في ظل مساعي قوات الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ “خطة الجنرالات” بشأن العملية العسكرية الجارية في شمال قطاع غزة، تتعرض قطاعات عدة للضرر والتعطل.
ويعد جهاز الدفاع المدني من أكثر المتضررين، حيث أدى فصل محافظة الشمال عن مدينة غزة وقطع الإمدادات عنها إلى تهديد حياة السكان هناك. إضافة إلى ذلك، تسبب انقطاع التعاون بين فرق الدفاع المدني التي كانت تعمل بين غزة والشمال في مضاعفة الضغط على الفرق المتبقية.
معاناة طواقم الدفاع المدني في غزة
فقد أكد الدفاع المدني في غزة تلقيه مناشدات كثيرة من مواطنين مصابين محاصرين داخل منازلهم في مناطق يمنع جيش الاحتلال الطواقم من الوصول إليها، إضافة إلى عشرات جثامين الشهداء الملقاة على الطرقات من دون التمكن من انتشالها.
ومعاناة طواقم الدفاع المدني لا تختلف عن مستشفيات كمال عدوان والإندونيسي والعودة، التي رفضت الإخلاء على الرغم من تحذيرات الاحتلال باستهدافها بشكل مباشر في حال عدم الامتثال لتهديداته.
وأطلق مدير مستشفى كمال عدوان الدكتور كمال أبو صفية، ومن قلب غرفة العناية المركزة التي دمج فيها الأطفال والكبار في السن نظرًا إلى عدم توفر بديل، مناشدة لإنقاذ الجرحى المهددة حياتهم بالخطر، والسماح بإدخال الوقود إلى المستشفى، ومنع الاحتلال من إخلائه بالقوة.
“إسرائيل تحاول تدمير الحياة”
وفي هذا الإطار، صرّح مدير الإمداد بالدفاع المدني في غزة، محمد المغير، في حديث للتلفزيون العربي، بأن إسرائيل تحاول تدمير الحياة في مخيم جباليا، الذي يضم نحو 300 ألف نسمة.
وأضاف المغير أن قطاع غزة كان يضم قبل العدوان ثلاثة مراكز للدفاع المدني، إلى جانب عشر مركبات تدخل سريع ومركبتي إسعاف، إلا أن الاحتلال استهدف هذه المراكز، مما اضطر فرق الدفاع المدني لتحويل عملها إلى نقاط ميدانية.
وأشار إلى أن “طواقم الدفاع المدني، بعد استهداف مستشفى اليمن السعيد، اضطرت إلى إغلاق النقطة ودمجها مع مدرسة الفاخورة، ليكون هناك نقطة واحدة فقط في شمال غزة لتلبية نداءات الاستغاثة، رغم منع الاحتلال طواقمنا من التحرك”.
وأردف قائلاً: “لا سيما أن خطوط الاتصال والإمداد قد قُطعت بين شمال وجنوب غزة، ولهذا نحاول التنسيق مع المنظمات الدولية لتزويد الطواقم بالاحتياجات الأساسية، لكن الاحتلال يرفض دخول أي شيء”.
وألمح المغير إلى أن “الدفاع المدني أعد خطة طوارئ خلال الفترة الماضية لتوفير بعض الاحتياجات الأساسية”.
واستدرك قائلاً: “في حال تعطلت المركبات ولم تتمكن من أداء مهامها، سيتم اللجوء إلى وسائل بديلة، كما فعلنا سابقًا في شمال وجنوب غزة، حيث نقلنا المصابين باستخدام كرات متحركة يجرها الدفاع المدني”.
وأضاف المغير: “إذا فرض الاحتلال حصارًا على الدفاع المدني في منطقة معينة، سنواصل تقديم الخدمات والاستجابة للنداءات الطارئة التي يطلقها أهالي غزة، وفقًا لعمليات الاستهداف”.
وأشار إلى أن “الاحتلال استهدف النقاط الطبية البديلة، ورغم ذلك نحاول إيجاد وسائل بديلة بالتعاون مع المنظمات الدولية”.
استهداف الدفاع المدني في لبنان
أما في لبنان، فتواصل المقاتلات والمسيّرات الإسرائيلية استهدافها الممنهج للمسعفين جنوبي لبنان، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني.
ونفذت المقاتلات الحربية الإسرائيلية مساء أمس مجزرة في بلدة دردغيا في قضاء صور جنوبي لبنان، إذ استهدفت مركزًا للدفاع المدني، راح ضحيته ما لا يقل عن ثمانية مسعفين.
واستهداف مركز الدفاع المدني في دردغيا لم يكن الأول، فقد سبقته استهدافات لعدد كبير من مراكز الإسعاف وسياراته في الأيام الماضية، ما أخرج مستشفيات على الشريط الحدودي عن الخدمة، منها مستشفيات مرجعيون وميس الجبل وبنت جبيل.
وقد أحصت وزارة الصحة اللبنانية استشهاد ما لا يقل عن مئة مسعف ومسعفة منذ بداية الحرب، إضافة إلى استهداف ما لا يقل عن خمسين مركزًا صحيًا، ما أدى إلى تعرضها لأضرار جسيمة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في لبنان، إن مقتل أكثر من مئة من المسعفين والعاملين في الرعاية الصحية والموظفين العموميين، يضعف القدرة على الاستجابة للطوارئ في لبنان.
ويتركز استهداف المسعفين على بلدات وقرى الجنوب اللبناني، إلا أن المسيرات الإسرائيلية قبل أسبوعين استهدفت المسعفين ومنعتهم من الوصول إلى مكان غارة إسرائيلية على منطقة المريجة في ضاحية بيروت الجنوبية.
وقالت إسرائيل إنها استهدفت في المكان رئيس الهيئة التنفيذية لحزب الله هاشم صفي الدين، المرشح ليخلف الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله.
استهداف متعمد لطواقم الإغاثة
وفي هذا الإطار، قال وليد الحشاش، رئيس وحدة الخدمة والعمليات في الدفاع المدني اللبناني: “قمنا بعمليات تدخل سريعة في المناطق اللبنانية المستهدفة”.
وأضاف الحشاش في حديثه لـ”التلفزيون العربي” أن “مركز الدفاع المدني فقد خمسة موظفين في دردغيا أثناء تلبية نداءات الاستغاثة”.
وأشار الحشاش إلى أن “فريق الدفاع المدني اللبناني فقد 12 عنصرًا منذ أكثر من أسبوعين، بالإضافة إلى إصابة 29 آخرين، وتلف الآليات وتصدع بعض المراكز نتيجة القصف”.
وشدّد على أن “التواصل مستمر مع الحكومة اللبنانية لتأمين سلامة فرق الدفاع المدني في لبنان”.
وختم بالقول: “نناشد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية حماية طواقم الدفاع المدني، حتى لا يحدث تقصير في حماية الناس وممتلكاتهم”.