فازت سيدة تنحدر من قومية الإيغور اسمها عرفية إري (34 عاما) لأول مرة في تاريخ اليابان، بمقعد في البرلمان.
وحصلت إري في أبريل/نيسان الماضي على مقعد في البرلمان الياباني المعروف باسم “الداي”، ممثلة عن الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم، الذي يهيمن عليه إلى حد كبير رجال متقدمون في العمر ذوو خلفيات اجتماعية واقتصادية محدودة.
وفازت إري في انتخابات 23 أبريل/نيسان 2023 عن الدائرة الخامسة بمحافظة تشيبا (شرق)، متفوقة على مرشح الحزب الدستوري الديمقراطي المنافس كينتارو يازاكي (55 عاما) بفارق 5 آلاف صوت، وخلفت النائب كينتارو سونورا عن الحزب الليبرالي الذي استقال في ديسمبر/كانون الأول الماضي إثر فضيحة مالية سياسية.
بدأت الشابة الثلاثينية مشوارها في السياسة بعد عودتها من الولايات المتحدة إلى طوكيو في أبريل/نيسان 2022، ولقائها زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي تارو كونو، خريج جامعة جورج تاون الأميركية التي أكملت فيها تعليمها الجامعي.
استقالت إري بعد لقائها كونو من عملها في مقرّ الأمم المتحدة بنيويورك، وخاضت انتخابات مجلس الشيوخ في البرلمان الياباني الصيف الماضي، لكن الفوز لم يكن حليفها آنذاك.
نشأتها وتعليمها
ولدت إري لأب ياباني من عرقية الإيغور، وأم يابانية من أصل أوزبكي، في مدينة كيتاكيوش بمحافظة فوكوكا جنوب اليابان.
وتعود أصول والدها إلى إقليم شينجيانغ الذي يتمتع بالحكم الذاتي شمال غربي الصين.
وأصبحت إري مواطنة يابانية عام 1999، عندما كانت في العاشرة من عمرها. ورغم خلفيتها الثقافية المتعددة وإتقانها 7 لغات، أكدت في تصريحات صحفية: “لم أشعر أبدا أني أجنبية” في اليابان.
وقالت “لم أشعر أبدا خلال نشأتي في كيتاكيوش أنني غريبة، ولم أفكر في كوني أجنبية مطلقا، ولم يحدث أي شيء في طفولتي جعلني أشعر أنني لست جزءا من هذه المدينة أو هذه الثقافة”.
وعقب إنهائها التعليم الأساسي الذي أمضت جزءا كبيرا منه في الصين بسبب إرسال والدها لأداء مهمة عمل هناك، غادرت إري إلى الولايات المتحدة للدراسة في جامعة جورج تاون، حيث تخصصت في السياسة الدولية.
وبعد تخرجها، عادت إلى اليابان لتعمل مدة وجيزة في “بنك اليابان”، وتقرر بعدها العودة مجددا إلى الولايات المتحدة للعمل في مقر الأمم المتحدة.
سلاح ذو حذين
ترى إري أن خلفيتها المتنوعة وعملها الدولي وتعدد لغاتها كان “سلاحا ذا حدين” في مسيرتها المهنية.
وقالت في تصريحات نقلتها صحيفة “جابان تايمز” المحلية، إنها “تعيب على من يعطون الأهمية الكبرى لهويتها”، مؤكدة أن “الأساس هو الأفكار والخبرات والمبادئ، وليس بالضرورة الهوية”.
وأضافت “بحكم الخبرات والهويات التي أمتلكها، لدي أفكار وآراء مختلفة، ولدي الكثير للمساهمة به”.
إشادة ودعم
وأشاد المؤتمر العالمي للإيغور بكون إري أول امرأة من عرقية الإيغور يتم انتخابها في أي برلمان حول العالم، وأول سياسية منهم تشغل مقعدا في البرلمان الياباني.
وقالت المنظمة -في بيان لها- “هذا الانتصار التاريخي مهم لمجتمع الإيغور الياباني، ولمجتمع الشتات الإيغوري العالمي”، حسبما نقل موقع إذاعة “آسيا الحرة”.
وأضافت “لدينا إيمان راسخ بأن إري ستخدم مصالح المواطنين اليابانيين والبلد، وفي الوقت نفسه ستثير قضية الإيغور في البرلمان الياباني والمنتديات الرفيعة المستوى الأخرى”.
بدوره، قال صاوت ميميت عضو اللجنة الدائمة في رابطة الإيغور اليابانية (مقرها طوكيو)، إن إري تغلبت على 6 مرشحين آخرين من تشيبا، وحققت فوزا “مثيرا”.
وأوضح في تصريحات لإذاعة “آسيا الحرة” أن “انتخاب إري له آثار إيجابية هائلة على الإيغور، ويؤكد أنهم ليسوا إرهابيين كما تزعم الصين لتبرير سياساتها القمعية في شينجيانغ”.
كما أشار إلى أن انتخاب إري “يمنح الأمل أيضا للجيل الثاني من الإيغور” الذين يعيشون في المنفى.
وأضاف “لقد أوجدت إري فرصة جيدة للمجتمع الدولي لفهم وضع الإيغور بشكل أفضل”.
ويأتي انتخاب إري في وقت دعت فيه جماعات حقوق الإيغور المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات ملموسة ضد الصين، لارتكابها انتهاكات جسيمة لحقوق المسلمين في إقليم شينجيانغ.
وخلال السنوات الأخيرة، أعربت الحكومة اليابانية عن قلقها بشأن أوضاع حقوق الإنسان في شينجيانغ، حيث احتجزت الحكومة الصينية الإيغور في معسكرات مغلقة بذريعة “إعادة التأهيل”، وراقبتهم بتقنيات المراقبة الرقمية، كما أخضعتهم للعمل القسري، وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان.
وفي أغسطس/آب 2018، أفادت لجنة حقوقية تابعة للأمم المتحدة بأن الصين تحتجز نحو مليون مسلم من الإيغور في معسكرات سرية في شينجيانغ. ومنذ 1949، تسيطر بكين على الإقليم، موطن الإيغور، وتطلق عليه اسم “شينجيانغ” والذي يعني “الحدود الجديدة”.