تواصلت في السودان الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهزت انفجارات وسط العاصمة الخرطوم، وفي حين أفادت تقارير ميدانية بتفاقم الوضع الإنساني وتعطل الكثير من المستشفيات عن العمل، أصدرت الولايات المتحدة والسعودية بيانا بشأن محادثات بين طرفي القتال تستضيفها جدة في وقت لاحق اليوم السبت.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن مجمع عفراء التجاري، جنوبي الخرطوم، تعرض لحريق كبير التهم المجمع القريب من الساحة الخضراء.
وأضاف أنه لم يتسن معرفة أسباب الحريق الذي تزامن مع قصف لطائرات حربية تابعة للجيش السوداني ودوي أصوات مضادات للطيران، أطلقتها قوات الدعم السريع.
وقد تواصلت الضربات الجوية والتفجيرات في عدد من أحياء الخرطوم لا سيما في محيط المطار، رغم وعود بهدنة، حسب ما أفاد به شهود وكالة فرانس برس.
وفي محيط القصر الجمهوري، دوّت انفجارات عنيفة وأصواتُ أسلحة ثقيلة استُخدمت في الاشتباكات.
وهزت انفجارات وسط منطقة الخرطوم بحري، بينما تصاعدت أعمدة الدخان في سماء حي الوابورات. وقال الجيش، في بيان، إن مَن وصفهم بالمتمردين هاجموا منطقة الخرطوم بحري العسكرية ومنطقة العاصمة العسكرية، مؤكدا أن قوات الجيش صدت للهجوم.
وأفاد مراسل الجزيرة بوقوع اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع في منطقة الجريف في الخرطوم بحري، شرق الخرطوم.
معارك طويلة الأمد
وفي وقت سابق، توقعت رئيسة الاستخبارات الأميركية أفريل هاينز معارك “طويلة الأمد”، لأن “الطرفين يعتقدان أن بإمكان كل منهما الانتصار عسكريا وليست لديهما دوافع تُذكر للجلوس إلى طاولة المفاوضات”.
على الصعيد الإنساني، طالبت نقابة أطباء السودان أطراف النزاع بمنع الوجود المسلح في المرافق الطبية أو قربها. ورفضت -في بيان- أي وجود عسكري مسلح داخل المؤسسات الطبية المدنية.
وقالت النقابة إن الوجود العسكري داخل المؤسسات الطبية أو استخدامها منصات للقصف يحولها لساحة معركة، مشيرة إلى أنها تعالج المصابين من الطرفين المتنازعين، ولا تسمح لأي طرف بالتدخل في القرار المهني.
وفي بيان لها، أفادت نقابة الأطباء بارتفاع عدد الضحايا المدنيين نتيجة الصراع إلى 473 قتيلا و2454 مصابا.
كما ذكر مدير مستشفى الدولي بالخرطوم بحري أنهم يعانون نقصا حادا في المستهلكات الطبية، ويخشون التوقف عن العمل في ظل استمرار الحرب. وأطلق نداء للشركات الطبية لفتح أبوابها ومدهم بالمستلزمات الطبية وخدمة المياه التي ما زالت غير متوفرة، حسب قوله.
من جهته، قال السكرتير العام لنقابة أطباء السودان الدكتور عطية عبد الله عطية -للجزيرة- إن 16 مستشفى قصفت حتى الآن، كما أخلي 19 مستشفى آخر بسبب المواجهات الدائرة في البلاد.
حماية المدنيين
من ناحيتها، قالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أولغا سارادو إن من المتوقع أن أكثر من 860 ألف إنسان سيضطرون لمغادرة السودان إذا استمرت المعارك. وأضافت -في مقابلة مع الجزيرة- أن اللاجئين صرفوا كل النقود التي يملكونها على هذه الرحلة الصعبة.
ويواجه عشرات الآلاف من الفارين من المواجهات بالسودان ظروفا صعبة على الحدود مع دولة جنوب السودان، التي تعمل سلطاتها على توفير بيئة ملائمة لأكثر من 20 ألف شخص، معظمهم مواطنون عائدون، إضافة لرعايا دول أجنبية.
كما طالبت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، بتوفير حماية دولية لضحايا الصراع والأوضاع المتغيرة في السودان، سواء كانوا مواطنين أو لاجئين كانوا يقيمون هناك أو حتى طالبي لجوء سودانيين بدول أخرى.
وفي هذا الإطار، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الأمم المتحدة أن 19 مليون شخص في السودان قد يعانون من انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.
بيان أميركي سعودي
في السياق ذاته، حثت السعودية والولايات المتحدة طرفي القتال على “المشاركة بنشاط في المحادثات نحو وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع”.
وجاء في بيان سعودي أميركي “نرحب ببدء محادثات ما قبل التفاوض بين ممثلي القوات المسلحة السودانية والدعم السريع بجدة”.
وقال البيان إن “عملية التفاوض الموسعة يجب أن تشمل انخراط جميع الأحزاب السياسية السودانية”.
وحثت الولايات المتحدة والسعودية كلا الطرفين على “استشعار مسؤولياتهما تجاه الشعب السوداني والانخراط الجاد في هذه المحادثات ورسم خارطة طريق للمباحثات لوقف العمليات العسكرية والتأكيد على إنهاء الصراع وتجنيب الشعب السوداني التعرض للمزيد من المعاناة وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة”.
وأشادت الولايات المتحدة والسعودية بجهود كافة الدول والمنظمات التي أبدت تأييدها لعقد هذه المباحثات ومنها مجموعة دول الرباعية والجامعة العربية والآلية الثلاثية.
ودعت الدولتان إلى استمرار بذل الجهود الدولية المنسقة لمفاوضات واسعة تشارك فيها كل الأحزاب السودانية.
مفاوضون إلى جدة
وقد أعلن الجيش السوداني مساء الجمعة إرسال مفاوضين الى جدة للبحث في وقف إطلاق النار.
وقال الجيش في بيان نشر على صفحته في فيسبوك إنه “في إطار المبادرة السعودية الأميركية التي تم طرحها منذ بداية الأزمة، غادر إلى جدة مساء اليوم (الجمعة) وفد القوات المسلحة السودانية لمناقشة التفاصيل الخاصة بالهدنة التي يجري تجديدها”.
ولم يصدر أي رد فعل رسمي فوري عن قوات الدعم السريع.
من جهتها، قالت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري في السودان إنها تأمل أن تقود مباحثات جدة إلى وقف القتال ومعالجة الأوضاع الإنسانية بما يمهد لحل سلمي سياسي مستدام.
ودعا بيان القوى كلا من القوات المسلحة والدعم السريع إلى اتخاذ قرارات شجاعة تنتصر لصوت الحكمة لوقف القتال والمعاناة التي يعيشها الشعب السوداني.