يعقد القاضي الفيدرالي في سياتل جون كوجينور اليوم الخميس، جلسة للاستماع إلى الحجج بشأن وقف الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والذي يسعى إلى إنهاء حقّ المواطنة للأطفال المولودين في الولايات المتحدة لأبوين مهاجرين غير نظاميين.
ويُشارك في جلسة الاستماع محامون من إدارة ترمب وأربع ولايات ترفع دعوى لوقف الأمر، ومنظمة لحقوق المهاجرين تطعن فيه نيابة عن فئة مقترحة من الآباء الذي ينتظرون ولادة أبنائهم.
وحقّ المواطنة بالولادة يكفله التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي الذي تم التصديق عليه عام 1868، بعد الحرب الأهلية الأميركية لضمان جنسية العبيد السابقين.
وينصّ التعديل على ما يلي: “جميع الأشخاص المولودين أو المتجنّسين في الولايات المتحدة والخاضعين لولايتها القضائية، هم مواطنون في الولايات المتحدة ومواطني الولاية التي يقيمون فيها”.
والولايات المتحدة هي من بين نحو 30 دولة حول العالم، حيث يتمّ تطبيق حقّ المواطنة بالولادة أو مبدأ حقّ الأرض أو “حق التربة”. ومعظم هذه الدول تقع في الأميركتين، ومن بينها كندا والمكسيك.
ماذا أقرّت الدعاوى القضائية؟
في محاولة للحد من الهجرة غير النظامية، أصدر ترمب الأمر التنفيذي بعد أدائه اليمين لولايته الثانية.
ويسعى الأمر التنفيذي إلى إنهاء منح الجنسية التلقائي للأطفال المولودين على الأراضي الأميركية لأبوين موجودين في البلاد بشكل غير قانوني أو الموجودين في البلاد على أساس مؤقت وبشكل قانوني، مثل أولئك الذين يحملون تأشيرات طلابية أو سياحية.
غير أنّ كوجينور أصدر قبل أسبوعين أمرًا بوقف مؤقت لمدة 14 يومًا يمنع تنفيذ أمر ترمب، من منطلق أنّه “غير دستوري بشكل صارخ”.
كما أصدرت القاضية الفيدرالية في ولاية ماريلاند ديبورا بوردمان الأربعاء الماضي، قرارًا بتعليق طويل الأمد على مستوى البلاد للأمر التنفيذي الذي أصدره ترمب، واصفة المواطنة بأنّها “أثمن حق”.
وقالت بوردمان إنّه لم تؤيد أي محكمة في البلاد تفسير إدارة ترمب للتعديل الرابع عشر من الدستور.
واليوم الخميس، من المقرر أن يُصدر كوجينور قراره حول ما إذا كان ينبغي عليه إصدار أمر قضائي مماثل للأمر الذي أصدرته بوردمان.
دعاوى أخرى تطعن في قرار ترمب
وفي المجمل، رفعت 22 ولاية بالإضافة إلى منظمات أخرى، 5 دعاوى قضائية لمحاولة وقف الإجراء التنفيذي.
وتشمل القضية المعروضة أمام كوجينور ولايات أريزونا وإلينوي وأوريغون وواشنطن. كما تمّ دمجها مع دعوى قضائية رفعها مشروع حقوق المهاجرين في الشمال الغربي.
في المقابل، قدّمت 18 ولاية بقيادة ولاية أيوا، مذكرة تدعم موقف إدارة ترمب في القضية.
ومن المقرّر عقد جلسة استماع أخرى في محكمة ماساتشوستس غدًا الجمعة.
وتشمل هذه القضية مجموعة مختلفة من 18 ولاية تعترض على الأمر، بما في ذلك ولاية نيوجيرسي، وهي المدعي الرئيسي.
ما هي الأمور التي تقع على المحك؟
يُجادل المدعون بأنّ التعديل الرابع عشر يؤكد أنّ جميع الأشخاص المولودين أو المتجنّسين في الولايات المتحدة والخاضعين لولايتها القضائية، هم مواطنون بلا منازع.
في المقابل، أكدت إدارة ترمب أنّ أطفال غير المواطنين لا “يخضعون للولاية القضائية” للولايات المتحدة، وبالتالي لا يحقّ لهم الحصول على الجنسية.
وردًا على دعوى المدعين في ماريلاند، قالت الحكومة الأميركية: “إنّ الدستور لا يتضمن بندًا يمنح الجنسية الأميركية لأبناء أولئك الذين تحايلوا (أو تحدوا صراحة) قوانين الهجرة الفيدرالية”.
بينما زعم محامو الولايات أنّ الدستور يضمن ذلك بالتأكيد، حيث تمّ الاعتراف به منذ اعتماد التعديل، وخاصة في قرار المحكمة العليا الأميركية عام 1898 في قضية بين الحكومة الأميركية ووونغ كيم آرك، الذي وُلد في سان فرانسيسكو لمهاجرين صينيين.
ونصّ القرار في الدعوى على أنّ الأطفال الوحيدين الذين لم يحصلوا تلقائيًا على الجنسية الأميركية عند ولادتهم على الأراضي الأميركية هم: أطفال الدبلوماسيين، والذين لديهم ولاء لحكومة أخرى، والأعداء الموجودون في الولايات المتحدة أثناء الاحتلال، وأولئك الذين ولدوا على متن السفن الأجنبية، وأولئك الذين وُلدوا لقبائل أميركية أصلية ذات سيادة.
وقال بعض المدافعين عن قيود الهجرة إنّ هذه الحالة تنطبق بوضوح على الأطفال المولودين لأبوين كانا مهاجرين قانونيين، مضيفين أنّه من غير الواضح ما إذا كان الأمر ينطبق على الأطفال المولودين لأبوين يعيشان في البلاد بشكل غير قانوني.
ودفع أمر ترمب المدّعين العامين إلى مشاركة علاقاتهم الشخصية بالجنسية المكتسبة بالولادة.
وعلى سبيل المثال، رأى المدعي العام لولاية كونيتيكت ويليام تونغ، وهو مواطن أميركي بحكم المولد وأول مدعي عام أميركي من أصل صيني منتخب في البلاد، أنّ الدعوى القضائية كانت شخصية بالنسبة له.
وقال تونغ: “لا يوجد نقاش قانوني مشروع بشأن هذه المسألة. لكنّ حقيقة أن ترمب مخطئ تمامًا لن تمنعه من إلحاق ضرر جسيم الآن بالعائلات الأميركية مثل أسرتي”.
وبصرف النظر عن الجدل بشأن دستورية الأمر التنفيذي، تقول الولايات الأميركية التي ترفض أمر ترمب، إنّ الأمر سيُخضع جميع الأطفال المتأثرين به للترحيل ويجعل الكثير منهم عديمي الجنسية، ما يجرّدهم من حقوقهم ويجعلهم غير قادرين على المشاركة في الحياة الاقتصادية أو المدنية.
يُذكر أن ترمب وقّع خلال الأسبوع الأول من توليه منصبه، على 10 أوامر تنفيذية بشأن الهجرة وأصدر مراسيم لتنفيذ وعود الترحيل الجماعي وأمن الحدود.