من المقرّر أن تقوم ولاية كارولينا الجنوبية اليوم الجمعة، بإعدام شخص رميًا بالرصاص في الولايات المتحدة، وذلك للمرة الأولى منذ 15 عامًا.
واختار براد سيغمون (67 عامًا) الذي أُدين بقتل والدي صديقته السابقة عام 2001، طريق الإعدام رميًا بالرصاص بديلًا من الكرسي الكهربائي والحقنة المميتة، “لأنّ البدائل بدت أسوأ”، وفقًا لبيان صادر عن محاميه جيرالد “بو” كينغ.
ومنذ عام 1608، تمّ إعدام حوالي 144 سجينًا مدنيًا رميًا بالرصاص في أميركا، جميعهم تقريبًا في ولاية يوتا. ولم تشهد البلاد سوى ثلاث حالات إعدام بالرصاص منذ عام 1977، عندما استؤنفت عقوبة الإعدام بعد توقف دام عشر سنوات. وأول هؤلاء هو غاري غيلمور الذي أثار ضجة إعلامية لأنّه تنازل عن استئنافه وتطوع للإعدام. وعندما سُئل عن كلماته الأخيرة، أجاب غيلمور: “دعونا نفعل ذلك”.
وتسمح خمس ولايات أميركية باستخدام الإعدام رميًا بالرصاص في ظروف معينة، وهي: أيداهو، وميسيسيبي، وأوكلاهوما، وكارولينا الجنوبية، ويوتا.
تاريخ طويل وشائك في الولايات المتحدة
والإعدام رميًا بالرصاص هي عادة استُخدمت في العصر الاستعماري عقابًا على التمرّد والفرار من الخدمة خلال الحرب الأهلية.
ومنذ أكثر من قرن من الزمن، كانت عملية الإعدام بالرصاص تجري في غرفة إعدام حيث يكون السجين مقنّعًا ومقيّدًا على كرسي مع هدف فوق قلبه، بينما ينتظر في مكان قريب ضباط متطوّعون لإطلاق النار.
لكن في العصر الحديث، يُعتبر الإعدام رميًا بالرصاص بديلًا أكثر إنسانية من الحقنة المميتة.
وتتمتّع عقوبة الإعدام رميًا بالرصاص بتاريخ طويل وشائك في الولايات المتحدة.
1608- 1865: جيمستاون والحرب الأهلية
فقد حدثت أول عملية إعدام مسجلة رميًا بالرصاص في مدينة جيمستاون في ولاية فيرجينيا عام 1608. حيث تمّ الاشتباه في قيام النقيب جورج كيندال بالتمرّد والتآمر مع إسبانيا.
وبعد قرون، في عام 1996، اكتشف علماء الآثار جثة ممزّقة بالرصاص مدفونة في جدران الحصن، ويشتبه الكثيرون في أنّها لكيندال.
خلال الثورة الأميركية، كانت عمليات الإعدام العلنية رميًا بالرصاص تُستخدم أحيانًا لمعاقبة الفارّين من الخدمة.
وأوضح مارك سميث، أستاذ التاريخ في جامعة كارولينا الجنوبية، أنّ الإعدام رميًا بالرصاص استُخدم في كثير من الأحيان من قبل الجانبين خلال الحرب الأهلية لخلق “حالة من الرعب” وإبقاء الجنود في الخدمة.
وقال سميث: “يمكن أن يكون الرجل جالسًا على نعشه في بعض الأحيان أو معصوب العينين، ويطلق عليه ستة أو سبعة رجال النار، وكانت هذه التجمّعات تهدف إلى إحداث الصدمة وقد نجحت في ذلك”.
وتمّ إعدام ما لا يقل عن 185 رجلًا رميًا بالرصاص خلال الحرب الأهلية، وفقًا لمقال كتبه كريستوفر كيو كاتلر في مجلة “كليفلاند ستيت لو ريفيو”.
