بعد التوقعات بتقارب كبير في نتائج الانتخابات وعملية عدّ مطوّلة للأصوات، حقق دونالد ترمب فوزًا كاسحًا سيعيده إلى البيت الأبيض بعد حملة لافتة بكل المقاييس.
في ما يلي بعض أبرز الاستنتاجات عن فوز الرئيس السابق الجمهوري في انتخابات الثلاثاء:
فوز واضح وحاسم
عندما فاز ترمب أول مرة عام 2016، كرّر معارضوه بأن فوزه كان مجرّد ضربة حظ نظرًا لمبالغة الديموقراطيين بثقتهم بأنفسهم، والطبيعة الفريدة للنظام الانتخابي الأميركي، لكن المشهد مختلف تمامًا هذه المرة.
وبينما ما زالت الأصوات تفرز، تقدّم ترمب في كل ولاية استعادها الرئيس جو بايدن من المعسكر الجمهوري قبل أربع سنوات، فيما لم تحقق منافسته كامالا هاريس أي نتائج مفاجئة.
وأظهرت أولى المؤشرات بأن ترمب في طريقه للفوز لا بأصوات مجمع الناخبين الذي يحدد هوية الرئيس الأميركي فحسب، بل بالتصويت الشعبي أيضًا، لتكون المرة الأولى التي يحقق فيها جمهوري فوزًا بكافة الأرقام المرتبطة بالانتخابات على مستوى البلاد منذ جورج بوش الابن قبل عشرين عامًا.
سلطة شبه مطلقة
وبالمقارنة مع ولايته الأولى، ستخفّ القيود على سلطة ترمب، إذ يتوقع على نطاق واسع بأن يستعيد الجمهوريون السيطرة على مجلس الشيوخ.
ومازال حسم النتيجة في مجلس النواب غير ممكن. وحتى إن فاز الجمهوريون، فسيحظون بغالبية ضئيلة للغاية، وهو أمر من شأنه أن يعزز موقع النواب الهامشيين نظرًا للحاجة إلى جميع الأصوات.
وسيواجه ترمب على الأرجح مقاومة محدودة من المحكمة العليا التي تحظى بأغلبية محافظة قوية بفضل ثلاثة قضاة عيّنهم هو.
وقبيل آخر انتخابات، صوّتت المحكمة العليا لصالح حماية ترمب من الملاحقة القانونية على أمور قام بها بصفته الرسمية، وهو ما منع عمليًا محاكمته على خلفية حشده أنصاره الذين هاجموا الكابيتول بعد هزيمته في 2020.
أصوات أكثر من السود واللاتينيين
وتقدّم ترمب جزئيًا عبر كسب أصوات المزيد من الناخبين السود والمتحدرين من أصول لاتينية، علمًا بأن الديموقراطيين لطالما اعتمدوا على هذه الشريحة، لكنه لم يفز مع ذلك بأغلبية الأصوات في أوساط أي المجموعتين.
فاز ترمب بأصوات 45 في المئة من الناخبين اللاتينيين و12 في المئة من السود، بحسب استطلاع أجرته “إن بي سي نيوز” لدى الخروج من مراكز الاقتراع، مقارنة بفوزه بأصوات 32 في المئة من اللاتينيين، وثمانية في المئة من السود عام 2020.
وكان التحوّل لافتًا على وجه الخصوص من ناحية النوع الاجتماعي، إذ صوّت أغلب الرجال اللاتينيين و20 في المئة من الرجال السود لصالح ترامب هذه المرة، وفق الاستطلاع ذاته.
وفي مؤشر على التأييد الذي يحظى به في أوساط اللاتينيين، أصبح ترمب أول جمهوري يفوز في مقاطعة ميامي-داد منذ عام 1988، والأول منذ القرن التاسع عشر الذي يفوز في مقاطعة ستار عند الحدود مع المكسيك في تكساس، والتي يشكّل اللاتينيون معظم سكانها.
وقال الأستاذ في “جامعة برينستون” جوليان زيليزر إن “الائتلاف الجمهوري قوي وتوسّع”.
وتفوّق ترمب على هاريس التي كادت تصبح أول امرأة وثاني شخصية من أصول إفريقية تتولى رئاسة الولايات المتحدة، رغم دعواته لترحيل المهاجرين غير المسجّلين جماعيًا واللغة المهينة التي تم توجيهها من قبل مشاركين في إحدى آخر تجمعاته الانتخابية تجاه بورتوريكو.
وكشفت الاستطلاعات بأن القضايا الاقتصادية شكّلت عاملًا رئيسيًا مع شعور الناخبين بالقلق حيال التضخم.
حملة هاريس المتأخرة والسريعة
لم تبدأ هاريس حملتها إلا في يوليو/ تموز بعدما انسحب بايدن من السباق على خلفية تزايد القلق بشأن سنه.
وأثناء تجمع انتخابي ختامي قبل أسبوع على الانتخابات، أقرّت بأن الحملة “لم تكن عادية” وبأن العديد من الناخبين “ما زالوا يحاولون التعرّف علي”.
ودارت أسئلة فورًا بشأن ما إذا كان تأخر بايدن في الانسحاب أثّر على فرص هاريس أو إن كان أداؤه هو سيكون أفضل.
مع ذلك، فإن هاريس نجحت في جذب قاعدة متحمسة لها وجمعت مبالغ مالية أكبر بكثير من ترامب، ما ساعد حملتها على حض الناخبين على التصويت.
الناخبون لم يأبهوا للدعاوى على ترمب
حذّرت هاريس مرارًا من أن ترمب يشكّل تهديدا للديموقراطية، علمًا بأنه تم التصويت لصالح عزله مرّتين في ولايته الأولى، وسيكون أول رئيس مدان بتهمة جنائية.
لم يأبه الناخبون كثيرًا بالقضايا المرفوعة ضد ترمب، بما في ذلك التحقيق الذي أجراه المحقق الخاص جاك سميث بشأن مساعي ترمب المفترضة لقلب نتائج انتخابات 2020، وسوء تعاطيه مع وثائق سرية للغاية عندما كان خارج السلطة.
ومع عودته، من المؤكد بأن ترمب سيسعى لوضع حد للقضايا المرفوعة ضده.