تسود حالة من القلق والخوف لدى الفلسطينيين في غزة من عودة الحرب، بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإلغاء اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، فيما شددت هذه الأخيرة على أن احترام الاتفاق هو الطريق الوحيد لإعادة الأسرى.
وأمس الإثنين، توعد دونالد ترمب حماس بـ”الجحيم”، إذا لم تفرج بحلول السبت المقبل عن جميع الأسرى الإسرائيليين الذين ما زالت تحتجزهم في غزة، وذلك ردًا على إعلان الحركة أنها قد تؤخّر إطلاق سراح دفعة جديدة من هؤلاء إذا لم تلتزم تل أبيب ببنود الهدنة السارية بين الطرفين.
حماس: احترام الاتفاق هو الطريق الوحيد لإعادة الأسرى
وجاء هذا التهديد من جانب الرئيس الأميركي بعد أن أعلنت حماس تأجيل تسليم الدفعة السادسة من أسرى الاحتلال “حتى إشعار آخر”، وذلك ردًا على عدم التزام الاحتلال ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، فيما ردّت تل أبيب على إعلان الحركة بالقول إنّها أوعزت لجيشها بـ”الاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة”.
وشدد القيادي في حركة حماس سامي أبو زهري اليوم الثلاثاء على أن احترام اتفاق وقف إطلاق النار هو الطريق الوحيد لإعادة الأسرى.
وقال أبو زهري لوكالة رويترز: “على ترمب أن يتذكر أن هناك اتفاقًا وأنه يجب احترامه من الطرفين، وهذا هو الطريق الوحيد لعودة الأسرى”، مؤكدًا أنّ “لغة التهديدات ليس لها قيمة وتزيد من تعقيد الأمور”.
مخاوف من عودة الحرب على غزة
وحسب مراسل التلفزيون العربي من دير البلح عبد الله مقداد، فإن هناك حالة من القلق والتوتر في غزة، بعد تصريحات ترمب بشأن غزة، وبعد تأجيل تسليم الدفعة المقبلة من الأسرى الإسرائيليين.
وأضاف أن هذه الأمور، أثارت الكثير من التساؤلات والمخاوف اليوم لدى الفلسطينيين، خشية من عودة الحرب مجددًا إلى قطاع غزة.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يومًا، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وبدعم أميركي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة، أسفرت عن نحو 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
وأوضح مراسل التلفزيون العربي، أن حال الفلسطينيين الذين خرجوا من حرب مدمرة استمرت 15 شهرًا صعبة جدًا في ظل ما يعانونه من مآسي كبيرة وكثيرة جدًا خلفتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وفيما تحدث عن الدمار الذي تعرض لها قطاع غزة، أشار مراسلنا إلى خطورة استمرار المماطلة في تنفيذ الشق الإنساني في عملية إعادة إدخال المواد الإنسانية والمساعدات والمعدات الثقيلة.
“إعلان حرب لاقتلاع شعبنا”
في غضون ذلك، نددت فصائل فلسطينية اليوم الثلاثاء، بمخطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب للاستيلاء على قطاع غزة وشرائه وتهجير الفلسطينيين منه، واعتبرته “إعلان حرب لاقتلاع الشعب منه”.
جاء ذلك في بيان صدر عن لجنة المتابعة في ائتلاف القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية بغزة (يضم معظم الفصائل)، تعقيبًا على تصريحات ترمب التي كان آخرها مساء الأحد، حيث قال للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية إنه “ملتزم بشراء غزة وامتلاكها”.
وقالت الفصائل: “تصريحات ترمب الأخيرة تُعبر عن الوجه الحقيقي للشراكة الأميركية الصهيونية في العدوان على شعبنا، وهي بمثابة إعلان حرب جديدة تستهدف اقتلاع أهلنا من القطاع”.
وتابعت: “هذه التصريحات تُمثل إشارة خطيرة إلى نوايا الإدارة الأميركية القادمة، ما يستوجب موقفًا عربيًا ودوليًا حازمًا لإفشال هذه المخططات”.
ودعت الفصائل القمة العربية التي تستضيفها مصر في 27 فبراير/ شباط الجاري إلى “اتخاذ خطوات عملية ومباشرة ولعب دور محوري ومؤثر لمواجهة هذه المخططات الإجرامية”.
وطالبت بضرورة “قطع الطريق أمام أي مشاريع توطين أو تهجير للفلسطينيين تحت أي صيغة أو غطاء سياسي أو إنساني”.
كما دعت الفصائل الفلسطينية إلى حراك عربي فوري على المستوى الدولي سياسيًا وقانونيًا لفضح الجرائم الإسرائيلية.
وأشارت إلى أن صمود الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وداخل إسرائيل يتطلب دعمًا سياسيًا وماديًا مباشرًا لتعزيز “مقاومته وتثبيته على أرضه”.
وشددت على أهمية رفض الدول العربية لأي ضغوط أميركية لتمرير مخططات التهجير القسري، معتبرة أي تهاون في هذا الإطار “تواطؤا مباشرًا مع الاحتلال في جرائمه المستمرة”.
وختمت الفصائل بتأكيد أنه “لا تهجير، لا اقتلاع، لا استسلام، غزة ستبقى عصية وفلسطين كلها لن تكون إلا لأهلها”.
وفي 4 فبراير/ شباط الجاري، كشف ترمب بمؤتمر صحفي جمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، عن عزم بلاده الاستيلاء على غزة بعد تهجير الفلسطينيين منها إلى دول أخرى.
ولم يستبعد ترامب إمكانية نشر قوات أميركية لدعم إعادة إعمار غزة، متوقعاً أن تكون للولايات المتحدة “ملكية طويلة الأمد” في القطاع الفلسطيني، فيما رحب نتنياهو بخطة ترمب معتبرًا أنها “أول فكرة جديدة منذ سنوات”.
ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، يروج ترمب لمخطط تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة، مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.