي صلاحيات مطلقة لشخص وكأننا نؤسس “لحارات وليس لسلطة”.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من أربيل، يقول قرنفل: “هي حارة يحكمها مجلس شعب معيّن من الرئيس وحارة يحكمها الرئيس”، مشيرًا إلى أن مجلس الشعب لا يستطيع مساءلة الرئيس وكذلك لا يستطيع الرئيس مساءلة مجلس الشعب، معتبرًا “أن ذلك لا يؤسس لدولة”.
“إعلان مؤقت”
ومن جهته، يوضح أستاذ القانون في جامعة دمشق أحمد عمر أنه يمكن التمييز بين ثلاثة أنظمة حكم في العالم وهي النظام الرئاسي، الذي اعتمده الإعلان الدستوري في سوريا، والنظام البرلماني والنظام شبه الرئاسي.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من دمشق، يعتبر عمر أنه لا يمكن تقييم تجربة الإعلان الدستوري في سوريا لأنه إعلان مؤقت لإدارة شؤون البلاد في ظروف استثنائية تمهيدًا للوصول إلى دستور نهائي للبلاد.
ويقول: “يجب أن ننتظر لنرى التعامل بين السلطات” ولنعرف الاختصاصات التي ستضطلع بها هذه السلطات. ويلفت إلى ضرورة التنبه للمشاركة المجتمعية في الإعلان الدستوري المؤقت.
عمر انتقد البند الذي نص على إطالة مدة المرحلة الانتقالية في سوريا معتبرًا أن فترة خمس سنوات “طويلة جدًا”.
غياب المراقبة “غير مقبول”
ومن جانبها، تعتبر الناشطة الحقوقية في قضايا النساء سوسن زكزك أن التوجه إلى نظام رئاسي خلال المراحل الانتقالية يوفّر سرعة في اتخاذ القرار.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من دمشق، تتساءل زكزك عن سبب غياب منصب نائب الرئيس. وترى أن عدم مراقبة مجلس النواب للحكومة والرئيس “أمر غير مقبول”.
كما تثير الناشطة الحقوقية مسألة صلاحيات الرئيس في إعلان حالة الطوارئ بموافقة مجلس الأمن القومي الذي يرأسه الرئيس نفسه وهو من عيّن أعضاءه.
“لا تغول لباقي السلطات على القضاء”
وتنتقد زكزك تعيين الرئيس نسبة 30% من أعضاء مجلس الشعب، معتبرة أنها “نسبة كبيرة”، فيما تأسف لعدم نشر وثيقة الإعلان الدستوري النهائية.
ويشرح عبد الحميد العواك عضو لجنة صياغة الإعلان الدستوري أن النص الدستوري لا يسمح للرئيس بالتدخل في أعمال البرلمان والعكس، مؤكدًا أن الرئيس يمتلك سلطة تنفيذية لكن لا يمكنه فصل أحد من البرلمان.
ويقول العواك في حديث إلى التلفزيون العربي إن الرئيس لا يساءل من البرلمان في القضايا السياسية، كما لا تغول لباقي السلطات على القضاء.
وشدد على أن الإعلان شمل حل المحاكم الاستثنائية.