افتتح أخيرا متحف الأدباء في مقر “الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين” في بغداد، وسيتم توسيعه ليشمل أغلب الأدباء العراقيين من فئة الرواد، ومن الحاصلين على جوائز عالمية وعربية وعراقية، ويعد الأول من نوعه في الوطن العربي.
وجاء إنشاء المتحف متزامنا مع التوسعة الكبيرة التي شهدها مبنى الاتحاد، والتطور الكبير الذي أسهمت به “رابطة المصارف العراقية”، حيث تحول المبنى إلى واجهة فنية إبداعية.
ويصادف افتتاح المتحف عيد تأسيس الاتحاد، إذ افتتح في السابع من مايو/أيار 1959، حين تولى شاعر العرب الكبير محمد مهدي الجواهري منصب أول رئيس بعدما اختير بالتزكية، وكان الأديب صلاح خالص سكرتيرا عاما له.
وكان أول أعضاء الاتحاد أدباء كبارا، بينهم: ذو النون أيوب، ومحمد صالح بحر العلوم، ومهدي المخزومي، وعبد الوهاب البياتي، وعلي جواد الطاهر، ولميعة عباس عمارة، ويوسف العاني، وسعدي يوسف، وعبد الله كوران، وعبد الملك نوري، وعبد المجيد الونداوي، وعلي الوردي، وباسم عبد الحميد حمودي.
بدايات وتأسيس
يقول رئيس الاتحاد العام للأدباء الشاعر علي حسن الفواز إن “الاتحاد ليس فقط نقابة لتجمع الأدباء، بل له حضور اجتماعي وثقافي منذ تأسيسه”.
وأضاف أن من مهامه المتنوعة وواجب المسؤولية الأخلاقية نشر الوعي الثقافي بين الجمهور، وأن يكون الأدب بكل أجناسه محركه الأساسي.
وذكر الفواز أن الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق -منذ تأسيسه وافتتاح مقره الذي لم يزل في ساحة الأندلس (وسط العاصمة العراقية بغداد)- كان “صاحب رسالة تنويرية، واستقطب كل المبدعين من جميع أنحاء العراق بغض النظر عن الجنس واللون والانتماء والدين والقومية”.
وعن عدد الأدباء في مراحله، ذكر الفواز أن “عدد الأعضاء في أيام التأسيس كان 75 عضوا، ووصل حتى عام 2003 إلى 1167 عضوا، وبلغ العدد الآن أكثر من 2919 عضوا، أغلبهم -بكل تأكيد- شعراء لأن العراق بلد الشعر”.
ولفت رئيس الاتحاد العام للأدباء إلى أن رؤساء الاتحاد كانوا على قدر المسؤولية منذ الجواهري ومن جاء بعده ومن أشهرهم “شفيق الكمالي، وحميد سعيد، وعبد الأمير معلة، ورعد بندر، ونجمان ياسين، وكذلك هاني وهيب، وعناد غزوان، وفاضل ثامر، وناجح المعموري”.
وعن المتحف، قال الفواز إنه “سيكون مؤسسة من مؤسسات الاتحاد الكبيرة”، مؤكدا استمرار العمل على جمع وثائق وسير الأدباء الأحياء والراحلين.
البداية خطوة
ورغم المهام الثقافية التي يضطلع بها الاتحاد من إقامة المهرجانات والأمسيات الثقافية وإصدار الدوريات وغيرها، فإنه أراد أن يؤسس شيئا مهما يبقى في ذاكرة الأجيال، كما يقول الأمين العام للاتحاد الشاعر عمر السراي.
وعن فكرة المتحف، يرى السراي أنها تقوم “على تدوين الذاكرة الثقافية لتكون خالدة وحية أمام الأجيال”.
ولفت إلى أن “المشكلة كانت في إيجاد المكان، وبعد التوسعة الأخيرة تم التخطيط لإضافة مساحة للمتحف”، ويعتقد أنه سيتسع مع مرور الزمن.
وعما إذا كانت هنا متاحف مشابهة، أكد السراي أن “هناك متاحف شخصية في بيوت الأدباء، ولكن فكرة متحف الأدباء لم تكن موجودة من قبل، وأصبح قصب السبق فيها للاتحاد الحالي، وربما ستتبعها متاحف في دول عربية أخرى وحتى عالمية”.
وعما إذا كان المتحف للراحلين من الأدباء فقط باعتبار أن المتاحف تُعنى بما مضى، قال السراي إن “المتحف بكل تأكيد سيخلد الراحلين الكبار أمثال الجواهري، والسياب، والبياتي، ونازك الملائكة، ومظفر النواب، ورشدي العامل، ومصطفى جمال الدين، وألفريد سمعان، مثلما سيخلد الأدباء الأحياء من الذين لهم أثر في الثقافة العراقية من أمثال فاضل ثامر، وناجح المعموري، وحنون مجيد، وعبد الخالق الركابي، وآخرين”.
تنوع ومقتنيات
ويبدو أن إنشاء متحف الاتحاد العام للأدباء والكتاب لم يكن سهلا، خاصة مع الأعداد الكبيرة للأدباء العراقيين عبر التاريخ الحديث، ولذا فإن المكان هو الأثر الأكبر كما يقول أمين المتحف القاص حسن البحار.
ويضيف البحار “لدينا مساحة في مقر الاتحاد لذا تم استثمار فرصة تطوير البناية من رابطة المصارف العراقية من تجميل الواجهة وتحويلها إلى شكل تراثي أنيق، بإضافة قاعات لتكون متحفا”.
وأضاف أن “رابطة المصارف وافقت بل وجهزت المتحف بواجهات زجاجية فضلا عن مستلزمات العرض المتحفي”.
ومضى البحار يقول إنه تم “تخصيص احتياجات المتحف من لوحات وملصقات دعائية ومعلقات وممرات تشريفية، وملصقات، فضلا عن جمع المواد المتحفية وعرضها بطريقة مناسبة ومدروسة”.
ولفت إلى أن الأعداد المستحقة كبيرة، لذا عرضت في المرحلة الأولى “مخطوطات لأعمال أدبية شعرية ونقدية وروائية، وتخطيط لبعض الأدباء، فضلا عن مقتنيات يعتز بها الأدباء مثل أقلام كتبوا بها أعمالهم المبدعة، ونظارات، وساعات، وأوسمة تذكارية مميزة، وبعض الصور القديمة”.
وبالإضافة إلى ذلك -يقول البحار- يضم المتحف بعض الملابس المميزة لشخصيات أدبية، مثل طاقية الجواهري وبعض ملابسه، وعباءة وجبة وعمامة مصطفى جمال الدين، فضلا عن مكتبات تجمع مؤلفات كل شخصية عرضت مقتنياتها، مع وجود سيرة مذهبة لكل أديب وصناديق عرض للتماثيل الأدبية.
ويختم أمين المتحف بالقول إنه ضم أيضا تماثيل ولوحات مرسومة للأدباء من قبل فنانين تشكيليين، كما تم تخصيص مكان لعرض “الوثائق التاريخية الأولية لانتماء بعض الأدباء للاتحاد، التي مر عليها ما يزيد على 50 سنة، فضلا عن زاوية للمجلات التي صدرت من قبل الاتحاد عبر أكثر من 62 عاما من تأسيسه الرسمي”.