شهدت مصر، خلال الأيام القليلة الماضية، حالتَي انتحار لرجلين بالأسلوب نفسه، حيث أقدما على تناول “حبة الغلة” السامة، فيما قام أحدهما ببث عملية انتحاره على منصة فيسبوك مباشرة، وحاول الآخر تسميم طفليه معه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
وتصنّف حبة الغلة في إطار المبيدات الحشرية، وهي حبوب توضع مع الغلال الزراعية لحفظها من الفساد والبكتيريا، لكنها تحتوي على مادة الألومنيوم فوسفيد التي تتحول إلى الفوسفين السام، عند تعرضها للرطوبة.
حاول قتل طفليه
وفي تفاصيل حالتَي الانتحار، فقد ذكرت صحيفة مصرية اليوم السبت، أن رجلًا أقدم على الانتحار في قرية “عزبة راغب”، التابعة لمركز المحلة الكبرى فى محافظة الغربية بمصر، وذلك بعد أن تناول حبة الغلة السامة، وأقدم على مناولة طفليه البالغان 9 و11 سنة حبتين مماثلتين.
وقالت صحيفة “المصري اليوم” إن الرجل الذي أقدم على الانتحار، كان يشكو من أزمة نفسية حادة بسبب حزنه على وفاة زوجته، التي انتحرت بالطريقة نفسها قبل شهرين، وفق تقارير صحفية محلية.
وأشارت الصحيفة نفسها، إلى أن الأب البالغ من العمر 25 عامًا فارق الحياة قبل إسعافه، بسبب تناوله كمية من حبوب الغلة السامة، فيما تم إنقاذ الطفلين بعد نقلهما إلى المستشفى التي أجرت لهما عملية غسيل معدة سريعة، وقدمت لهما الإسعافات الطبية اللازمة.
انتحار على “فيسبوك”
وتأتي هذه الحادثة، بعد 3 أيام على انتحار شاب في السابعة والعشرين من عمره بالحبة نفسها، في قرية برمبال الجديدة، مركز منية النصر بمحافظة الدقهلية، حيث أقدم مصطفى أبو الوفا على تناول الحبوب السامة، في بث مباشر على صفحته الخاصة في منصة فيسبوك، وهي واقعة صدمت الرأي العام.
الشاب مصطفى أبو الوفا- فيسبوك خاص
وخلال البث الذي امتد لـ 22 ثانية، وفق صحيفة “الشروق” المصرية، قال مصطفى: “ذنبي في رقبة كل من ظلمني، لن أسامح أي شخص ظلمني، حسبي الله ونعم الوكيل في الذي ظلمني”، فيما بدا الشاب وكأنه يتحدث مع شخص آخر، ليؤكد له أن ما يفعله ليس على سبيل المزاح.
حبوب الغلة السامة
مؤسس حملة “أرواحنا مش رخيصة لا لبيع حبة الغلة القاتلة” محمد عبد الغني شادي، قال لصحيفة الشروق إن الشاب “عند وصوله إلى المستشفى أُجريت له الإسعافات الأولية وأُعطيَ 6 عبوات برافين، وتم حجزه بالعناية ومتابعته من أكثر من طبيب أخصائي باطنة وعناية، لكن الوفاة كانت قدره”.
وأضاف شادي أن هذه الحبة القاتلة شديدة السمية، بمجرد تناولها بالفم يبدأ مفعولها ومع امتصاصها الكامل، يحدث نزيف شديد في مختلف أعضاء الجسم، وفي النهاية يموت الشخص في غضون ساعة أو أقل، مؤكدًا أن النتيجة الحتمية لتناولها الموت.
وتلقب حبوب الغلة في مصر بـ”القاتل الصامت” لانتشارها بكثافة في الأرياف، حيث شهدت محافظة الشرقية عام 2020، وفاة ثلاث فتيات تناولن تلك الحبوب من باب الفضول، ما أثار جدلا واسعًا في البلاد بشأن انتشار ذلك السم في الشارع المحلي.
وتقول صحيفة “اليوم السابع” إن هذه الحبوب انتشرت بكثافة في البلاد عام 2015، وبعد تكرار حالات الانتحار، تحرك برلمانيون لمنع استيرادها وجرى تقنين استخدامها وتشديد الرقابة على بيعها بأمر من وزارة الصحة، فيما أصدرت دار الإفتاء المصري فتوى تحرم تناولها.
يذكر أن مصر شهدت 322 حالة انتحار خلال العام الماضي، وفق دراسة للؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، وذلك خلال الفترة الممتدة من أبريل/ نيسان 2023 حتى مارس/ آذار 2024.
وتنوعت أسباب الانتحار، بحسب التقرير نفسه، وكانت الأزمات النفسية أبرز تلك الأسباب، حيث دفعت 146 شخصًا للانتحار، فيما حلّت الخلافات الأسرية كسبب آخر، بـ45 حالة انتحار، فالاكتئاب والأمراض النفسية، وكذلك حالات ترتبط بالزواج والخطوبة، والديون والإدمان.