كرر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -أمس الخميس- من لاهاي دعوته إلى إنشاء محكمة دولية خاصة تنظر في ما وصفها بـ “جريمة العدوان” في إشارة إلى الحرب الروسية على بلاده.
فهل يمكن بالفعل محاكمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الحرب التي أطلقها على أوكرانيا؟
لماذا هذه الدعوة؟
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في مارس/آذار الماضي مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي بتهمة ارتكاب جريمة حرب تتمثل بـ “الترحيل غير القانوني” لأطفال أوكرانيين في إطار النزاع، لكن المحكمة -التي أنشئت عام 2002 لمحاكمة أسوأ الفظائع المرتكبة في العالم- لا يمكن أن تلاحق بتهمة العدوان قادة دولة ما، إذا لم تكن موقعة على اتفاقية روما، وهو ما لا ينطبق على روسيا.
وقال زيلينسكي “الإفلات من العقاب هو مفتاح العدوان” مضيفا “يجب أن تكون هناك مسؤولية أيضا لردع منفذين في المستقبل”.
“جريمة العدوان” مماثلة لمفهوم “جريمة ضد السلام” الذي استخدم في محاكمات نورمبرغ وطوكيو عند انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وبالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية، فهي تهمة تصل إلى حد الاعتراف “باستخدام دولة ما للقوة المسلحة ضد سيادة دولة أخرى أو وحدة أراضيها او استقلالها السياس.
ماذا يريد زيلينسكي؟
يرغب زيلينسكي في محكمة “كاملة الصلاحية” لمحاكمة على “جريمة العدوان” هذه التي وصفها بأنها “بداية الشر” و”لتصحيح الثغرات الموجودة للأسف في القانون” لكن تشكيل مثل هذه المحكمة قد يكون صعبا.
ويمكن أن يكون الدعم الساحق في الجمعية العامة للأمم المتحدة وسيلة محتملة للوصول لمثل هذه المحكمة، لكن موسكو ستستفيد من مقعدها الدائم في مجلس الأمن الدولي لاستخدام حق النقض ضد أي قرار من المجلس يدعم ذلك.
وقد يكون الدعم أيضا محدودا لمحكمة تضم دولا أوروبية فقط أو منظمة إقليمية مثل الاتحاد الأوروبي، كما يقول خبراء.
ويرى ستيفن راب الموفد الأميركي السابق لقضايا جرائم الحرب أن “الأمر الأكثر أهمية للتوصل إلى ذلك هو أن تعترف الدول خارج أوروبا بأن لديها مصلحة في الحفاظ على سيادة ووحدة أراضي كل الدول”.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي في لاهاي في فبراير/شباط الماضي أن المهم كذلك “أن ترسي سابقة يمكن أن تستخدم في وقت لاحق في حال وقع هجوم مماثل ضد دولة أخرى”.
هل هناك خيارات أخرى؟
خوفا من “فشل” فكرة استحداث محكمة خاصة بأوكرانيا، اقترح مدعي المحكمة الجنائية الدولية كريم خان على الدول الأعضاء إيجاد طرق للسماح للمحكمة بملاحقة دولة غير عضو بتهمة جريمة العدوان.
وقالت بريا بيلاي المحامية الدولية إن المحكمة الجنائية يمكن أن تلاحق على جرائم العدوان “إذا تم تعديل وضعها الأساسي” لكن “من غير المرجح” أن يتم ذلك بمفعول رجعي.
وعاد راب ليؤكد أنه إلى حين التوصل لتعديل محتمل للنص، ستكون الحرب “قد انتهت منذ فترة طويلة”.
وقد أعلن العديد من حلفاء أوكرانيا، بينهم الولايات المتحدة، عن دعمهم لإنشاء محكمة هجينة للمحاكمة على “العدوان الروسي” مع تمويل وموظفين دوليين تكون “متجذرة في النظام القضائي الأوكراني” لكن أوكرانيا “لن تقبل لا بسلام هجين ولا بمحكمة هجينة” كما يؤكد زيلينسكي.
هل سيتم توقيف بوتين في أحد الأيام؟
إذا كان الرئيس الأوكراني قد عبر عن قناعته بأن بوتين “سيدان” في لاهاي، فإن خبراء حذروا من أن اعتقال مسؤولين روس كبار سيشكل تحديا كبيرا.
وقالت سيسيل روز الخبيرة بالقانون الدولي العام “إذا لم يحدث تغيير بالنظام في روسيا” فمن غير المرجح أن يحاكم بوتين، لكن التاريخ شهد وصول شخصيات عدة رفيعة إلى قفص الاتهام خلافا لكل التوقعات.
وعاد راب ثانية ليؤكد أن “السؤال نفسه طرح بالنسبة ليوغسلافيا السابقة حين تم توجيه التهم إلى سلوبودان ميلوسيفيتش” الرئيس الصربي السابق الذي توفي بنوبة قلبية عام 2006 بمركز الاحتجاز التابع للمحكمة الجنائية الخاصة بيوغسلافيا.