استأنف قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار الخميس إجراءاته القضائية، بعد توقف لعامين، بالادّعاء على عشرة موظفين، بينهم سبعة مسؤولين عسكريين وأمنيين، على أن يبدأ استجوابهم الشهر المقبل، وفق ما أفاد مصدر قضائي.
ومنذ عامين، غرق التحقيق القضائي بشأن الانفجار الهائل الذي وقع في الرابع من أغسطس/ آب 2020، وأسفر عن مقتل أكثر من 220 شخصًا وإصابة أكثر من 6500 بجروح، في متاهات السياسة، ثم في فوضى قضائية بعدما حاصرت المحقق العدلي عشرات الدعاوى لكفّ يده، تقدّم بغالبيتها مسؤولون مُدّعى عليهم.
وجاء استئناف البيطار لعمله بعيد انتخاب جوزيف عون رئيسًا للجمهورية ثم تكليف نواف سلام تشكيل حكومة.
وتعهّد رئيسا الجمهورية والحكومة في أولى خطاباتهما بالعمل على تكريس “استقلالية القضاء” ومنع التدخّل في عمله، في بلد تسوده ثقافة الإفلات من العقاب.
متهمون بينهم ضباط
وقال مصدر قضائي لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبًا عدم الكشف عن هويته، إنّ البيطار “استأنف إجراءاته في الملفّ، وادّعى على ثلاثة موظفين في المرفأ وسبعة ضباط برتب عالية من الجيش وجهازي الأمن العام والجمارك”.
مطالبات شعبية لجلاء أسباب انفجار مرفأ بيروت والمتورطين فيه-غيتي
وأوضح أن القاضي “سيبدأ اعتبارًا من السابع من فبراير/ شباط المقبل استجواب المدّعى عليهم”، على أن يعقد جلسات تحقيق خلال شهري مارس/ آذار وأبريل/ نيسان مع المدّعى عليهم السابقين، وبينهم وزراء سابقون ونواب وقادة أمنيون وعسكريون وقضاة وموظفون في المرفأ وإداريون.
ويعتزم البيطار إثر ذلك، وفق المصدر ذاته، اختتام التحقيق وإحالته إلى النيابة العامة التمييزية لإبداء مطالعتها بالأساس، تمهيدًا لإصدار القرار الاتهامي.
ومنذ اليوم الأول للانفجار، أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم، عزته السلطات إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه، وتبيّن لاحقًا أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكنًا.
وإثر الانفجار، عيّنت السلطات القاضي فادي صوان محقّقًا عدليًا، لكن سرعان ما تمّت تنحيته في فبراير/ شباط 2021 إثر ادعائه على رئيس الحكومة حينها، حسان دياب، وثلاثة وزراء سابقين بتهمة “الإهمال والتقصير والتسبّب بوفاة” وجرح مئات الأشخاص.
واصطدم خلفه البيطار بالعراقيل ذاتها، لا سيّما مع مطالبة حزب الله بعزله، وتسبّب إصرار البيطار، المعروف ببعده عن الطبقة السياسية والذي علّقت عليه عائلات الضحايا آمالًا كبيرة لبلوغ العدالة، بأزمة قضائية غير مسبوقة، خصوصًا بعدما أحبط مدّعي عام التمييز حينها غسان عويدات محاولته استئناف التحقيقات مطلع 2023.
واصطدمت مطالبة أهالي الضحايا الذين تظاهروا مرارًا خلال السنوات الماضية بتحقيق دولي، برفض رسمي في لبنان.
ولطالما دعت منظمات حقوقية دولية، بينها هيومن رايتش ووتش والعفو الدولية، وعائلات الضحايا، الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بدعم إنشاء بعثة دولية مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق.
وبعدما تعهد الرئيس اللبناني الجديد في خطاب القسم العمل على استقلالية القضاء، أكّد رئيس الحكومة المكلف في أول خطاباته الثلاثاء العمل “بكل طاقتنا لإنصاف ضحايا انفجار مرفأ بيروت ولتحقيق العدالة لهم ولذويهم”.