صدحت أغنيات لبنانية عن حب الوطن ضمن أمسية أضفت أجواء شرقية على برنامج مهرجان البستان الدولي الذي تغلب عليه الموسيقى الكلاسيكية.
وقد استعيد في المهرجان ليلة الأحد أعمالًا من التراث وأخرى تُرافق اللبنانيين في يومياتهم وتعطي “الأمل” مع بزوغ “فجر جديد”.
“لبنان بغنيّة”
وتضمّنت الحفلة التي امتدت نحو ساعة وعشرين دقيقة بعنوان “لبنان بغنيّة”، مجموعة من الأغنيات الوطنية التي طبعت ذاكرة أجيال من اللبنانيين، أدتها جوقة جامعة سيدة اللويزة، فيما تولت العزف أوركسترا بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي.
وتخللت الحفلة إطلالة منفردة للفنانة سُمَيّة بعلبكي كضيفة شرف، وأخرى لمُخرج العمل الممثل والمسرحي والكاتب جورج خباز، ملقيًا قصيدة من تأليفه تحية للبنان وفنانيه الكبار كالأخوين رحباني وفيروز وزكي ناصيف ووديع الصافي وصباح ونصري شمس الدين وملحم بركات وسواهم.
ولم تغب الموسيقى الكلاسيكية حتى عن هذه الأجواء الوطنية، إذ أُدرِجَت في برنامج الحفلة مقطوعتان كلاسيكيتان مطعّمتان بنَفَس شرقي، الأولى عنوانها “آثار على الرمال” لزياد الرحباني، والثانية “رقصة العروس” لمارسيل خليفة.
“تحية للبنان”
وأوضح لبنان بعلبكي أمام جمهور المهرجان في بيت مري (شرقي بيروت) أن الحفلة بمثابة “تحية للبنان وما عاناه وشعبه العظيم على مر التاريخ، وتحية أيضًا للأغنية اللبنانية والفن اللبناني والمؤلفين اللبنانيين”.
وقال خبّاز لوكالة فرانس برس: “الحفلة مرتبطة بحدثين، الأول هو الحرب الأخيرة التي كنا فيها بحاجة إلى أن نعزز وطنيتنا بشكل أو بآخر، والثاني هو أن لدينا تفاؤلاً أيضًا. لدينا فجر جديد”.
ودخلت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت حيّز التنفيذ هدنة بين إسرائيل وحزب الله بعد مناوشات حدودية استمرت بين الطرفين أكثر من عام وتحوّلت في آخر شهرين منها إلى حرب مفتوحة.
وانتخب البرلمان اللبناني في يناير/ كانون الثاني الفائت رئيسًا جديدًا للجمهورية بعد فراغ استمر أكثر من عامين في سدة الرئاسة.
وفي 8 فبراير/ شباط الفائت، تألفت حكومة برئاسة نواف سلام الذي تعهّد التركيز على “الإصلاح والإنقاذ”.
ومن أبرز الأغنيات التي أدّاها الكورس وسط تفاعل كبير من الجمهور، “بلدي حبيبي” لزكي ناصيف، ورُدَّني إلى بلادي” من كلمات الشاعر سعيد عقل وألحان الأخوين رحباني.
“ع إسمك غنيت”
ووقف الجمهور عند النشيد الوطني اللبناني الذي أُنشد من دون موسيقى (اكابيلا) بطريقة أوبرالية تتناسب مع أجواء المهرجان المتخصص عمومًا بالموسيقى الكلاسيكية. وعزا بعلبكي عدم عزفه في بداية الحفلة إلى كونه دُمج “ضمن مجموعة أغنيات شكلت لوحة تراثية”، على قوله، تضمنت الميجانا والدلعونا ويا غزيّل يابو الهيبة وسواها.
وترك بعلبكي منصته ليذهب ويصطحب شقيقته التي أدت “ع إسمك غنيت” و”خدني زرعني بأرض لبنان” لفيروز بإحساس عميق وتقنية عالية، قوبلت باستحسان الجمهور الذي هتف لها و صفّق بحرارة.
وبادرت الحاضرين قائلة: “أنا متأثرة اليوم أكثر من العادة (…). نحن آتون من جنوب (لبنان) حاملين كل الوجع والألم لنغني ونفرح معكم ولنحلم بلبنان الآتي، لبنان الفن والثقافة والفرح”.
وقالت بعلبكي: “اليوم نغني ما أسمّيه الأغنية الوطنية العاطفية، لا أغنية المناسَبة المرتبطة بوقت تنتهي بانتهائه. فهذه الأعمال التي اخترناها وخصوصًا تلك الرحبانية منها هي أعمال لكل زمن، لا تنتهي في وقت، إن من حيث كلماتها أو حتى لجهة ألحانها المصنوعة بطريقة كلاسيكية”.
وبعد وصلة على القانون، ملأ صوت بعلبكي فضاء المسرح مؤدية موالًا لوديع الصافي سبق أغنية “بالمجد معمرها “.
وجّه المايسترو بعلبكي تحية إلى ماجدة الرومي الذي انشدت لها الجوقة “عم بحلمك يا حلم يا لبنان”.
أما “بتتلج الدني” فغنى مطلعها خباز يرافقه الجمهور وانفرد كذلك الجمهور مدعومًا أيضًا يالجوقة بإنشاد “بحبك يا لبنان” التي عُرضت كلماتها على الشاشة فوق المسرح.
وبعد الختام والتصفيق وقوفًا، عاد المايسترو ومعه عصاه ليقود الأوركسترا والجوقة مجددًا في أغنية “راجع بِصوات البلابل” وسط حماسة الجمهور.