بنك اليابان يُبقي الفائدة دون تغيير… وترقّب لرفعها في ديسمبر
أبقى بنك اليابان أسعار الفائدة دون تغيير يوم الخميس، لكنه جدّد التزامه بمواصلة رفع تكاليف الاقتراض إذا استمر الاقتصاد في مساره المتوقع، ما وجّه أنظار المستثمرين إلى احتمال رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ورغم أن البنك المركزي حافظ على توقعاته طويلة الأجل دون تعديل يُذكر، فقد ركّز في تقريره الأخير على المخاطر الخارجية التي قد تعرقل تعافي الاقتصاد الياباني، وسط قلق متزايد من تباطؤ النمو العالمي، وفق «رويترز».
وانخفض الين الياباني عقب القرار المتوقع بالإبقاء على أسعار الفائدة قصيرة الأجل عند 0.5 في المائة، في حين عارض عضوا مجلس الإدارة ناوكي تامورا وهاجيمي تاكاتا القرار مجدداً، متمسكَين بدعوتهما إلى رفع الفائدة إلى 0.75 في المائة كما حدث في اجتماع سبتمبر (أيلول) الماضي.
تقرير فصلي يؤكد المسار المعتدل للتعافي
في تقرير التوقعات الفصلية، عدّل مجلس الإدارة تقديراته للنمو للسنة المالية الحالية المنتهية في مارس (آذار) 2026 بشكل طفيف، ورفع توقعاته للتضخم للسنة المالية 2026، مع الإبقاء على رأيه بأن مخاطر الأسعار متوازنة تقريباً.
وتوقّع التقرير أن يبلغ معدل التضخم الأساسي 2 في المائة في النصف الثاني من فترة التوقعات الممتدة حتى السنة المالية 2027، محافظاً على الصياغة ذاتها لتقرير يوليو (تموز).
وقال البنك: «إذا تحققت توقعاتنا الاقتصادية والسعرية، سنواصل رفع سعر الفائدة الرئيسي وتعديل مستوى الدعم النقدي بما يتماشى مع تحسن الاقتصاد والأسعار».
الرسوم تدخل في حسابات السياسة اليابانية
أشار التقرير إلى مخاطر خارجية جديدة، أبرزها تأثير الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الاقتصاد الأميركي، وكيف يمكن أن تنعكس على الطلب العالمي والنمو.
وأضاف التقرير: «يجب مراقبة كيفية تأثير الرسوم الجمركية على ظروف العمل والدخل في الولايات المتحدة من خلال تراجع أرباح الشركات وتأثير ذلك على الاستهلاك الأميركي».
يأتي ذلك وسط انقسام داخل مجلس إدارة بنك اليابان بين مؤيدين لرفع الفائدة الآن وآخرين يفضلون الانتظار لمعرفة مدى تأثير تباطؤ النمو الأميركي ورسوم ترمب. كما طغى هذا الغموض على نقاشات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي خفّض الفائدة يوم الأربعاء وسط انقسام داخلي حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية؛ حيث أشار رئيسه جيروم باول إلى «اختلافات حادة في وجهات النظر» بين الأعضاء.
التحولات السياسية تضيف مزيداً من التعقيد
على الصعيد المحلي، زادت العوامل السياسية من تعقيد موقف بنك اليابان. فقد خفّضت الأسواق رهاناتها على رفع الفائدة في أكتوبر (تشرين الأول) بعد تولّي رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي، المعروفة بتأييدها للسياسة النقدية المتساهلة.
ومع تجاوز التضخم هدف البنك البالغ 2 في المائة لأكثر من 3 سنوات، يتوقع معظم الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم رفع الفائدة إلى 0.75 في المائة بحلول مارس 2026، وربما بدءاً من ديسمبر المقبل.
ويرى بعض المحللين أن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت قد يشكّل دعماً للتيار المتشدد في البنك، بعد دعوته لتسريع رفع الفائدة لتجنّب إضعاف الين. وقال هيروفومي سوزوكي، كبير استراتيجيي العملات الأجنبية في «إس إم بي سي» بطوكيو: «في ظل اتساق السياسة النقدية مع إدارة تاكايتشي، من المرجح أن يظل الين تحت ضغط هبوطي». وأضاف: «أتوقع اتخاذ قرار برفع الفائدة الإضافي في اجتماع ديسمبر».
ارتفاع الأسهم وتراجع الين
ارتفع مؤشر «نيكي» الياباني إلى مستوى قياسي جديد يوم الخميس بعد قرار البنك بالإبقاء على السياسة النقدية دون تغيير، قبل أن يتراجع بفعل عمليات جني الأرباح ليغلق منخفضاً 0.4 في المائة عند 51. 115.84 نقطة بعدما لامس 51.620.79 نقطة في وقت سابق.
كما صعد مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً بنسبة 0.4 في المائة إلى 3.291.94 نقطة.
في المقابل، تراجع الين الياباني من ارتفاع بنسبة 0.4 في المائة إلى انخفاض بنسبة 0.3 في المائة ليصل إلى 153.13 ين للدولار، قبل أن يستقر عند 152.74 ين في آخر التداولات.
وتأثرت حركة السوق أيضاً بتقارير عن اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ في كوريا الجنوبية؛ حيث ناقشا الرقائق الإلكترونية وتسوية قضايا المعادن النادرة. وأعلن ترمب خفض الرسوم الجمركية على الصين إلى 47 في المائة من 57 في المائة رغم تهديداته السابقة بفرض رسوم بنسبة 100 في المائة.
وفي سوق السندات، تراجعت عوائد سندات الحكومة اليابانية لأجل عشر سنوات إلى 1.65 في المائة، والخمس سنوات إلى 1.22 في المائة، والسنتين إلى 0.93 في المائة.
خيبة أمل من غياب لهجة أكثر تشدداً
جدّد بنك اليابان تعهده بمواصلة رفع تكاليف الاقتراض إذا واصل الاقتصاد الأداء المتوقّع، مع الحفاظ على رؤيته بأن التضخم سيبلغ 2 في المائة في النصف الثاني من الفترة التوقعيّة.
وقال كريستوفر وونغ، خبير العملات في «أو سي بي سي»: «خيبة الأمل من غياب لهجة متشددة دفعت المتفائلين بالين إلى التراجع… لكن الاتجاه العام لتطبيع السياسة يبقى نحو رفع الفائدة تدريجياً».
وأضاف: «من المرجح أن يُسهم التباين بين سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان في دعم مسار هبوط الدولار مقابل الين على المدى المتوسط».
الين يتراجع
انخفض الين بعد تثبيت الفائدة اليابانية، بينما استقرّت العملات الأخرى في نطاقات ضيّقة مع تقييم المستثمرين لاتفاق ترمب – شي التجاري.
وأشار ترمب إلى أنه وافق على خفض الرسوم الجمركية مقابل استئناف مشتريات فول الصويا الأميركي واستمرار تدفق صادرات المعادن النادرة وتشديد الصين على تجارة الفنتانيل غير المشروعة، رغم غموض التفاصيل وعدم صدور تعليق صيني بعد.
وفي أسواق العملات، انخفض الين 0.1 في المائة إلى 152.83 ين للدولار، بينما ارتفع اليورو 0.3 في المائة إلى 177.70 ين، والجنيه الإسترليني 0.2 في المائة إلى 201.78 ين.
وقال سيم موه سيونغ، خبير الاستراتيجيات في بنك سنغافورة: «عدم رفع الفائدة لم يكن مفاجئاً، لكن خيبة الأمل كانت في بقاء عدد المعارضين عند اثنين فقط».