1860- 1915: عمليات الإعدام في الغرب القديم
تم استخدام عمليات الإعدام بالرصاص في المقام الأول فقط في ولاية يوتا، حيث حدّد المشرعون عام 1851 ثلاث عقوبات محتملة لجرائم القتل: إطلاق النار أو الشنق أو قطع الرأس. وتمّ تنفيذ أول عملية إعدام رميًا بالرصاص في مبنى المحكمة، ما خيّب آمال الجمهور الذي كان ينتظر في الخارج لرؤيته.
عام 1877، تحدّى والاس ويلكرسون خطط السلطات لقتله رميًا بالرصاص، ورفضت المحكمة استئنافه، ووجدت أنّه على عكس بعض الأساليب السابقة فإن الإعدام رميًا بالرصاص لن يجلب ذلك النوع من “الرعب والألم والعار” الذي من شأنه أن ينتهك الحظر الذي يفرضه التعديل الثامن على العقوبة القاسية وغير العادية.
واتضح فيما بعد، أنّ عملية قتل ويلكرسون كانت فاشلة. وأشار كاتلر: “بحسب ما ورد كان ويلكرسون مخمورًا ويُدخّن سيجارًا، تحرك قليلًا قبل أن يُطلق الرماة النار عليه. وسقط على الأرض، وهو مصاب بجروح بالغة، وهو يقول: “يا إلهي! لقد فاتهم ذلك”.
واستغرق الأمر 15 دقيقة مؤلمة ليموت.
ولم تقم سوى ولاية واحدة أخرى منذ عام 1900 بإعدام شخص رميًا بالرصاص، حيث قامت ولاية نيفادا عام 1913، بصنع أداة غريبة مؤلفة من ثلاثة بنادق تُطلق النار عن طريق سحب الخيوط لأنّها واجهت صعوبة في العثور على متطوّعين للعمل في فرقة إعدام.
ومن بين عمليات الإعدام الشهيرة الأخرى رميًا بالرصاص في ولاية يوتا، بحق الناشط العمالي وكاتب الأغاني جو هيل عام 1915، الذي أصرّ حتى النهاية على براءته من جريمة قتل بقّال وابنه.
العصر الحديث: الحقن المميتة بدل الرمي بالرصاص
قالت ديبورا دينو عالمة الجريمة في كلية فوردهام للقانون، إنّ “أحد الأسباب وراء عدم استخدام الإعدام رميًا بالرصاص كثيرًا خارج ولاية يوتا، هو أنّ الناس نظروا إليها على أنّها همجية”.
ولفتت إلى أنّ الواقع الدموي لعمليات القتل تلك، فضلًا عن عمليات الشنق الفاشلة والصعق بالكهرباء، التي تسببت بالمعاناة في بعض الأحيان، دفع الولايات في أوائل الثمانينيات إلى البدء في التحوّل إلى الحقنة المميتة، وهو إجراء يُنظر إليه على أنّه “أكثر إنسانية”.
لكن منذ ذلك الحين، أصبحت الحقنة المميتة هي طريقة الإعدام “الفاشلة الأكثر شيوعًا”، وفقًا لمركز معلومات عقوبة الإعدام.
وقد كافحت الولايات للحصول على الأدوية المطلوبة، فيما اعتبر البعض أنّ الإعدام رميًا بالرصاص رغم قدمه إلا أنّه موثوق إلى حد كبير.
وحاليًا، طلب شخصان ينتظران تنفيذ حكم الإعدام في ولاية يوتا إطلاق النار عليهما.
وفي سجلات عمليات الإعدام في الولايات المتحدة، لم يكن هناك سوى عمليتي إعدام فاشلتين رميًا بالرصاص، هما: عملية إعدام ويلكرسون وإليسيو ماريس في ولاية يوتا عام 1951.
وليس من الواضح ما حدث في قضية ماريس، لكنّ التقارير التي ظهرت بعد عقود من الزمن تُفيد بأنّ الرماة كانوا يكرهونه وأخطأوا قلبه عمدًا لإطالة أمد معاناته.